مصادر جعجع تعتبره «تدويرا للزوايا».. والمعارضة تصفه بمحاولة «ملء الفراغ»

الاهتمام المصري بالوضع اللبناني يلفت أنظار السياسيين

TT

غادر نائب مدير المخابرات المصرية اللواء عمر القناوي لبنان، الا ان ملف التعليقات والتحليلات لا يزال يطرح أسئلة عن «لغز» الزيارة التي قام بها المسؤول المصري وتضمنت أكبر مروحة من اللقاءات مع شخصيات تنتمي الى الاطراف السياسية كافة.

مصدر شارك في اللقاءات التي جرت بين الطرفين المصري واللبناني قال لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تسعى الى دور إيجابي بدأت تظهر مفاعيله لجهة تكثيف المصالحات وسعي الاطراف اللبنانية الى الابتعاد عن التشنج». وأضاف ان «الاهتمام المصري كان واضحا في اللقاءات المصرية مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع خلال زيارته إلى القاهرة أخيراً. فقد سئل جعجع عن المصالحة المسيحية ـ المسيحية وخلفياتها وتعقيداتها ومصيرها». وأشار الى ان «المصريين منفتحون على الجميع. وما فهمناه من لقاءاتهم انهم مهتمون بكل ما يتعلق بحزب الله من دون ابداء اي مواقف سلبية او إيجابية، الا انهم منزعجون من رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون بعدما صدرت عنه ملاحظات غير لائقة تتعلق بوزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط».

وعن انتقاد الوزير السابق وئام وهاب الاهتمام المصري وتمنيه على المصريين «الاهتمام بأمورهم أكثر. وليطمئن النظام المصري الى ان لدينا حصانة في موضوع العروبة أكثر من نظام هذا الضابط الذي أتى إلى لبنان»، قال المصدر: «يُقرأ تصريح وهاب من زاويتين. الاولى هي انه يمرر رسالة سورية كعادته تعكس انزعاجها من دخول مصر على خط الملف اللبناني في مرحلة انعدام الوزن التي يعيشها لبنان بانتظار الانتخابات النيابية. والثانية انه مغتاظ لأن زيارات المسؤول المصري عمر القناوي شملت جميع الشخصيات في الاكثرية والمعارضة واستثنته».

وكانت قوى الاكثرية قد اعتبرت أن «مصر عادت إلى الساحة اللبنانية لممارسة دورها، من دون أن تكون طرفا أو مع طرف ضد طرف آخر، بل هي تريد علاقات متوازية ومتساوية مع كل الأطراف». كما رأت ان «زيارة القناوي تأتي في سياق الانفتاح المصري على لبنان بمعظم تياراته. وهي ذات طابع استطلاعي يرتكز على ثلاثة أهداف هي: متابعة المسار المصري الراغب في الانفتاح على كل الأطراف، محاولة استنهاض دور مصر على الصعيد العربي، جمع المعلومات التي تمكّن الحكومة المصرية من التحرك السياسي في الملف اللبناني». الاوساط المعارضة التي حاولت حلّ «لغز» الزيارة، اعتبرت ان عنوانها العريض هو «ملء الفراغ العربي الحاصل في لبنان، ومواجهة المد الإيراني». واشارت الى تنسيق سعودي ـ مصري يهدف الى «لم شمل البيت السني اللبناني». النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن حب الله لم ير في الاهتمام المصري أي محاولة من هذا القبيل. وقال لـ«الشرق الاوسط»: «اعتبر ان ما يجري في لبنان وأي قطر عربي ليس مفصولاً عن سائر مجريات الامور في الشرق الاوسط. واذا اردنا ان نقرأ ما يحصل في اي شأن سياسي لا نستطيع ان نفصل بلداً عن آخر، لاسيما بعد «الفوضى البناءة» التي تسعى الولايات المتحدة الى إرسائها في المنطقة. وبالتالي يأتي الدور المصري لمواجهة هذا المشروع الذي يعمل على إضعاف العالم العربي والاسلامي والنيل من المقاومة. لكن المقاومة أحبطت محاولات أميركية عدة لإحداث فتنة تحرك العصبيات التي تعطل العقل». معلومات «القوات اللبنانية» لم تختلف كثيرا عن معلومات حب الله. فقد اعتبر مدير «اذاعة لبنان الحر» طوني نجم الذي رافق جعجع الى مصر ان المصريين مهتمون بإنعاش الدور الاقليمي، سواء في لبنان او في الساحة الفلسطينية. وقال: «الاهتمام المصري بلبنان، كما بينته زيارة جعجع الى القاهرة، ارتكز على العلاقات التاريخية بين البلدين. وأكّد حرص مصر على استعادة لبنان دوره كنموذج للغنى والتنوع في المنطقة. وقد أظهروا هذا الحرص من خلال اهتمامهم بالتهدئة، وذلك لتجنب أي خطر إقليمي. فهم يسعون الى المساعدة على استقرار لبنان في المدى المنظور، لأن من شأن هذا الاستقرار ان يخفف التطرف لدى كل الاطراف». واضاف: «المصريون يريدون تدوير الزوايا الاقليمية. ولديهم بعض الافكار بالنسبة الى لبنان وفلسطين. فقد طرحت الادارة المصرية فكرة حكومة فلسطينية حيادية، اي حكومة لا علاقة لمنظمة التحرير بها او لحماس. والدور المصري ليس بديلاً لأي دور آخر وانما هو دور رديف».

بعض المعلومات كان أشار الى ان الزيارة حملت «تحذيرات استخبارية وفقا لمعلومات اقليمية تشير الى ان الأمور قد تتجه إلى تدهور أمني وسياسي في لبنان، ما لم يُتحرّك سريعا لاستدراكها». حب الله لم ينف وجود تهديدات يتعرض لها لبنان. وحدد مصدرها من الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال: «في هذا الاطار استشعرت مصر، كغيرها من الدول العربية، بالمسؤولية فسعت الى القيام بدور ايجابي وتوفيقي لمواجهة الخطر الاميركي، وكذلك الاسرائيلي. وهذه المواجهة لا تنجح من دون وحدة وطنية ووحدة عربية. من هنا الدور المصري لا يلغي أي دور آخر في المنطقة سواء كان سعوديا او ايرانيا او سورية». أما مراد فأشار إلى اهتمام مصري بالوضع الامني في لبنان. وذكر ان المصريين سمعوا من جعجع كلاماً عن «هواجس أمنية متعلقة بعودة التفجيرات والاغتيالات عشية الانتخابات النيابية بتخطيط سوري عبر أدوات لبنانية. وحرصوا على بذل الجهود لمنع ذلك». ونفى حب الله معرفته بدعوات وجهت الى شخصيات من «حزب الله» لزيارة مصر، بعدما كان زارها كل من رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ويزورها حاليا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع وفد وزاري كبير. لكنه أشار الى «الاجواء كانت ايجابية لدى لقاء القناوي مع وفد حزب الله، فقد أكدنا له اننا مع الوحدة الوطنية والوحدة العربية والوحدة الاسلامية. وانه يجب ان نكون صفا واحدا لأن الاخطار التي تواجهنا كلبنانيين وعرب ومسلمين هي واحدة».