قيادي في «التقدم والاشتراكية»: الأزمة المالية فرصة لليسار بالمغرب حتى يجدد نفسه

السعدي ينتقد قوى اليسار ويحذرها من «أوهام الحلول الليبرالية»

سعيد السعدي يتوسط المنسق الجهوي لحزب التقدم والاشتراكية في منطقة سوس ماسة، ومسؤولة عن فرع الحزب في محافظة أكادير («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن الدكتور محمد سعيد السعدي، الخبير الاقتصادي المغربي والقيادي في حزب التقدم والاشتراكية (يسار مشارك في الحكومة)، أن الأزمة المالية العالمية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية تعتبر فرصة سانحة لقوى اليسار في المغرب ليجدد نفسه، وذلك بإعادة تعريف مفهوم اليسار، واعتماد الوضوح الفكري والآيديولوجي والسياسي.

وقدم السعدي، الذي استقال أخيراً من المكتب السياسي لذات الحزب، نقدا ذاتيا لأحزاب اليسار المغربية التي تولت تدبير الشأن العام في المغرب منذ تنصيب حكومة عبد الرحمن اليوسفي في 14 مارس (آذار) 1998، والتي تقلد فيها حقيبة وزارية، حيث أكد على «وجوب إحداث قطيعة مع أوهام الحلول الليبرالية» التي تبنتها قوى اليسار المغربية، التي مارست العمل الحكومي.

وأكد السعدي الذي كان يتحدث خلال لقاء مفتوح نظمه مساء أول من أمس فرع حزب التقدم والاشتراكية في اكادير، حول موضوع «اليسار المغربي، وأزمة الرأسمالية العالمية» أن ما آلت إليه الأوضاع في المغرب نتيجة للاختيارات الليبرالية وفي ظل الأزمة العالمية الحالية يسائل قوى اليسار في المغرب لاسيما منها الأحزاب التي مارست العمل الحكومي.

وأشار السعدي إلى أن الحلول الليبرالية التي راهن عليها المغرب، والتي ترتكز بالخصوص على جلب الاستثمارات الخارجية، والخصخصة، وتوقيع اتفاقيات التبادل الحر، ورفع القيود عن حرية المبادرة في المجال الاقتصادي، تظل ممزوجة بما سماه «تنقيحات بنفحات اجتماعية» لم تكن في صالح المغرب، ولا حتى في صالح الدول الليبرالية المتقدمة.

واستشهد في هذا الإطار بإقدام الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة في ظل الأزمة المالية العالمية الحالية على ضخ 700 مليار دولار كسيولة في خزائن اللبنوك لإنقاذ الاقتصاد الأميركي من الانهيار، وكذلك الشأن بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي التي قامت بعملية مماثلة وصلت قيمتها ألفا و300 مليار يورو، فضلا عن لجوء الحكومتين الأميركية والبريطانية مضطرتين إلى القيام بتأميم بعض المؤسسات المالية، ودعوة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لإحداث صناديق استراتيجية للتمويل.

وارتباطا بذلك، لاحظ أنه لا يعقل أن تلجأ الدول الصناعية ذات الاقتصاد القوي والمهيكل إلى تأميم بعض المنشآت، واستمرار المغرب على النقيض من ذلك في مسلسل خصخصة المؤسسات العمومية خاصة الإستراتيجية منها، حتى من دون تقييم لعمليات الخصخصة السابقة.

كما سجل أن مقولة «الدولة هي المشكلة، وليست هي الحل» التي يدافع عنها أنصار«النيو ليبرالية» ودعاة العولمة الاقتصادية بصفتها قدرا محتوما، أثبتت الوقائع الحالية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية أن الدولة ما زالت قادرة على القيام بأدوار نبيلة في صالح الاقتصاد والمجتمع، وهذا من صميم القيم التي يؤمن بها اليسار.

وخلص السعدي إلى القول إن اليسار المغربي مدعو إلى مراجعة أوراقه، وتجديد نفسه، وذلك بتوسيع قاعدته لتشمل إلى جانب الأحزاب السياسية، كلا من المنظمات النقابية، والحركات الاجتماعية التي تحمي الفئات المستضعفة، والهيئات النسائية التقدمية، وغيرها من الحركات الأخرى وذلك بما يساهم في خلق مفهوم جديد لليسار يلائم القرن الـ21، ويمكنه بالتالي أن يساهم في خلق ميزان قوى جديد.