أوساط عراقية: الغارة تؤكد المخاوف من الاتفاق الأمني في مهاجمة دول الجوار

مؤشرات على عدم علم بغداد بالضربة الأميركية على سورية

TT

فيما حذر مسؤولون عراقيون أمس من ان الغارة العسكرية الاميركية التي استهدفت منطقة البو كمال الحدودية مع العراق قد تستخدم من قبل العارضين لإبرام اتفاق أمني بين العراق والولايات المتحدة، قال برلمانيون عراقيون إن لا تبعات قانونية على العراق جراء الغارة لأنه «بلد منقوص السيادة وتحت وصاية الأمم المتحدة». والمعارضون للاتفاقية ومنهم دول اقليمية كإيران كانوا قد أعربوا عن خشيتهم من ان تستخدم الولايات المتحدة الاتفاقية طويلة الأمد لشن هجمات على دول الجوار العراقي انطلاقا من الاراضي العراقية. وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت رفضها لشن هجمات من أراضيها. ويقول محمود عثمان النائب الكردي البارز في البرلمان العراقي، ان الغارة نفذت من دون علم الحكومة العراقية.

وقال عثمان في تصريح لوكالة الاسوشييتد برس ان الهجوم الاميركي على البو كمال السورية «سيستخدم ضد الاتفاقية وسيعطي الايرانيين المسوغ لزيادة تدخلاتهم ضد الاتفاقية»، وأضاف قائلا إن «دول الجوار العراقي سيكون لها سبب وجيه لتكون قلقة حيال الوجود الاميركي المستمر في العراق». من جهته، استبعد لبيد عباوي ان تؤثر الغارة الاميركية التي انطلقت من العراق على المحادثات الامنية بين بلاده والولايات المتحدة، غير أنه أقر بأن الحادث سيستخدم في الجدل بالضد من الاتفاقية. وندد نائب عراقي شيعي، رفض الكشف عن اسمه، بالغارة واصفا اياها بـ«المحبطة والمستفزة». غير انه أكد ان الاتفاق الامني سيمنع الاميركيين من استخدام الاراضي العراقية في مهاجمة دول الجوار، داعيا الى دعم الاتفاق كوسيلة للحيلولة دون تنفيذ هكذا هجمات.

من جهتها، أكدت أسماء الموسوي، النائبة عن التيار الصدري في البرلمان وعضو المكتب السياسي بالتيار، ان الغارة العسكرية على سورية تبرر رفض التيار الصدري للاتفاق الأمني.

وقالت الموسوي لـ«الشرق الأوسط» ان «احداث الاحد الماضي بدت توضح يوماً بعد يوم الحقائق وتبين موضوعية الآراء التي تبناها التيار الصدري حيال رفضه للاتفاقية الامنية». وينفذ اعضاء التيار اعتصاما امام مبنى البرلمان احتجاجا على ابرام الاتفاق. وأضافت الموسوي لـ«الشرق الاوسط» أن «المظاهرة المليونية التي دعا اليها السيد مقتدى الصدر قبل اسبوع من الآن عبرت بشكل لا يقبل الشك عن رأي الجماهير الرافض ببقاء قوات الاحتلال ورفضها الاتفاقية الامنية التي تزمع الحكومة توقيعها مع الولايات المتحدة».

وأكدت الموسوي أن الضربة التي قامت بها القوات الاميركية على إحدى القرى السورية «ما هي إلا واقع يفرض نفسه، وحتى وان وجدت منظمات ارهابية حسب ما يدعون، فان هناك نوعا من الارتباط فيما بينها وبين اميركا»، معتبرة الضربة الاخيرة «اعتداء ضد دولة جارة وصرخة مدوية سوف تذهب بالعراق الى ان يكون منطلقاً لضرب دول الجوار، الأمر الذي سيؤدي الى خلخلة استقرار العراق وزعزعة امن الدول المجاورة والتي ترتبط مع العراق بروابط الدين والعلاقات الاخوية لاسيما وان العراق جزء من الدول العربية والتي تحتفظ فيما بينها بميثاق الجامعة العربية ومواثيق اخرى يجب على العراق احترامها»، مشددة أن «اميركا لديها اجندات معينة وتعد مصلحتها فوق مصلحة العراق»، وأضافت أن «الاحداث الاخيرة جاءت بدون تخويل من العراق والذي شهدت العديد من محافظاته تسلم ملفاتها الامنية، الامر الذي يدعو الى التساؤل لو كان هناك اعتراف بسيادة العراق والملف الامني لكان هناك اطلاع من قبل العراق على ما حصل».

واختتمت الموسوي بالقول «ان تداعيات كثيرة ستحصل وسيكون هناك توجس كبير حيال الاتفاقية والذي هو بالأساس كان موجوداً لدى العديد من الدول المجاورة، واستهداف مناطق سورية زاد من حدة هذا التوجس». ومن جهتها، دانت هيئة علماء المسلمين أحد المراجع الدينية للسنة العرب في العراق العملية العسكرية. وقالت الهيئة التي تعارض الوجود العسكري الاميركي في العراق والحكومة العراقية «في سابقة خطيرة تثبت ادارة الاحتلال الاميركي في العراق بشكل واضح وصريح بالأدلة المادية المحسوسة تلهفها للقيام بما تتيحه لها الاتفاقية التي تعمل على التوقيع عليها مع الحكومة الحالية بكل السبل الممكنة». وأضاف البيان «ان هذه العنجهية الاميركية والاستخفاف المعتاد بأرواح المواطنين قد تجاوز حدود العراق وانتقل الى البلدان العربية الشقيقة التي كانت سورية أولها، ولكنها لن تكون آخرها بالتأكيد.. ما دامت بنود الاتفاقية المزمع توقيعها تتيح لها القيام بالمهام العسكرية التي تريدها انطلاقا من الاراضي العراقية»، حسبما اوردته وكالة رويترز.

الى ذلك، أكدت عالية نصيف جاسم عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية «ان العراق لن يتحمل أي تبعات قانونية دولية جراء استخدام اراضيه من قبل القوات الاميركية بشن غارات جوية على بلدان مجاورة، وذلك لأن قرارات الامم المتحدة وضعته تحت البند السابع، وهنا يكون دولة منقوصة السيادة».

وبينت جاسم ان وضع العراق تحت هذا البند يعفي العراق تماما من أي تبعات قانونية دولية يمكن ان تقوم بها الجارة الشقيقة سورية جراء الضربة الاميركية التي تعرضت لها.

وعن اكتفاء الجانب السوري باستدعاء السفيرين العراقي والاميركي بدمشق وتقديم الاحتجاج بشكل دبلوماسي، وهل هناك توقعات بأن تقوم باتخاذ اجراءات اخرى من خلال قنوات دولية وقانونية اخرى، بينت عالية «اننا الآن في مجال تدارس الاتفاقية الامنية العراقية ـ الاميركية بشأن الخروج من هذا البند (السابع) ليكون العراق كامل السيادة وان كانت هناك حكومة شرعية منتخبة، لكن هناك مستشار اميركي في كل وزارة من الوزارات العراقية، وهنا نرى نحن كبرلمانيين وقانونيين ان هناك مثلبة بالسيادة العراقية وبالتالي أي تبعات قانونية قد تقع على العراق غير صحيحة». وأضافت عضو البرلمان ان على العراق الاحتجاج ايضا على قيام الجانب الاميركي بهذه الغارة الجوية على أراضي دولة عربية؛ فسورية دولة شقيقة وشاركت العراق بالكثير من المحن وكانت الاقرب للعراق من حيث قبول عدد كبير من اللاجئين وان كانت هناك بعض التحفظات لدى بعض العراقيين حول مسألة الحدود ودخول وخروج الخارجين عن القانون من هذه المناطق تحديدا وتبعات ذلك على الوضع الامني العراقي، ورغم ذلك فسورية دولة عربية والعراق جزء من الأمة العربية وامتداده عربي قبل كل شيء.

من جهة اخرى قال مسؤولون عراقيون بارزون إنه ليس لدى الحكومة العراقية علم بالهجوم الذي نفذته القوات الاميركية على بلدة البوكمال السورية الحدودية مساء اول من امس. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ لـ«الشرق الاوسط» «لا نمتلك المعلومات الاكيدة حيال استهداف مناطق سورية»، مؤكداً «نحن بانتظار المعلومات ان تردنا من الجانب الاميركي حول خلفيات الضربة هذه». وكان الدباغ قد صرح في وقت سابق ان «الحكومة العراقية على اتصال مع الجانب الاميركي حول الانباء التي تتحدث عن هجوم على المنطقة الحدودية مع سورية»، مضيفا ان «العراق طلب من السلطات السورية تسليم المجموعة التي تتخذ من سورية مقرا لنشاطاتها المعادية للعراق». الى ذلك، قال نصير العاني رئيس ديوان الرئاسة العراقية لـ«الشرق الاوسط» إنه «على حد علم الرئاسة فان لا علم للعراق بالموضوع».

كما أكد محمود عثمان النائب الكردي البارز في البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني أن «الغارة نفذت من دون علم الحكومة العراقية»، حسبما أوردته وكالة اسوشييتد برس.

من جانبه، قال علي الأديب القيادي البارز في حزب الدعوة وأحد المقربين من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لـ«الشرق الاوسط»، إنه «ليس لدينا معلومات فيما اذا كانت هذه العملية نفذت بعلم الحكومة العراقية أو بدونها»، موضحا ان «بعض العمليات التي ينفذها الجانب الأميركي يكون بالاتفاق مع الحكومة العراقية وهناك عمليات اخرى تتم دون علمها». فيما أكد حسن السنيد، قيادي آخر في حزب الدعوة، ان «ليس لدينا علم أو معلومات حول هذا الأمر».