السعودية تفرض شروطا لعقد مصالحة أفغانية على أراضيها.. وألمانيا تؤيد

تأكيد مشاركة خادم الحرمين في اجتماعات قمة الـ20 بواشنطن.. والرياض وبرلين تتفقان على دعم باكستان واستقرارها

TT

انضمت ألمانيا أمس إلى فرنسا، في تأييدها للجهد السعودي الرامي إلى عقد مصالحة وطنية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، في الوقت الذي أكدت فيه السعودية أن أي تحرك لها تجاه كابل، سيكون مشروطا برفض الإرهاب وعدم التعاون مع الإرهابيين.

وأعلن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الألماني فرانك شتانماير، عن أن بلاده في انتظار طلب رسمي وخطي من الجانب الأفغاني «للبدء في مباحثات جادة».

وشدد الفيصل على ضرورة أن تتأكد بلاده من أن المجموعات التي ستشارك في اجتماع المصالحة الأفغانية «ستأتي بعقل مفتوح، وقلب مفتوح، وأن يكون هدفها الوصول إلى اتفاق، وليس فقط من أجل إثارة المشاكل».

وبحسب تأكيدات وزير الخارجية السعودي، فإن بلاده تشترط لقبول إقامة هذا الحوار على أراضيها: رفض الإرهاب، ورفض التعاون مع الإرهابيين. وقال الفيصل إنه بدون الموافقة على تلك الشروط، فلن يكون بالإمكان البدء بحوار مثمر بين الجانبين.

وأعلنت ألمانيا، على لسان وزير خارجيتها، تأييدها للشروط التي تقدمت بها السعودية من أجل القبول بعقد مؤتمر مصالحة بين الأفغان. ولفت إلى أن بلاده لا تريد أن ينشر الفكر الطالباني في كل أفغانستان.

وسيطر الوضع في أفغانستان وباكستان، على المباحثات التي عقدها الفيصل وشتانماير أمس في الرياض، في الوقت الذي أكد فيه الوزير الألماني أن بلاده تعمل على إعادة تنشيط الحوار بين الجارتين. وأكد شتانماير الذي أتى للسعودية قادما من باكستان، أن استقرار المنطقة ينطلق من استقرار الوضع الباكستاني. وتطابقت وجهات نظر السعودية وألمانيا، حيال ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بمسؤولياته في مساعدة «هذا البلد المحوري في المنطقة»، على حد وصف الفيصل لباكستان، حيث أنه اعتبر أن استقراره استقرار للمنطقة. وذكر أنه «سيطلب من المنظمات الدولية مثل الـ«آي إم إف»، والبنك الدولي، الإسهام في ذلك، وسيتم التعاون بين الدول في إطار مساعدة باكستان بهذا الأسلوب».

وأعلن وزير الخارجية السعودي، مشاركة بلاده في اجتماع مجموعة أصدقاء باكستان، الذي سيعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي. وقال «سنبذل ما نستطيع للتعامل مع باكستان، فهو بلد صديق ومهم، ونهتم بما يواجهه من مصاعب».

وكانت الأزمة المالية العالمية، حاضرة بقوة في المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الألماني مع المسؤولين السعوديين. ودعا فرانك شتانماير إلى توسيع عضوية الدول الـ7 والدول الـ8 الصناعية الكبرى، لتشمل دولا عربية شبه صناعية كالمملكة العربية السعودية.

وأكد على أن اجتماعات الدول الـ20 التي ستعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في الولايات المتحدة، صيغة مناسبة لمواجهة كافة تداعيات الأزمة الحالية. وشدد على حاجة مثل هذه المجموعات إلى جانب التنسيق، إلى المراقبة المالية المشتركة التي تأتي في إطار صندوق النقد الدولي.

وركز الوزير الألماني على أهمية التعاون والتنسيق الدولي، لتجاوز الأزمة المالية العالمية. وقال «نحتاج إلى إطار عام من أجل استقرار الأسواق المالية. يجب أن يكون هناك إطار دولي ملزم يتعدى الدول الاقتصادية الـ7 والـ8 الصناعية الكبرى».

وأكد الأمير سعود الفيصل، حضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للقمة الاقتصادية لمجموعة الـ20 التي ستعقد بواشنطن في نوفمبر المقبل.

وتناولت المحادثات التي عقدها الملك عبد الله مع الوزير الألماني، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في كافة المجالات. وقال الفيصل في مستهل المؤتمر الصحافي المشترك إنه «تم بحث الأزمة المالية الدولية، حيث عبر خادم الحرمين الشريفين عن ثقته في متانة اقتصاد المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وما يتمتع به من نمو مستمر ونظام مصرفي قوي ومستقر يمكنها من التعامل مع الآثار المحتملة للأزمة المالية العالمية».

وبحسب البيان الذي قرأه الفيصل، فإن خادم الحرمين الشريفين «عبر عن ترحيبه بالقمة الاقتصادية لمجموعة العشرين المقرر عقدها في واشنطن في نوفمبر المقبل وعن تلبيته للدعوة الموجهة له وذلك لبحث الأزمة المالية الدولية وتداعياتها وما تتطلبه من جهود مشتركة لإعادة الثقة للاقتصاد العالمي وتفادي دخوله في مرحلة ركود».

وأجاب الأمير سعود الفيصل على احتمالية انعقاد لقاء بين الملك عبد الله والرئيس المنتخب الجديد خلال وجوده في واشنطن، بتأكيده أن هذا يعد شأنا داخليا أميركيا، وأن بلاده ترحب بأي لقاء من هذا النوع في حالة إذا تم الترتيب لذلك. ووصف سعود الفيصل وجهات نظر الرياض وبرلين، إزاء أهمية مضاعفة الجهود والمساعي لتذليل ما يعترض عملية السلام في الشرق الأوسط من مشكلات، وصفها بـ«المتطابقة»، حيث تم التأكيد على ضرورة «العودة بمسيرة السلام إلى الأطر المتفق عليها التي تستند إلى قرارات الشرعية الدولية والتزامات مؤتمر انابوليس ومبادرة السلام العربية».

وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن بلاده «تؤكد على أن أحد أهم الشكوك التي تلقي بظلالها عل العملية السلمية يتمثل في استمرار إسرائيل في التنصل من التزاماتها واتخاذها سياسات أحادية الجانب بما فيها التوسع في بناء المستوطنات الذي من شأنه تغيير الأوضاع الجغرافية والقانونية في الأراضي المحتلة وتعطيل هدف إنشاء الدولة الفلسطينية المتصلة الأطراف والمستقلة والقابلة للحياة».

وشدد الفيصل، على أن السعودية «ترى أهمية التعامل الجاد مع هذا الوضع وكافة قضايا النزاع الرئيسية المتعلقة بالقدس والحدود واللاجئين والمياه وغيرها من القضايا التي تشكل في مجملها أسس الحل العادل والشامل والدائم للنزاع في الشرق الأوسط».

وتحدث وزير الخارجية الألماني، عن أن عملية السلام في الشرق الأوسط لم تكن سهلة في يوم من الأيام، فكيف اليوم وهي تعيش في ظل الانتخابات الأميركية من جهة، والإسرائيلية من جهة أخرى، وشدد على ضرورة الاستفادة مما تبقى من وقت لإعادة إنعاش عملية السلام.

وكان مما تطرق له الوزيران السعودي والألماني، النزاع الفلسطيني الداخلي بين فتح وحماس، وأكد الفيصل أنهم في الجانب العربي يتطلعون للمبادرة المصرية التي سلمت إلى كل من فتح وحماس، وفي انتظار رد الطرفين عليها في نوفمبر المقبل، وسينعقد اجتماع في الجامعة العربية على ضوء الردود التي تصل على المبادرة.

وكان الملف النووي الإيراني حاضرا خلال المباحثات السعودية ـ الألمانية. وقال الفيصل إن بلاده تقدر دور وجهود ألمانيا في إطار مجموعة الـ5 +1، التي تهدف إلى حل الأزمة سلميا، وضمان خلو منطقة الخليج من أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة النووية، مع كفالة حق دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وذكر أن بلاده «إذ تثمن هذه الجهود، فإنها تجدد دعوتها إلى توسيعها لتشمل جميع دول منطقة الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل».

وفي مقابل ذلك، تحدث شتانماير عن عدم وجود إشارات إيجابية من إيران، تعكس استجابة لمطالب المجتمع الدولي بضرورة التخلي عن تخصيب اليورانيوم.

وقال «للأسف هناك انتكاسات شهدتها المواقف الإيرانية خلال الأسابيع الأخيرة، عكست تراجع طهران عن نتائج مباحثات جنيف، ويدعم ذلك تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي ذكر أن «إيران لم تلتزم بوقف التخصيب».

وبحث الفيصل وشتانماير، الوضع في العراق. ورحب وزير الخارجية السعودي باسم بلاده، بنتائج الاجتماع الخامس لوزراء داخلية دول الجوار الذي انعقد في العاصمة الأردنية عمان أخيرا.

وقال إن السعودية «تأمل أن تسهم في تعزيز التعاون والتنسيق بين دول المنطقة للحفاظ على أمن العراق واستقراره وسلامته الإقليمية وتكريس سيادته الكاملة على أراضيه حتى يتمكن العراقيون من تعزيز وحدتهم الوطنية وإعادة بناء بلدهم بمعزل عن أي مؤثرات خارجية».

وكان الوضع في أفغانستان من بين الموضوعات التي جرى بحثها بين الفيصل وشتانماير، وتحدث الوزيران عن «أهمية تكثيف الجهود لتعزيز الوحدة الوطنية للأفغانيين بكافة شرائحهم ومكوناتهم العرقية والعمل على إعادة بناء الاقتصاد الأفغاني والتنمية الاجتماعية وذلك في إطار سعي المجتمع الدولي لإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد الذي عانى طويلا من الصراعات الخارجية والنزاعات الداخلية، والتي جعلت منه موئلا للإرهاب وملاذا له»، على حد قول الفيصل.