دمشق تؤجل اجتماعا أمنيا مع بغداد.. وتغلق مؤسستين أميركيتين

نفت أن الغارة استهدفت ناشطا في «القاعدة».. ودعت مجلس الأمن إلى تحميل واشنطن المسؤولية

شرطي سوري أمام المدرسة الأميركية في دمشق التي اغلقتها السلطات السورية أمس (رويترز)
TT

في رد فعل هو الأول من نوعه قررت الحكومة السورية وردا على الغارة الأميركية على قرية (السكرية) على الحدود مع العراق، إغلاق المدرسة والمركز الثقافي الأميركيين في دمشق، كما قرر مجلس الوزراء تأجيل موعد اجتماع اللجنة العليا السورية ـ العراقية المزمع انعقاده في بغداد 12 و13 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كما طالبت سورية الامم المتحدة تحميل واشنطن مسؤولية الغارة.

وفي بيان صادر عن مجلس الوزراء أدان المجلس «الاعتداء الهمجي الأميركي الآثم على قرية السكرية بالبوكمال» الذي أدى إلى «استشهاد عدد من المواطنين المدنيين الأبرياء وسقوط عدد آخر من الجرحى والمصابين»، ووصف الغارة بـ«الجريمة الوحشية»، ورأى أنها تمثل «ذروة إرهاب الدولة الذي تمارسه الإدارة الأميركية، منتهكة بذلك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والشرعية الدولية». وأضاف البيان أن المجلس عبر عن «استنكاره واستغرابه الشديدين» لما صدر على لسان الناطق باسم الحكومة العراقية و«تبريره غير المقبول وغير المسؤول لهذا العدوان الغادر الذي انطلق من الأراضي العراقية ضد بلد عربي مجاور وشقيق». وعليه قرر مجلس الوزراء «إغلاق كل من المدرسة والمركز الثقافي الأميركيين بدمشق» وطلب من وزيري التربية والثقافة اتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ بالتنسيق مع الجهات المعنية. ولدى سؤال موظفين في السفارة الأميركية في دمشق والمركز الثقافي الأميركي لحظة صدور بيان الحكومة السورية بعد ظهر يوم أمس، قالوا لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس لديهم تفاصيل حول هذا الخبر الذي وصلهم عبر وسائل الإعلام.

وفي تطور لاحق، طلبت سورية من الأمم المتحدة تحميل الولايات المتحدة مسؤولية الغارة، وذلك في رسالة وجهتها الى الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وجاء في الرسالة التي اوردت الوكالة نصها ان «حكومة الجمهورية العربية السورية إذ تلفت الانتباه الى هذا العمل العدواني السافر، فانها تتوقع من مجلس الامن ومن الدول الاعضاء في الامم المتحدة تحمل مسؤولياتهم لمنع تكرار هذا الانتهاك الخطير».

من جهته، نفى وليد المعلم وزير الخارجية السوري أمس أن الغارة استهدفت ناشطا من «القاعدة»، كما زعم مسؤول أميركي. وقال لوكالة رويترز «ما يقولونه غير مبرر. أنفي ذلك تماما». وكان يرد بذلك على مسؤول اميركي قال ان الغارة التي شنتها قوات قتلت ناشطا مهما من تنظيم القاعدة» كان يساعد في تهريب مقاتلين اجانب الى داخل العراق، وكان المعلم قد صرح مساء اول من أمس ان الغارة الاميركية كانت تهدف الى «طمأنة أعداء دمشق ان واشنطن لا تحذو حذو فرنسا وبريطانيا في التقارب مع سوريا».

وقال المعلم في مقابلة «انهم (الامريكيين) يريدون ان يبعثوا برسالة سياسية الى حلفائهم في المنطقة مفادها أنه لا شيء تغير في العلاقات السورية الاميركية.. وان الامور ليست جيدة مثلما تبدو». وأضاف المعلم قوله «لعل البعض في الحكومة الاميركية.. لا يشعر بسعادة لرؤية العلاقات تتحسن.. لعلهم يريدون ان يبعثوا برسالة الى حلفائهم في المنطقة مفادها ان السياسة الاميركية تجاه سورية لم تتغير». واتهم الوزير السوري الولايات المتحدة بارتكاب «عدوان ارهابي». ورفضت واشنطن ان تقول هل تورطت قواتها في الغارة أم لا. وتتهم الحكومة الاميركية دمشق بالتقاعس عن منع تدفق مقاتلي «القاعدة» وغيرهم من المتمردين الى العراق. وتقول سورية ان أربع طائرات هليكوبتر اميركية هاجمت مزرعة السكرية في منطقة البوكمال بشرق سورية مساء الاحد الماضي، وان جنودا أميركيين اقتحموا مبنى في المنطقة.

وقال المعلم ان الغارة الاميركية لن تفسد مفاتحات التقارب التي تبدت في الآونة الاخيرة بين سورية وأوروبا ولاسيما فرنسا وبريطانيا.

الى ذلك، اتهم الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي (الحزب الحاكم) محمد سعيد بخيتان الولايات المتحدة بإشاعة أجواء العدوان والهيمنة والتي تشكل مرتعا خصبا للإرهاب، وقال: «إن استقرار المنطقة لا يمكن تجزئته لأن الإرهاب يجد مرتعا خصبا في خضم الحروب والعدوان، ولقد أثبتت الإدارة الأميركية مرة أخرى استنادها إلى منطق الحرب والعدوان والهيمنة وانتهاك القانون الدولي من خلال عدوانها السافر على الأراضي السورية أول أمس وقصفها مزرعة مدنية مأهولة وقتل من فيها من العائلات والعمال». وأدرج بخيتان «العدوان» الأميركي على الأراضي السورية «في إطار إرهاب الدولة واستهتار الولايات المتحدة بالشرعية الدولية واعتمادها أسلوب القرصنة الجوية كما تفعل إسرائيل».

ووفقا للمصادر السورية، فان القتلى هم داوود محمد العبد اللـه، 51 عاماً، عامل بناء. فيصل داوود محمد العبد اللـه، 28 عاماً، عامل بناء. إبراهيم داوود محمد العبد اللـه، 22 سنة، عامل بناء. ذياب داوود محمد العبد اللـه، 19 سنة، عامل بناء. عواد كمال محمد العبد اللـه، طالب مدرسة ويساعد والده في أعمال البناء أحمد ركَّي الخليفة، 48 سنة، عامل بناء. علي عباس الحسن الرمضان، حارس. والجرحى هم سعاد خزيم الجاسم، 26 سنة، ربَّة منزل وزوجة الحارس أكرم محمد ملا حميِّد، 41 سنة صياد سمك. من جهة أخرى، يتبادل أهالي البوكمال فيلمين عبر الهواتف الجوالة تم تصويرهما بعد الهجوم مباشرة. ويظهر الفيلم الأول مروحيتين أميركيتين تحلقان في سماء قرية (السكرية) وتقتربان من المزرعة المستهدفة، أما الفيلم الثاني فهو للقتلى في المزرعة، وذلك بعد استهدافهم مباشرة. وقد قام صاحب محل تصوير ضوئي في مدينة البوكمال بتوزيع صور القتلى لمن يطلبها.