تقرير عن المتعاقدين الأمنيين في العراق يحذر من مشاكل كبيرة إذا رفعت الحصانة عنهم

كشف عن تعاقدات مع 310 شركات من مختلف أنحاء العالم منذ الغزو عام 2003

TT

طبقا لأكثر عمليات المحاسبة شمولاً حتى الآن للدور السري الضعيف التنظيم، الذي لعبته الشركات الخاصة في حرب العراق، اتضح أن 310 شركات أمن خاصة من جميع أرجاء العالم، تلقت عقودا من وكالات الولايات المتحدة لحماية المسؤولين العراقيين، والأميركيين، والمنشآت، والمواكب، والكيانات، والهيئات الأخرى في العراق منذ عام 2003. ويشمل تقرير لوكالة المراقبة الفيدرالية تفصيلات عن قائمة بأسماء شركات الأمن، وتم تداول هذه القائمة بين أعضاء الكونغرس وبعض الهيئات والوكالات الفيدرالية. وتعد هذه القائمة أكثر توسعا من أي من تلك القوائم السابقة التي تم نشرها، وتضم أسماء بعض الشركات الأميركية ذائعة الصيت، مثل بلاك ووتر، وداينكورب، إلا أن هناك المئات من الشركات الغامضة الأخرى أتت من أماكن شديدة البعد، مثل أوغندا، والفلبين، وقبرص، ورومانيا والتشيك. كما تتضمن تلك القائمة أيضا شركات أميركية مثل: أغيليتي لوغيستيكس ـ وهي الشركة التي برز اسمها على الساحة خلال التحقيقات الفيدرالية حول القيم السعرية غير الملائمة بالعراق، إلا أن الشركة من جانبها أنكرت قيامها بأي فعل مشين. كما نرى شركة كاستر باتلز، والمحظور عليها في الفترة الحالية تلقي أي عقود من وزارة الدفاع، جراء خرقها للقانون. وتتضمن القائمة أيضا شركة تويفور الألمانية، والمعروف عنها تزويد القواعد العسكرية في العراق بالمراحيض المنقولة أكثر من توفيرها للأمن. من ناحية أخرى، يتضمن الموقع الإلكتروني لشركة باراتوس وورلدوايد بروتيكشن الموجودة بالقائمة مدونة لأحد ضباط الأمن في العراق، وتضم المدونة مداخلات تبدو حمقاء وهمجية ومعادية للمسلمين، فضلاً عن أنها تُظهر بوضوح شديد صورا لمتعاقدين أمن عراقيين مشوهين ومبتوري الأطراف من الواضح أنهم كانوا يعملون لحساب الشركة. ويوضح تقرير المفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق ـ وهي هيئة فيدرالية مستقلة ـ الصعوبات والتعقيدات التي من المحتمل أن تجابهها الولايات المتحدة في حالة ما إذا فقد متعاقدو الأمن الخاص حصانتهم من المحاكمة بموجب القانون العراقي؛ وهو أمر متوقع الحدوث بموجب اتفاقية الأمن التي يتم التفاوض عليها مع الحكومة العراقية. وحتى مع وجود الحصانة، فلطالما كان للعمليات التي تقوم بها شركات الأمن الخاصة تأثير على الجيش الأميركي والمؤسسات الدبلوماسية بالعراق. فكلا الأمرين يعتبر معقدا، ومثال على ذلك، عندما فتح موكب أمني لشركة بلاك ووتر نيرانه على المدنيين العراقيين بميدان بوسط بغداد في شهر سبتمبر (أيلول) 2007، ولقي 17 عراقيا في هذا الحادث حتفهم، حينها قالت الشركة إن هذا الحادث كان بمثابة استخدام قانوني ومبرر للقوة، إلا أن الحكومة العراقية وصفت الحادث آنذاك «بالقتل المتعمد». وأسفر حادث إطلاق النار من قبل شركة بلاك ووتر عن نثر بذور الريبة وعدم الثقة العميقين في شركات الأمن الأجنبية بين جموع المواطنين العراقيين والحكومة العراقية، التي أعلنت بدورها أنها ستخضعهم للمحاسبة بموجب قانون البلاد. وأدت هذه الريبة وانعدام الثقة إلى تعريض قدرة الدبلوماسيين الأميركيين وهيئات المساعدة إلى خطر جسيم، حيث تركن تلك الجهات إلى حد كبير على شركات الأمن الخاصة للتحرك داخل البلاد وتأدية وظائفها. ويشير بحث المحققين الفيدراليين إلى أنه ورغم انقضاء أكثر من 5 سنوات على بدء الحرب، لا توجد قاعدة بيانات يمكنها حساب جميع شركات الأمن في العراق أميركية التمويل. وقد عمد المحققون إلى جمع المعلومات من القوائم المستقلة في البنتاغون، ووزارة الخارجية الأميركية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بالإضافة إلى العديد من قواعد البيانات الفيدرالية المستقلة التي تتابع أعمال التدابير والمتعاقدين. وقد حذرت تلك الوكالات المحققين من أن مخزون المعلومات التي لديها قد لا يكون دقيقا بنسبة 100%. وبالفعل، شكك البنتاغون في بعض الحقائق التي توصل إليها المفتش العام، حيث أعلن أنه من الممكن أن يؤكد 77% من هذه النتائج المتعلقة بعقود قدرها 5.3 مليار دولار. ولكن مع تداخل ولغط قواعد البيانات غير الكاملة، قرر المحققون أن 233 شركة على الأقل اقتسمت 662 مليون دولار مقابل أعمال حراسة ومرافقة إضافيتين، بالإضافة إلى احتمالية وجود أعمال إضافية أخرى أقل خطورة مثل أمن أجهزة الكومبيوتر. ونظرا إلى عدم اكتمال قواعد البيانات، أشار التقرير إلى أنه من المحتمل أن تزيد تقديرات عدد شركات الأمن والأموال التي أُنفقت على عقودها. ولم ينكر العدد القليل من الشركات التي اتصلت بها صحيفة «نيويورك تايمز» تلقيها لعقود أمنية بالعراق. ويقول ديفيد واستريت ـ نائب رئيس شركة إم في إم إنك، وهي شركة الأمن الأميركية التي حازت على الترتيب رقم 16 من حيث كمية الأموال التي تلقتها لتوفير الأمن في العراق، حيث حصلت على 38 مليون دولار في 21 عقدا منفصلا من البنتاغون: «لا يمكننا تأكيد الأرقام التي أعطيتمونا إياها، إلا أنني غير مندهش إلى أن نكون ضمن الـ20 الأوائل». ومن المحتمل أن يكون الأكثر دهشة في تلك القائمة، تنوع الشركات المدرجة. فشركة أغيليتي لوغيستيكس ـ التي كانت تدعى في السابق شركة التخزين العامة ـ من المعروف عنها أنها شركة ضخمة في أعمال تقديم الأطعمة والإمدادات الأخرى للجنود في العراق. وكما نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في ديسمبر (كانون الأول)، فإن هذه الشركة تواجه تحقيقا بشأن عمليات تسعير غير ملائمة، بالإضافة إلى قضايا وأمور أخرى تتعلق بالعديد من الشركات ومكاتب التعاقد في العراق والكويت. ومن جانبها تنكر الشركة قيامها بأي أفعال خاطئة غير قانونية. ورغم ذلك، فمن المدهش أن يدرج التقرير الجديد أن شركة أغيليتي قد تلقت 183 مليون دولار مقابل 23 عقدا من وزارة الدفاع. وأوضح الناطق باسم الشركة يوم الثلاثاء أنه لا يمكنه تأكيد هذه الأرقام التي وردت بالتقرير، إلا أن أوضح هذه العقود تم الفوز بها من شركة ثريت مانجمينت غروب، التي تملكها كلية، وتتخصص هذه الشركة في الأمن، أكثر من أغيليتي.

* خدمة «نيويورك تايمز»