مصادر أميركية: مقتل زعيم أخطر شبكة لتهريب المسلحين والأسلحة إلى العراق

غموض شديد حول تفاصيل العملية.. والبيت الأبيض والبنتاغون والخارجية الأميركية تمتنع عن التعليق.. ومؤشرات على أن قوات خاصة نفذت العملية

TT

على الرغم من إعلان مسؤول أميركي أمس، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن مهربا كبيرا للمقاتلين الأجانب إلى العراق قتل في الغارة الأميركية على قرية السكرية في منطقة البوكمال السورية المحاذية للحدود العراقية، فان الغموض استمر حول ملابسات وتفاصيل الغارة التي وقعت أول من أمس. فبينما اكتفى البيت الأبيض الأميركي بعبارة «لا تعليق» وأعلنت قوات التحالف بقيادة الجيش الأميركي في العراق أمس أنه لا معلومات لديها حول الغارة، قال مسؤول أميركي، رفض كشف هويته، إن الغارة نفذتها قوات خاصة أميركية، معتبرا أنها بمثابة نجاح ضد المقاتلين الأجانب الناشطين في العراق. وأضاف هذا المسؤول «لقد نجحت العملية»، وتابع «حين تبرز فرصة مهمة يجب انتهازها، خصوصا حين يتصل الأمر بمقاتلين أجانب يدخلون العراق ويهددون قواتنا المسلحة». وأثار هذا الأمر تكهنات بأن الغارة ربما نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أو قوات خاصة لا تعلن عادة تفاصيل عن عملياتها.

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو قد رفضت التعليق على الهجوم ردا على سؤال بواسطة البريد الالكتروني. كذلك، رفض متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس التعليق. وأمتنع عن التعقيب أيضا المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك قائلا «لا أستطيع التعليق على أي تفاصيل أو أي عمليات محددة، وكل ما أستطيع قوله هو ان معركة قاسية تلك التي تدور مع المتطرفين».

وكشف مسؤول أميركي في أجهزة مكافحة الإرهاب، في تصريح نقلته وكالة اسوشييتدبرس، إن الرجل الذي قتلته القوات الأميركية في الغارة كنيته «أبو غادية» ويعتبر زعيم «أهم شبكة سورية لتهريب المقاتلين الأجانب والأسلحة والأموال إلى العراق». من جهتها، أعلنت الحكومة العراقية أن المنطقة التي استهدفتها الغارة «كانت مسرحا لنشاطات تنظيمات معادية للعراق، تنطلق من سورية»، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنها على اتصال مع الجانب الأميركي للحصول على معلومات بشأن الغارة.

وأضافت سورية ذاتها إلى الغموض عندما أشارت في بعض ما أعلن أن من بين القتلى أطفال، إلا أن مراسلين وشهود عيان شاهدوا جثامين القتلى قبل تشييعهم أمس نفوا أن يكون من بين القتلى أطفال أو امرأة. وكانت دمشق قد أعلنت أول من أمس عبر وكالة الأنباء السورية الرسمية مقتل ثمانية أشخاص في الهجوم. وقال مصدر سوري في البيان الذي نقلته الوكالة الرسمية أول من أمس «إن أربع طائرات مروحية أميركية قادمة من العراق قامت بانتهاك الأجواء السورية في منطقة البوكمال عند مزرعة السكرية واستهدفت مبنى مدنياً مما أدى إلى مقتل ثمانية مواطنين هم المواطن داود محمد العبد الله وأولاده الأربعة، والمواطن أحمد خليفة، والمواطن علي عباس الحسن وزوجته، وجرح مواطن آخر، وعادت بعدها الحوامات الأميركية إلى الأجواء العراقية».

وأضاف المصدر أن «سورية إذ تستنكر وتدين هذا العمل العدواني فإنها تحمل القوات الأميركية مسؤولية هذا العدوان وكافة تبعاته، كما تطالب سورية الحكومة العراقية بتحمل مسؤولياتها وبالتحقيق الفوري بهذا الانتهاك الخطير ومنع استخدام الأراضي العراقية للعدوان على سورية».

كذلك أعلن مصدر إعلامي رسمي سوري في بيان أول من أمس أنه «في حوالي الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة خرقت أربع مروحيات أميركية الأجواء السورية في منطقة البوكمال بعمق 8 كيلومترات بمزرعة السكرية». وأضاف المصدر «وقامت المروحيات الأربع بالاعتداء على مبنى مدني قيد الإنشاء وأطلقت النار على العمال داخل المبنى من بينهم زوجة حارس البناء مما أدى إلى استشهاد 8 مواطنين وجرح آخر ثم غادرت المروحيات المعتدية باتجاه الأراضي العراقية». وتقع البوكمال في مقابل بلدة القائم العراقية، التي كانت قبل سقوط النظام العراقي السابق معبرا لتهريب البضائع، لكنها تحولت بعد الاجتياح الأميركي إلى منفذ لتسلل المقاتلين الأجانب إلى العراق. ويتهم المسؤولون الأميركيون سورية بعدم بذل جهود كافية للحد من تسلل المقاتلين الأجانب الى العراق، ويرون أن دمشق تتساهل مع حركة عبور هؤلاء المقاتلين عبر أراضيها إلى العراق. وشن الجيش الأميركي منذ اجتياح العراق عام 2003 عدة عمليات ضد مقاتلين أجانب معظمهم عرب يتسللون من الحدود السورية عبر معبر القائم العراقي، لكن عملية أول من أمس تعتبر المرة الأولى التي تعبر فيها قوات أميركية الحدود لتنفيذ غارة داخل الأراضي السورية، مما يوحي بأن الولايات المتحدة ربما تفكر في استخدام أسلوب مماثل للغارات عبر الحدود الذي تستخدمه ضد حركة طالبان داخل المناطق الحدودية الباكستانية.

وكان الميجر جنرال جون كيلي قائد القوات الأميركية في غرب العراق قد قال في لقاء محدود مع صحافيين الأسبوع الماضي «تشعر قوات الأمن العراقية وقوات المخابرات العراقية بأن ناشطي القاعدة وغيرهم يعملون ويعيشون بحرية على الجانب السوري». وأضاف «نعلم دوما أنهم يحاولون العبور». وأكدت بغداد الاثنين انطلاق هجمات ضد قوات الامن العراقية من المنطقة السورية التي استهدفتها الاحد غارة اميركية قرب بلدة البوكمال الحدودية، موضحة في الوقت ذاته انها تسعى الى «علاقات طيبة مع دمشق». من جهتها، أعلنت الحكومة العراقية في أول تعليق لها على الغارة الأميركية داخل الحدود السورية، أن المنطقة التي تعرضت للهجوم «كانت مسرحا لنشاط تنظيمات إرهابية معادية للعراق تنطلق من سورية».

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، أمس، إن حكومة بلاده على اتصال مع الجانب الأميركي حول الغارة داخل الأراضي السورية. وأضاف الدباغ ان «هذه المنطقة كانت مسرحاً لنشاط تنظيمات إرهابية معادية للعراق كانت آخرها مجموعة إرهابية قتلت 13 منتسبا لوزارة الداخلية في قرية حدودية وان العراق طلب في حينها من السلطات السورية تسليم أفراد هذه المجموعة التي تتخذ من سورية مقراً لنشاطاتها الإرهابية المعادية للعراق».

ومضى الدباغ قائلا إن «العراق يسعى دائماً لعلاقات متميزة وطيبة مع الشقيقة سورية وإن وجود بعض الجماعات المعادية للعراق في سورية والتي تدعم وتساهم في النشاط الإرهابي ضد العراقيين يعرقل تقدم هذه العلاقات».

من جهته، قال وزير الداخلية السوري بسام عبد المجيد في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء، إن دمشق ترفض أن تكون قاعدة لإطلاق تهديدات ضد العراق. واستدعت وزارة الخارجية السورية مساء أول من أمس القائمة بالأعمال في السفارة الأميركية بدمشق وأبلغتها «احتجاج وإدانة سورية للاعتداء الخطير». وأوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا أن نائب وزير الخارجية السوري «قام باستدعاء القائمة بالأعمال في السفارة الأميركية بدمشق وابلغها احتجاج وإدانة سورية لهذا الاعتداء الخطير وتحميل الادارة الاميركية المسؤولية الكاملة عنه، كما جرى استدعاء القائم بالأعمال العراقي إلى وزارة الخارجية للغرض ذاته».

وطالبت سورية الحكومة العراقية «بتحمل مسؤولياتها وبالتحقيق الفوري بهذا الانتهاك الخطير ومنع استخدام الاراضي العراقية للعدوان على سورية».

ورفضت السفارة الأميركية في دمشق أمس التعليق على استدعاء القائمة بأعمال السفارة مورا كونيلي من جانب نائب وزير الخارجية السوري لإبلاغها «احتجاج وإدانة سورية». وقالت مصادر في السفارة إنها اطلعت على تقارير بخصوص هذه الحادثة، وإن هنالك تحقيقا تقوم به الولايات المتحدة لتحديد ملابسات الحادث، ولكنها امتنعت عن الإدلاء بأي تعليق.