الجلبي لـ«الشرق الأوسط»: السيادة أولا ولا مخاوف من انقلاب عسكري

رئيس المؤتمر الوطني العراقي: أميركا فاتها القطار في العراق

TT

في الوقت الذي اكد فيه الدكتور احمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي على «اهمية ان يقيم العراق علاقات متينة ومتوازنة مع الولايات المتحدة»، فانه شدد من جانب آخر على ضرورة «حفظ السيادة العراقية في الاتفاقية العراقية الاميركية المزمع توقيعها»، مشيرا الى ان «السيادة هي التي تصنع الأمن في العراق وليس العكس».

وقال الجلبي لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس، «نحن دائما نضع مسألة الحفاظ على السيادة في مقدمة الامور، ونحن نعتقد ان حفظ الأمن والاستقرار يأتي من الحفاظ على السيادة وليس العكس»، مشيرا الى ان «العراق بحاجة الى بناء علاقات عميقة مع الولايات المتحدة الاميركية، حفاظا على اموال العراق التي ستدخل الى خزينة الدولة من مبيعات النفط».

واعتبر رئيس المؤتمر الوطني العراقي ان «ما ورد في الاتفاقية الأمنية العراقية الاميركية بصدد التزام الادارة الاميركية بمساعدة العراق في موضوع الغاء التعويضات التي يدفعها العراق للدول والاشخاص المتضررين من الغزو، الذي قام به صدام حسين للكويت، وإلغاء الديون المستحقة على العراق، نتيجة الحروب والسياسات الخاطئة للنظام السابق مسألة جيدة وفي صالح الشعب العراقي»، كاشفا عن «ان العراق دفع حتى الان 27 مليار دولار تعويضات، وهناك مستحقات يجب ان يدفعها العراق لصندوق التعويضات تبلغ اكثر من 29 مليار دولار، وهذه الاموال تستقطع بواقع 5% من واردات النفط العراقي، فاذا استطاعت الادارة الاميركية بالفعل مساعدة العراق بالغاء هذه الديون فستكون هذه مسألة جيدة وايجابية بالنسبة للعراقيين».

واوضح الجلبي، الذي كان قد حضر اجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني، الذي عقد مؤخرا لمناقشة بنود الاتفاقية العراقية الاميركية، ان الاتفاقية «غير واضحة في مواضيع مهمة وعديدة، منها عدم مناقشتها او شرحها لمعالجة قضية ادخال رعايا من بلد ثالث غير العراق واميركا الى العراق، مثلما حدث في دول اخرى مثل مصر وافغانستان، كما لم تحدد بنود الاتفاقية صلاحيات الاميركيين في دخول اشخاص قد يعملون ضد دولة صديقة او مجاورة للعراق».

واشار الجلبي الى ان «المواثيق الدولية الصادرة عن الامم المتحدة، وخاصة المادة 51 تشدد على حق الشعوب او الدول بالدفاع عن نفسها، وتعتبر هذه المسألة حقا شرعيا، كما ان الفقرة الخامسة من المادة الرابعة في الاتفاقية العراقية الاميركية خولت العراق واميركا حق الدفاع عن النفس، وهذه المادة اضافة الى المادة 51 من مواثيق الامم المتحدة قد تمنح القوات الاميركية حق مهاجمة دولة اخرى قد تدخل في صراع معها، منطلقة من الاراضي العراقية بحق الدفاع عن النفس وبدون علم العراق، بينما يؤكد الدستور العراقي على عدم استخدام اراضي العراق كمنطلق او قاعدة او ممر لتهديد او للاعتداء على الدول الاخرى، وخاصة دول الجوار»، مشددا على وجوب ايضاح هذه المسألة وحدود استخدام حق الدفاع عن النفس.

وحذر الجلبي من ان الاتفاقية قد تكون سببا في توتر أمني داخل العراق او مع جيرانه، لاسيما ان دول الجوار مثل تركيا والسعودية وسورية والكويت وايران لم تبد اية ردود فعل رسمية سواء سلبية او ايجابية.

وحول المخاوف التي أبدتها بعض الاطراف السياسية العراقية من حدوث انقلاب عسكري في حالة عدم التوقيع على الاتفاقية، قال رئيس المؤتمر الوطني العراقي «نحن نحيي الجيش العراقي الذي قاتل الارهاب وساعد في ارساء القانون والأمن، ولا نعتقد بوجود خطر حقيقي من هذا النوع، ومن يعتقد بإمكانية حدوث هذا الانقلاب فاقول انه قد تتحرك وحدة عسكرية لتسيطر على منطقة معينة خارج المنطقة الخضراء، لكن نتائج مثل هذه المغامرة وخيمة على من يخوضها، ذلك ان اقليم كردستان لن يعترف بهذا الانقلاب، كما لن تعترف به غالبية القوى السياسية العراقية وبصورة اهم الشعب العراقي الذي سيثور حفاظا على الدستور وعلى النظام الديمقراطي الذي يتحقق في العراق الجديد». وقال الجلبي ان «الوجود العسكري الاميركي في العراق وبدون شرعية سيكون امرا شائكا بالنسبة العراقيين، الذي رفضوا عام 1930 معاهدة بورتسموث بين العراق وبريطانيا، كما ان شرعنة هذا الوجود العسكري الاميركي سيكون مشكلة اكبر». واضاف الجلبي قائلا ان «الاميركيين فاتهم القطار لايجاد الحل، اذ ما كان عليهم ان يحولوا وجودهم في العراق وانهاء النظام السابق الى احتلال، بل كان عليهم ومثلما اقترحنا وقتذاك تشكيل حكومة عراقية وطنية وتسليمها مقاليد البلد».

وعن المخاوف من الانفلات الامني الذي قد يحصل نتيجة انسحاب القوات الاميركية او عدم تكليفها بمهام لحفظ الأمن اذا لم يتم توقيع الاتفاقية، قال الجلبي «في العراق جيش وقوات شرطة استطاعت ان تحارب الارهاب وتدحره، وهناك التفاف شعبي حول قواتنا المسلحة وتعاون، خاصة من قبل قوات الصحوة، والتفاف حول الحكومة التي قامت بانجازات كبيرة في المجال الامني وسيادة القانون، من المهم ان يحافظ العراق على سيادته وهذا قبل كل شيء».

وفي ما يتعلق بالتهديدات التي اطلقها مسؤولون اميركيون تتعلق بحرمان العراق من المساعدات الاميركية، وبضمنها الامنية اذا لم يتم توقيع الاتفاقية، قال الجلبي، ان «هذه التهديدات جاءت عن طريق اشخاص يأتمرون بأمر من الرئيس (جورج) بوش ولم تصدر عن بوش نفسه، ثم ان العراقيين لا تخيفهم التهديدات، ونحن نضع علامات استفهام ازاء هذه التهديدات»، مشيرا الى ان «(نوري) المالكي، رئيس الحكومة العراقية، اثبت شجاعة وقابلية عاليتين في حواره مع الاميركان، وكذلك القادة العراقيين، وهذه التهديدات لا تؤثر عليهم، ثم انه لا يليق بدولة كبرى مثل الولايات المتحدة ان تطلق مثل هذه التهديدات مع بلد تريد ان توقع معه اتفاقية ستراتيجية، فكيف سنتفاهم معهم وهم يطلقون التهديدات باتجاهنا».

ويجد الجلبي ان البديل المطروح في حالة عدم توقيع الاتفاقية هو «ان يتفق العراق مع اعضاء مجلس الامن والاعضاء الدائميين في مجلس الامن ومع الادارة الاميركية للوصول الى مشروع قرار تتفق فيه بغداد وواشنطن على جدولة انسحاب القوات الاميركية وفق مواعيد مسبقة، وان تتعهد اميركا بمساعدة العراق في موضوع التعويضات والديون التي ترهق كاهل البلد، وتحسين تدريب القوات العراقية».