زعيم صحوة الأنبار: الهدف الأميركي صحيح لكنه ليس عراقيا

أصوليون: أبو غادية من الموصل.. واسمه الحقيقي المزيدي وكان بين قائمة فبراير > مسؤولون أميركيون: الغارة رسالة تحذير إلى دمشق

TT

«أبو غادية» الذي استهدفته الغارة الاميركية داخل الاراضي السورية مساء يوم الأحد هو ـ بحسب اصوليين في لندن ـ الاسم الحركي لبدران تركي هيشان المزيدي، العراقي الاصل، من محافظة الموصل العراقية، وهو احد كبار مهربي المسلحين الذين يقاتلون القوات الاميركية في العراق، وهو مطلوب من جانب القوات الاميركية منذ مدة طويلة. فيما اشارت مصادر مستقلة الى ان «ابو غادية» هو احد مساعدي أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم «القاعدة في العراق» الذي قتل في غارة اميركية في عام 2006.  لكن الشيخ علي الحاتم، رئيس مجلس إنقاذ الانبار (الصحوة) وشيخ عشائر الدليم في العراق، استبعد ان يكون الشخص الذي استهدفته الغارة الاميركية في منطقة البوكمال الحدودية السورية عراقي الجنسية، مرجحا ان يكون إما سوريا أو يمنيا.

وأعلنت مصادر اميركية ان الهجوم العسكري الذي نفذته القوات الاميركية استهدف كبير مهربي المسلحين الى العراق، وانه عراقي الجنسية واسمه الحركي «أبو غادية»، فيما كشفت عن ان اسمه الحقيقي تركي هيشان المزيدي وانه يتحدر من مدينة الموصل العراقية.

وقال الحاتم «استبعد ان يكون (الشخص المستهدف) عراقيا، وان تركي هيشان المزيدي ربما يكون سوريا او يمنيا ولكنه قطعا ليس عراقيا»، مستندا في معلوماته الى ان «اسم عائلته غير مألوف في العراق». وقال الشيخ حاتم إن «الهدف الاميركي باتجاه البوكمال كان صحيحا»، وأضاف في تصريح لـ«الشرق الاوسط» ان «معلومات كانت تردنا وترد الجانب السوري والحكومة العراقية والجانب الاميركي بوجود المسلحين في تلك المنطقة وانهم اتخذوها منطلقا باتجاه العراق، ولكن الحكومة السورية لم تتخذ الإجراء اللازم لمنع المتسللين الى العراق عبر تلك المناطق».

وأشار الحاتم الى انه «منذ حوالي العامين كانت تجري تدريبات للمسلحين في هذه المنطقة الملاصقة للعراق والتي تعتبر بشكل عام ممتدة منه والى سورية». وظهر اسم «أبو غادية» في فبراير (شباط) الماضي عندما جمدت وزارة الخزانة الأميركية أصول أربعة في سورية، قالت إنهم سهلوا تدفق أموال وأسلحة وإرهابيين عبر سورية الى تنظيم «القاعدة» الارهابي في العراق من بينهم أبو غادية في 28 فبراير الماضي. واوضح بيان وزارة الخزانة الاميركية وقتها أن السوريين الأربعة أعضاء في شبكة «أبو غادية». وأشار الى أن «أبو غادية» وشبكته سهلا تدفق الأموال والسلاح والإرهابيين من سورية الى العراق بهدف تنفيذ عمليات ارهابية، مؤكدا أنه سيتم تجميد أي أصول تابعة لهم في أميركا وسيمنع على الأميركيين العمل معهم. وبحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية، فإن الأربعة هم: بدران تركي هشام المزيدي (المعروف أيضاً بأبو غادية، ويدير الشبكة في العراق، وكان يقيم في الزبداني في سورية) وغازي المازيد (قريب بدران هشام المازيدي) واكرم تركي المازيدي (شقيق بدران) وصداح جايلوت مارسوني (ممول الشبكة وقريب بدران). واعتبرت الخزانة الاميركية انه منذ سقوط النظام السابق «أصبحت سورية محطة ترانزيت لإرهابيي القاعدة الأجانب المتوجهين الى العراق». من جهته قال برايان فيشمان رئيس مركز مكافحة الارهاب التابع للبنتاغون والذي اعد دراسة مؤخرا عن وثائق سنجار وتمرير المقاتلين الاجانب من سورية الى العراق في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» انه لا يعرف كثيرا عن «أبو غادية» رغم ان وثائق سنجار كشفت عن اسماء مهربين للمسلحين اخرين من سورية. وقال إن المثير في الامر ان الارهابيين الذين يتبعون اسلوب «القاعدة» يعتبرون الحكومة السورية «حكومة مرتدة»، وان قدرة ما يسمى بدولة العراق الاسلامية على تمرير مقاتلين اجانب عبر الحدود السورية بصفة مستمرة في السنوات الخمس الماضية ربما كانت امرا مفيدا بالنسبة لسورية اذا ارادات اثارة الاضطرابات في الوضع الاميركي في العراق، ولكنها تمثل ايضا تهديدا للنظام السوري ذاته. واضاف فيشمان: «اذا وضعنا في الاعتبار تاريخ الانتفاضات الاصولية في سورية فانا اشعر بالدهشة من ان الحكومة لم تواجه هذه الشبكات بطريقة اقوى. وهذه نقطة جديدة اخرى، ان تقريرنا حول وثائق سنجار يشير الى وجود شبكات متعددة ومتوازية تمد العراق بالمقاتلين عبر سورية، والعديد منها شبكات تهريب تقليدية اكثر من كونها عقائدية مرتبطة بامارة الحدود التابعة للعراق الاسلامية». واكد ان البنتاغون لديه ادلة على ان المسؤولين السوريين قضوا على بعض هذه الشبكات لتهريب المقاتلين، بينما لا تزال شبكات اخرى مستمرة في عملها. وقال فيشمان «ربما يكون احد الاسباب وراء ذلك هو ان بعض المسؤولين السوريين يستفيدون ماليا من بعض شبكات التهريب ويستخدمون مواقعهم لمساعدة عمليات التهريب». ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول عسكري أميركي أمس تفاصيل جديدة عن العملية العسكرية تفيد بأن القوات الأميركية المحمولة جوا دخلت يوم الأحد إلى مسافة أربعة كيلومترات داخل الأراضي السورية، لاستهداف زعيم شبكة لتهريب المقاتلين الأجانب من سورية إلى العراق، وانها ربما تكون قتلت المشتبه به أو أصابته، كما أنها قتلت عددا من المسلحين.

وقد دأب المسؤولون الأميركيون على انتقاد الحكومة السورية واتهامها بالسماح للمقاتلين العرب بالعبور عبر أراضيها إلى العراق، لكن العام الماضي شهد تحولا عن لهجة الانتقادات، حيث امتدح القادة العسكريون الجهود السورية في وقف تدفق المقاتلين.

لكن مسؤولين أشاروا إلى أن غارة يوم الأحد التي تعد الأولى التي تقوم بها القوات البرية داخل الأراضي السورية، كان الهدف منها ترك رسالة تحذير للحكومة السورية، على حد قول أحد كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين ـ والذي رفض الكشف عن اسمه بسبب حساسية العملية، بأن عليهم «أن يزيلوا التهديد العالمي الموجود في فنائهم الخلفي، فإن لم تقوموا بذلك فلن يكون أمامنا خيار سوى أن نضطلع بذلك بأنفسنا».

ويشير مسؤولون ومحللون إلى أن الشبكة التي يقودها المزيدي قامت بتهريب مئات من المقاتلين الأجانب إلى العراق الذين تحول غالبيتهم إلى انتحاريين. ويقول كبار المسؤولين العراقيين إنه «أدار أكبر شبكة لتهريب المقاتلين من سورية» وإنه «مسؤول بصورة مباشرة عن مئات المقاتلين الأجانب الذين قتلوا في العراق».

وقال المسؤولون إن الجيش الأميركي كان يتحلى بالصبر، لكن «في النهاية لن تستطيع أن تقف مكتوف الأيدي لترى مثل هؤلاء الأشخاص يعبرون الحدود لكي يحصدوا عشرات الأرواح من العراقيين أو أن يهاجموا قواتك».

وكانت الغارة التي قامت بها القوات الأميركية، في صيف عام 2007، على منزل يشتبه في استخدامه من قبل «القاعدة» في مدينة سنجار بالقرب من الحدود السورية قد أثمرت عن الحصول على معلومات عن وجود شبكة تهريب سورية تستخدم لنقل المقاتلين الأجانب إلى العراق.