ماكين والحزب الجمهوري في أسوأ أيامهما.. والولايات المؤيدة لبوش تحسم معركة الرئاسة

TT

في خضم المنافسة بين المرشحين الرئاسيين وقربهما من الأسبوع الأخير لحملتهما الانتخابية، يخطط كلا المرشحين لقضاء كل أوقاتهما تقريبا في الولايات التي حقق فيها الرئيس جورج بوش نصرا واضحا في الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي يعد أبلغ دليل على الموقف السيئ الذي يمر به جون ماكين وحزبه الجمهوري، مع اقتراب يوم الفصل الحاسم في الانتخابات. ومع زيادة التفاؤل داخل الدوائر الديمقراطية، سيقدم باراك أوباما، الاثنين المقبل، ما وصفه مساعدوه بأنه خطاب تقييمي أو تلخيصي لحملته الانتخابية في كانتون (أوهايو)، وفيه سيكرر الموضوعات التي طرحها للمرة الأولى في فبراير (شباط) 2007، عندما بدأ حملته الانتخابية للرئاسة. ويشير مساعدو أوباما إلى أن الموضوعات التي سيتضمنها الخطاب، ستضم هجوما على ماكين، والتأكيد على الموضوعات العامة الأقل حزبية من غيرها، مثل الحاجة إلى توحيد البلاد بعد الانتخابات العسيرة التي شهدتها.

أما ماكين، فقد توجه إلى بنسلفانيا، الولاية التي شهدت فوز الديمقراطيين عام 2004، وهناك فرصة ضئيلة بالنسبة له لتحقيق فوز في تلك الولاية، وهي وجهة نظر لا يتفق عليها مساعدو أوباما. ومع ذلك، يخطط ماكين، ومرشحته لمنصب نائب الرئيس سارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا، لقضاء معظم أوقاتهما في فلوريدا، وأوهايو، وفيرجينيا، ونورث كارولينا، وميسوري، وإنديانا، وهي الولايات التي دخل الحزب الجمهوري الانتخابات وفي اعتقاده أن بإمكانه الاعتماد عليها. وسيلتزم ماكين بالرسالة التي اعتنقها على مدار الأسبوع الماضي، حيث أشار إلى أن أوباما يعتبر مؤيدا ومناصرا للحكومة الكبيرة ولزيادة الضرائب. وأوضح مستشاروه إلى أنهم سيقللون من الاجتماعات الحاشدة، حيث يظهر هو وبالين معا، وذلك للهيمنة على قدر كبير من القاعدة الانتخابية خلال الأيام الأخيرة. وبينما يشير بعض الجمهوريين إلى أن الأمل ما زال يحدوهم بأن ماكين باستطاعته الانسحاب، فإن ثمة بوادر قلق عميق بأن ماكين والحزب الجمهوري متجهان نحو هزيمة كبيرة من شأنها أن تترك الحزب ضعيفا لسنوات. ويقول نيوت غنغريتش، الرئيس الجمهوري السابق لمجلس النواب، في لقاء أُجري معه: «أي جمهوري جاد يتعين عليه أن يطرح سؤالا: كيف وصلنا إلى هذه الفوضى؟ إنه ليس أين يتعين علينا أن نكون، وليس أين كان يتعين علينا أن نكون. إن هذا ليس سوء حظ».

وفي الوقت الذي يحاول فيه أوباما استغلال أمواله ومنظمته السياسية لمحاولة توسيع خارطته السياسية، بات من الواضح أن ماكين مجبر على محاولة حشد الدعم والتأييد من ولايات مثل إنديانا، ونورث كارولينا، الولايتين اللتين لم يظفر بهما حزبه منذ عقود. ولاح نوع من الخلاف والجدل حتى بين أوساط الجمهوريين بعد قرار ماكين خوض حملته الانتخابية الأحد في ولاية أيوا ـ بعد يوم واحد من قيام بالين بحملة انتخابية هناك ـ حيث أشار الجمهوريون إلى أن الاقتراعات أظهرت أن أوباما متقدم بشدة في تلك الولاية. كما أن القرار أوضح أيضا محدودية خيارات الجمهوريين، إذ يشير استفتاء تلو الآخر إلى أن أوباما ماض في توطيد وترسيخ موقفه. وقد وجد ماكين لحشود قليلة العدد نسبيا ـ مقارنة بالذين تحولوا للوقوف إلى جانب أوباما ـ حتى على الرغم من أنه يخوض الانتخابات في الولايات التي تعتبر ساحة منازلة. وقد بدا أن الحزب الجمهوري يعتريه تشويش من جراء الصراع الداخلي فيه، فقدت بدت علامات التوتر في الظهور بين مستشاري بالين وفريق العمل الخاص بها، كما تتعرض الحملة أيضا إلى انتقادات عامة غير معتادة من البقية الباقية من الجمهوريين، وتدور انتقاداتهم حول الكيفية التي أدار بها مستشارو ماكين هذا السباق الانتخابي. ويقول الديمقراطيون والجمهوريون إن هناك علامات بأن تأييد ولايتي جورجيا، وكارولينا الجنوبية ـ اللتين كان لهما في يوم من الأيام حضور وتأييد جمهوري ساحق ـ قد انحسر إلى حد ما، ويرجع هذا الأمر جزئيا إلى ارتفاع الاقتراعات المبكرة للأميركيين الأفارقة. وقد ربح أوباما في ولايات كان فوزه فيها بعيد الاحتمال ـ كما لم تكن لديه خطط في جولاته السفر إليها ـ إلا أن هذا يعد علامة على مدى التقلب الذي حدث في هذا العام، كما أن هناك الكثير من الولايات الأخرى ـ غير تلك التي حُسم أمرها ـ ستظهر على ساحة المنافسة مع اقتراب يوم الانتخابات. ويقول مساعدو ماكين إنهم ما زالوا واثقين من أن بإمكانهم الفوز، كما أشاروا إلى أن مرشحهم ليست لديه أي نوايا أو خطط لتقديم أي نوع من الخطابات الختامية الرسمية، وهو ما يقوم به أوباما في الوقت الحالي، وأنه بدلا من ذلك سيتجه إلى طرق القضايا الداخلية على غرار الضرائب، والإنفاق، والتي يشيرون إلى أنها من الممكن أن تمنحهم دفعة ما. ويقول نيكول والاس ـ المستشار البارز لماكين: «إننا مطمئنون بأنه عندما يسمع الشعب رسالة توزيع الثروة في مقابل زيادة الضرائب، فإنهم سوف يستجيبون. إن الأمر يتمثل فقط في قدرتنا على توصيل رسالتنا مع ذلك الزخم الإعلاني الذي يقوم به أوباما».

وتشير دلالات الأيام الأخيرة للانتخابات إلى بزوغ نجم الاستراتيجية التي وضعها مستشارو أوباما منذ بداية الانتخابات، ألا وهي: استخدام قدر كبير من أموال التبرعات لمحاولة جذب الكثير من الولايات في السباق الانتخابي قدر الإمكان، وإرباك ماكين في الأيام الأخيرة للانتخابات. ويوضح ديفيد بلوفي، مدير حملة أوباما الانتخابية: «إنها خارطة كبيرة في الوقت الحالي، لذا فإنه يتعين عليك ان تكون حاضرا في العديد من الولايات على مدار الأيام الثمانية الأخيرة». وكما يتضح هذه الأيام، فإن أوباما يخطط لزيارة ولاية بنسلفانيا، وهي الولاية الوحيدة التي تميل نحو الديمقراطيين ويزورها أوباما، ويعد هذا ردا دامغا على ما أشار إليه مستشارو أوباما بأن ماكين أخطأ في وضع ثقته بأنه يمكنه الفوز في تلك الولاية. والأكثر غرابة، أن أوباما يخطط للقيام بدفعة قوية لتعزيز موقفه في ولاية فلوريدا، وذلك بعد أن أشارت حملته الأسبوع الماضي إلى اقتناعه بأن لديه فرصة حقيقية للفوز هناك. ومن المتوقع أن يقضي أوباما يومين على الأقل في تلك الولاية، وسيشمل ذلك اجتماعا حاشدا في وقت متأخر ليلا مع الرئيس السابق بيل كلينتون، الأربعاء، في أورلاندو، والمخطط له أن يتزامن مع أخبار الساعة الحادية عشرة. وأشار مساعدو أوباما إلى أن خطابه الختامي ـ والذي كتبه جون فافيرو أبرز كتاب خطاباته ـ سيعود إلى الموضوع الذي طرحه عندما أعلن ترشيحه وسيدعو فيه إلى التغيير. ويوضح مستشارو أوباما أنه بعد تلك الحملة الطويلة والعسيرة، فإنهم يتوقعون أن يكون المقترعون تواقين إلى هذا النوع من المناشدة الإيجابية لختام السباق الانتخابي. وأشاروا كذلك إلى أنه في الوقت الذي سيضعف فيه الهجوم على ماكين إلا أنه لن يتلاشى تماما. ويقول ديفيد أكسيلورد، كبير استراتيجي أوباما: «إن موقفنا جيد حتى الآن، ومع ذلك فإن تسعة أيام تعد وقتا طويلا، وقد حان الوقت لتلخيص هذه القضية في نهاية موسعة».

ومن المنتظر أن يسلط أوباما الضوء على حجته الانتخابية الختامية خلال إعلان تلفزيوني يستمر لمدة 30 دقيقة ستبثه جميع المحطات التلفزيونية الكبرى الأربعاء، في خطوة مكلفة ونادرة من نوعها لمرشح رئاسي. من ناحيتهم، أكد مساعدو أوباما أنهم بذلوا الكثير من الجهد كي لا تسفر استطلاعات الرأي التي تُظهر تقدم أوباما عن إصابتهم بالخمول والاكتفاء بما حققوه.

يذكر أن السيناتور جوزيف بايدن، الذي يخوض الانتخابات بجانب أوباما كنائب له، حظر عقد أي مناقشات حول نتائج الانتخابات أو أحداث ما بعد يوم الانتخابات، حسبما أشار ديفيد ويد، سكرتيره الصحافي. وقال ويد عن بايدن: «إن هذا شخص سبق له الفوز في سباقه الانتخابي الأول للفوز بعضوية مجلس الشيوخ بفارق 3162 صوتا، ولم يبد أدنى تردد في تذكير معاونيه بأنه يتوقع أن تسير الانتخابات الرئاسية على النهج ذاته».

* خدمة «نيويورك تايمز»