المنتخب الفلسطيني يتعادل مع نظيره الأردني في أول مباراة دولية على أرض فلسطينية

بلاتر لأبو مازن قبل افتتاح استاد فيصل الحسيني الدولي: للكرة مرمى آخر وهو مرمى السلام * هنية يهاتف الرجوب متمنيا الفوز * المشجعون هتفوا دعما لمنتخبهم «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين»

لاعبون فلسطينون يسجدون لله قبل بداية المباراة التي جمعت بينهم وبين المنتخب الأردني في الضفة الغربية أمس (رويترز)
TT

تعادل امس على ملعب فيصل الحسيني الدولي في منطقة الرام على مشارف القدس المحتلة، منتخبا فلسطين والاردن في المباراة الافتتاحية لهذا الملعب بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» جوزيف بلاتر. وقال بلاتر في كلمة الافتتاح، ان لكرة القدم اهدافا اخرى غير التهديف، «انها السبيل والامل في الوصول الى السلام، وانها عامل اقتصاد وسلام وأمن».

وخاطب بلاتر ابو مازن، قائلا «آمل ان تحققوا أنتم أهدافكم السياسية كما نحن نحقق اهدافنا من تمرير الكرة». وكان بلاتر قد وصل الى رام الله امس، قادما من عمان، يرافقه محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ونضال الحديد نائب رئيس الاتحاد الاردني، ولفيف من مسؤولي كرة القدم في العالم، لافتتاح ستاد فيصل الحسيني، وهو اول استاد دولي معترف به في الاراضي الفلسطينية. وحظيت زيارة بلاتر التي وصفت بالتاريخية، باستقبال رسمي وشعبي، وكان في انتظار «امبراطور الفيفا»، ابو مازن ورئيس وزرائه سلام فياض ورئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني جبريل الرجوب.

وامتلأ مدرج ستاد فيصل الحسيني، بحوالي 7000 متفرج، وهو اكثر من سعته (6000)، بحوالي الف، قبل ساعتين من موعد انطلاق صفارة الحكم معلنة بدء المباراة. وتدافع الفلسطينيون بشكل كبير لتشجيع منتخبهم. وقال مهند مهنا «اتيت اليوم لأشجع فلسطين اكثر من المنتخب، اشعر ان لي دولة طالما لي منتخب». اما صديقه طارق فقال انه يشعر انه يشارك في تظاهرة وطنية، وليس مجرد كرة قدم. وكان الشابان يرتديان الكوفية الفلسطينية ويلوحان بعلم ومدفوعين بحرارة كبيرة.

وبدا المشهد في ملعب فيصل الحسيني، كأنه اشبه فعلا، بمظاهرة وطنية، وظلت مكبرات الصوت تردد الاغاني لأكثر من ساعة، «عليّ الكوفية عليّ ولولح فيها»، قبل حضور بلاتر، الذي ظل لأكثر من 15 دقيقة يجوب الملعب برفقة فياض والرجوب، ويلوح للجماهير الفلسطينية، التي كانت تبادله التحية وسط هتاف موحد «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين». وتفاعل بلاتر مع الجماهير الفلسطينية بشكل ملحوظ وذهب نحو بعضهم وقام بمصافحتهم من خلف الاسلاك التي تفصل المدرجات عن ارض الملعب وسط حضور امني مكثف حول المربع الاخضر.

وجاب حوالي 60 طفلا الملعب يحملون العلمين الفلسطيني والاردني وعلم الفيفا. وعلقت 3 صور كبيرة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وابو مازن والملك الاردني عبد الله الثاني.

وقال ناصر العباسي الناطق الرسمي باسم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم «اردنا تكريم رجل خدم القدس فأطلقنا على الملعب اسم فيصل الحسيني، وأردنا لبلاتر ان يقف على مقربة من القدس وان يرى الجدار الفاصل».

وقاد مباراة المنتخبين الفلسطيني والاردني، الحكم التركي علي بدران، وقاد المنتخب الفلسطيني اللاعب القادم من غزة احمد كشكش، الذي سجل مبكرا في مرمى المنتخب الاردني بعد 10 دقائق، ليكون اول من يسجل لفلسطين على ارض فلسطين، بينما قاد المنتخب الاردني حاتم عقل.

وحرص بلاتر والرجوب على اخذ صور تذكارية مع الفريقين. كما حرص لاعبون وشرطيون على اخذ صور الى جانب بلاتر. وبعد دخول الفريقين الى ارض الملعب تم ترديد السلامين، الملكي الاردني والوطني الفلسطيني.

وينظر الفلسطينيون باهتمام كبير الى المباراة الاولى المعترف بها دوليا على ارضهم. وتعهد الرجوب بأنه بعد اليوم (أمس)، فانه لن يسمح بإقامة أية مباراة دولية، بيتيه، للفرق او المنتخب الفلسطيني خارج الاراضي الفلسطينية.

وكانت الفرق الفلسطينية، قد اعتادت على إجراء مبارياتها المقررة على ارضها مع الفرق والمنتخبات العربية، على ملاعب في الدول العربية المجاورة، بسبب الأوضاع الامنية والسياسية المعقدة. وقال الصحافي الرياضي يحيى نافع «ستضطر اسرائيل لمنح المنتخبات العربية تصاريح للدخول الى فلسطين، هذا احد اشكال الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هذا ربما اهم من اي تحرك سياسي آخر».

وفي لفتة مميزة، هاتف رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية الرجوب قبل بداية المباراة متمنيا التوفيق للمنتخب. وكان الرجوب قد قال قبل يومين انه يعتبر هنية رمزا من رموز الكرة الفلسطينية. وكانت بعثة المنتخب الاردني قد وصلت يوم الجمعة الماضي، الى رام الله عن طريق جسر الكرامة (الملك حسين)، بعدما كان من المفترض ان تصل قبل يوم، إلا ان الاسرائيليين عرقلوا وصولها بحجج تدقيق واستكمال بعض الأوراق. وقال مدير المنتخب الاردني احمد قطيشات «كل هذه المشقة تهون في سبيل وجودنا هنا على الاراضي الفلسطينية، ونحن سعداء جدا بذلك». وعند وصول بلاتر الى رام الله، توجه الى قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات ووضع اكليلا من الزهور على ضريحه، قبل ان يفتتح الدوري النسائي الذي يحمل اسمه في سرية رام الله، ووقف بلاتر في السرية، وحيى الشعب الفلسطيني وقدم علم الفيفا لرؤساء الفرق النسائية الـ 6 المشاركة، كهدية رمزية، وصافح مع ابو مازن اعضاء الفرق.

وقال بلاتر، انه سعيد وفخور جدا كونه بين الفلسطينيين اليوم، ومن ثم ركل بلاتر بنفسه الركلة الاولى للكرة، إيذانا بانطلاق دوري الشهيد ياسر عرفات النسوي. وقال «أريد أن أقول لكم إن كرة القدم هي الأمل والسبيل لنا ولكم في الوصول الى السلام».

وافتتح بلاتر ملعبا آخر في رام الله، قبل افتتاحه ستاد فيصل الحسيني، وهو ملعب ماجد اسعد الذي من المفترض ان يتحول الى مدينة رياضية. وفي رحلته في رام الله توقف بلاتر لتناول الغداء على مائدة ابو مازن، الذي منحه الى جانب محمد بن همام، والامير علي بن الحسين الذي اعتذر عن الحضور، أوسمة القدس. وقال بلاتر لابو مازن «لقد دخلت اول مرة من بوابة غزة وها أنا أعود مرة ثانية، وقتها كان معي لاعب استثنائي وكبير وهو ميشيل بلاتيني، والتقينا بياسر عرفات، ولي الفخر ان افتتح دوري كرة قدم النسائي باسمه اليوم.. هل تتخيلون دوري كرة قدم نسائيا هنا، وتحت اسم ياسر عرفات؟ هذا شيء تاريخي». وأكد بلاتر وهو يحرك قدمه كمن يرمي الكرة، «أن هدف وجودي هنا ليس لتمرير الكرة بل لدعم الشعب الفلسطيني في العملية السياسية، وكما لنا أهداف بتمرير الكرة أتمنى أن تحققوا اهدافكم السياسية». وأضاف «كرة القدم لا تتعلق برمي الكرة فقط، ان لديها عامل اقتصاد وأملا وسلاما».

اما ابو مازن فتمنى «لو كانت الأوضاع السياسية أفضل وأن تتحسن الأمور بيننا وبين إسرائيل لإقامة دولتين، دولة فلسطين ودولة إسرائيل تعيشان جنباً إلى جنب بسلام».