الكويت: نائب معارض يهدد باستجواب رئيس الحكومة لإخفاقه في معالجة عدد من الأزمات

18 من النواب تجمعوا في مكتب الخرافي لمعالجة الأزمة مؤكدين ضرر الخطوة على البلاد والاقتصاد

TT

أعلن النائب الكويتي المعارض أحمد المليفي أمس، اعتزامه تقديم طلب استجواب بحق رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد يوم السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بداعي وجود تجاوزات مالية في ديوان رئيس مجلس الوزراء، وإخفاق الحكومة في التعامل مع أزمتي المال العالمية والرياضة، بعد قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم، تجميد نشاط الكويت الكروي حتى إشعار آخر.

وسبق أن صعّد النائب المليفي، ضد رئيس مجلس الوزراء في أكثر من ملف طوال عام، أهمها وجود تجاوزات مالية في مكتبه قدرها بـ16 مليون دينار كويتي (تقارب 60 مليون دولار أميركي)، كما طالب باستبعاده عن رئاسة الحكومة، وهو ما دعا أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، للتأكيد في أكثر من مناسبة، على أن اختيار رئيس مجلس الوزراء حق أصيل له وحده بموجب الدستور.

ويعد طلب الاستجواب، اذا ما قدم، الثاني بحق الشيخ ناصر المحمد في منصبه، الذي تولى رئاسة الحكومة في فبراير (شباط) من عام 2006، إذ سبق أن تقدم ثلاثة نواب هم أحمد السعدون وفيصل المسلم والمليفي نفسه، بطلب مشابه في مايو (أيار) من ذلك العام، لعدم تعامل الحكومة مع ملف تعديل الدوائر الانتخابية المرتبط بإصلاح النظام الانتخابي بالشكل المطلوب، أدى لاحقا إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة أجريت في يونيو (حزيران) 2006.

ورغم أن النائبين الإسلاميين وليد الطبطبائي وضيف الله بو رمية، أعلنا صراحة تأيدهما لاستجواب رئيس الحكومة، الذي تعد هذه الحكومة الرابعة له خلال عامين، اجتمع حوالي 18 نائبا في مكتب رئيس البرلمان جاسم الخرافي، للعمل على معالجة تداعيات هذه الخطوة، وفي محاولة لإسقاط طلب الاستجواب ووأده قبل تقديمه.

وكان لافتا أن الاجتماع الذي ضم ممثلي جميع الكتل والتوجهات السياسية، غابت عنه كتلة العمل الشعبي التي يرأسها النائب المعارض أحمد السعدون، وهو ما أُعتبر إشارة إلى موافقة الكتلة ضمنيا على الدخول شريكا في الاستجواب، بحسب مصادر مقربة من الكتلة، خاصة أن السعدون سبق وأن سُرب عنه عزمه تقديم استجواب مماثل لرئيس الحكومة ويتضمن محورا ذا صلة بموضوع مخالفات شابت اعتزام الحكومة، إنشاء مصفاة تكرير نفط رابعة.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن عددا من النواب بحثوا إمكانية ثني النائب أحمد المليفي من المضي قدما بتقديم استجوابه لرئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد، واستمهاله بتحديد إطار زمني لمعالجة القضايا التي طرحها قبل الشروع في تقديم استجوابه، الذي سيؤدي إلى تطبيق واحد من ثلاثة سيناريوهات أخفها وطأة صعود رئيس الحكومة لمنصة الاستجواب، والاكتفاء بعد المناقشة بتشكيل لجة تحقيق، أو اللجوء إلى الخيارات الدستورية، التي تجيز لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، إما إقالة الحكومة أو حل البرلمان، وهو السيناريو الذي يحاول معظم النواب تحاشيه، كونهم خرجوا في مايو الماضي من انتخابات نيابية مبكرة أثقلت عليهم ماديا ومعنويا.

ولخص زعيم كتلة السلف البرلمانية النائب خالد السلطان، مواقف زملائه النواب الذين حضروا الاجتماع بالقول، إن «عددا من أعضاء مجلس الأمة (البرلمان) لا يميلون لتأييد الاستجواب المزمع تقديمه من النائب أحمد المليفي لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد».

واعتبر السلطان أن «استقراء الوضع السياسي بشأن الاستجواب ونتائجه، يشير إلى أن هذا الاستجواب ليس في محله، وليس في مصلحة الكويت في الوقت الحاضر، ومن لديه رأي يخص رئيس الوزراء، فباستطاعته أن يبدي رأيه له، لكن ليس باستخدام الاستجواب، نظرا لأن نتائج الاستجواب ستكون سلبية على الوضع السياسي والاقتصادي في البلد».

أما رئيس اللجنة التشريعية البرلمانية النائب ناصر الدويلة، فأشار إلى أن زميله المليفي «اتخذ قراره بشكل فردي، وفي ظروف صعبة جدا، من دون التشاور مع القوى السياسية أو أي من نواب البرلمان»، وطالب بـ«عدم جر مجلس الأمة والحكومة للتصادم في مثل هذه الظروف الكارثية، لأن ذلك أمر غير مسؤول وليس في محله»، ومستنكرا استخدام الأدوات الرقابية كمعاول هدم، «وإن كان حق الاستجواب مكفولا لكل نائب، إلا أن استخدامه يجب أن يكون وفق مقتضيات المصلحة العامة ومصلحة البلد».

وتعود خلفيات الملف ـ الأزمة إلى الربع الأول من العام الحالي، حينما صعّد النائب المعارض أحمد المليفي الأمر على رئيس الحكومة ناصر المحمد بداعي وجود تجاوزات مالية في مصروفات مكتبه، ثم عاد وفتح الملف ذاته إبان حملته الانتخابية في مايو الماضي، وتم التحقيق معه في قضية اختصمه فيها رئيس الحكومة، إلا أن النيابة العامة حفظتها لاحقا، ما رأى فيه المليفي تأكيدا لسلامة موقفه القانوني، فعاد وفتح الملف، مطالبا بإحالته إلى ديوان المحاسبة، وهو أعلى جهة رقابية تعنى بمتابعة سلامة الإجراءات المالية الحكومية في البلاد.

وكان ديوان المحاسبة، قد أصدر نهاية الأسبوع الماضي، تقريرا بشأن مصروفات ديوان رئيس مجلس الوزراء، بين فيه ورود جملة من المخالفات المالية والإجرائية، التي شابت عمليات صرف تمت في ديوان رئيس مجلس الوزراء، لكن المليفي طالب بعدم التعاطي مع التقرير على أنه صك براءة لرئيس الحكومة، خاصة أن بعض فقراته احتوت إدانة كاملة لتقصيره وتجاوزاته المالية، مطالبا إياه بتقديم استقالته. ونشر موقع «الآن» الإخباري المحلي، مقتطفات من تقرير ديوان المحاسبة بشأن التحقيق في مصروفات مكتب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، رصدت فيه ثماني مخالفات إجرائية شابت علميات صرف 16 مليون دينار كويتي (تقارب 60 مليون دولار أميركي) في ديوان رئيس الوزراء خلال الفترة الممتدة بين أبريل (نيسان) 2007 وحتى أبريل الماضي، من بينها الصرف من بند غير معتمد من قبل وزارة المالية، أدى إلى تداخل في مصروفات الضيافة والحفلات والهدايا مع الرحلات الخاصة، إلى جانب ضعف إجراءات الرقابة الداخلية وعدم اتباع الدورة المستندية عند شراء وتسلم وصرف هدايا بقيمة 14 مليون دينار كويتي، كما تم استخدام اعتمادات مالية مخصصة لديوان رئيس الوزراء لتمويل شراء الهدايا في جهات أخرى، خصمت قيمتها من ميزانية ديوان رئيس الحكومة، وكذلك شيوع المسؤولية وعدم تحديد المهام والاختصاصات للقائمين على شراء الهدايا.