محللون استراتيجيون: الغارة جزء من تكتيك المطاردة الساخنة

بعضهم عدها جزءا من الحرب على الإرهاب.. وآخرون تساءلوا عن موعدها الذي سبق الانتخابات الأميركية بأيام

TT

بينما لم يصدر البيت الابيض تعليقا أمس على أنباء تحدثت عن اختراق قوات اميركية خاصة من العراق الى سورية، وضربها مواقع قرب الحدود، اختلفت ردود افعال المحللين السياسيين في واشنطن ولندن إزائها، ففيما رجح احدهم ان العملية ليست سوى جزء من استراتيجية الحرب على الارهاب وان اختراق الاراضي السورية عبر العراقية يماثل ما يحصل على الحدود بين أفغانستان وباكستان، استبعد آخر تلك النظرية.

وقال دفيد شينكار، مدير برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن لـ«الشرق الاوسط»، إن الاختراق ما هو إلا جزء من تكتيك «هوت بيرسوت» (المطاردة الساخنة)، والذي هو جزء من استراتيجية حرب الارهاب التي وضعتها الحكومة الاميركية بعد هجوم 11 سبتمبر 2001. وأضاف شينكار «ليس هناك جديد في ذلك. عبور الحدود من افغانستان الى باكستان، وعبور الحدود من العراق الى سورية، وعبور حدود اي بلد الى بلد آخر يؤيد الارهاب ويساعد الارهابيين هو اساس استراتيجية محاربة الارهاب». وأضاف شينكار «يجب ان يكون واضحا الآن، للعدو والصديق، ان حرب الارهاب تعني مطاردة الارهابيين في اي بلد. مثلما حدث ويحدث في اليمن، وفي الصومال، وفي الصحراء الكبرى في افريقيا. لهذا، عبور حدود بلد الى بلد آخر ليس إلا جزء من هذا التكتيك». وأضاف شينكار ان الموضوع بالنسبة لسورية ليس فقط مطاردة ارهابيين هربوا من العراق الى سورية، او كانوا يعسكرون في سورية، ولكنه موضوع سورية نفسها، لأنها على رأس دول قائمة الارهاب. وقال شينكار ان «سورية، اكثر من دول اخرى في القائمة، تؤيد تنظيم القاعدة، وتدعمه بصورة مباشرة وغير مباشرة». واشار الى «رجال (القاعدة) الذين بدأوا يدخلون الى العراق عن طريق سورية منذ سنة 2003»، سنة غزو العراق. منوها بتأييد، ودعم، سورية لحزب الله في لبنان. وأشار الى «تأييد سورية للزرقاوي، سواء في العراق، او في الاردن، ودور الزرقاوي في القنابل الكيماوية في الاردن».

من جهته، قال غريم بانرمان، خبير في معهد الشرق الاوسط في واشنطن، ان رفض البيت الابيض، صباح امس، التعليق على الخبر «يدعو للتساؤل عن كيف يحدث شيء ولا يعترف به صاحبه». وأضاف: «اعترف او لم يعترف، الواضح هو ان عملا هجوميا وقع في تلك المنطقة».

وقال بانرمان انه «يفهم ان القوات الاميركية تملك حق مطاردة اعدائها»، لكن اختراق حدود دولة لتحقيق هذا الهدف «يدعو للتساؤل عن سيادة الدولة». وتوقع ان ترفع سورية الموضوع الى مجلس الأمن، وقال: «ستكون المناقشة فرصة لتحديد موقف المجتمع الدولي من حق الدول في مطاردة أعدائها مقابل حق سيادة الدول الأخرى». وقال ان حق مطاردة القوات الاميركية لأعدائها يجد «تأييدا كبيرا» وسط الشعب الاميركي، رغم اختلاف انتماءاته السياسية. وخاصة خلال هذه الايام التي حميت فيها نار الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية. وان السناتور اوباما، مرشح الحزب الديمقراطي، والسناتور ماكين، مرشح الحزب الجمهوري، لا يختلفان حول هذا الموضوع.

ومن ناحيته، قال نديم شحادة محلل شؤون الشرق الاوسط في المعهد الملكي للدراسات الدولية في لندن (تشاتم هاوس)، إن من الصعب التعليق على الهجوم طالما انه لم يصدر تصريح رسمي أميركي يؤكد الحادث. وتساءل شحادة في حديثه لـ«الشرق الاوسط» عن سر توقيت هذه الضربة، قائلا انها «تزامنت مع زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى بريطانيا، وهناك توجه تحو تطبيع العلاقات مع عدة بلدان اوروبية، وهناك تغيير سياسي تجاه سورية ومحاولات بدء الحوار». غير انه اشار الى ان «الكلام الاوروبي يختلف عن الاميركي؛ فالأميركي باق على سياسة عزل سورية، لكن الاوروبي يقول إن سياسية العزل لم تنفع». وأضاف شحادة أن الضربة الاميركية ستشوش على ما سماه بـ«المحادثات القاسية» مع سورية، موضحا ان الهجوم الاميركي «حول سورية لدى جلوسها على طاولة المفاوضات من الدفاع عن النفس الى الوضع الهجومي». وأشار الى المؤتمر الصحافي الذي عقده المعلم في لندن وكيف انه كان «يلعب دور الضحية».