دمشق تنتظر توضيحات أميركية وعراقية رسمية للغارة وتريد اعتذارا وتعويضا

سفارة واشنطن تقول إنها قد تغلق أبوابها ودمشق أبلغتها رسميا بإغلاق المدرسة والمركز الثقافي

جنود سوريون يقفون قرب السفارة الأميركية في دمشق أمس (أ.ب)
TT

بعد أربع وعشرين ساعة على إصدار الحكومة السورية، قرارا بإغلاق المركز الثقافي والمدرسة الاميركيين في دمشق، قامت وزارة الخارجية السورية يوم أمس بإبلاغ السفارة الاميركية بدمشق رسميا بالقرار، وكان موظفون في المركز الثقافي والسفارة الاميركية قد قالوا لـ«الشرق الأوسط» أول أمس لحظة إعلان صدور القرار، إنه ليس لديهم أية تفاصيل عن هذا القرار، الذي سمعوا عنه من خلال وسائل الإعلام. واستدعت وزارة الخارجية السورية يوم أمس، القائمة بالأعمال الأميركية بدمشق، وأبلغتها بشكل رسمي قرار مجلس الوزراء السوري، إغلاق المركز الثقافي الأميركي والمدرسة الأميركية بدمشق، وطلبت إليها اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار.

وعن سبب التأخير في التبليغ الرسمي، قالت مصادر سورية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة التربية كانت تدرس كيفية استيعاب طلاب المدرسة الأميركية في مدارس أخرى. ويوجد 450 تلميذا في هذه المدرسة. من جهته، قال متحدث باسم السفارة الاميركية في سورية أمس، ان الولايات المتحدة قد تغلق السفارة، بسبب مخاوف من أعمال عنف، فيما تتصاعد التوترات بين البلدين، عقب الغارة التي شنتها الولايات المتحدة على سورية.

ومن المزمع تنظيم مظاهرة في دمشق اليوم الخميس، للاحتجاج على الغارة التي وقعت يوم الأحد، وتقول سورية انها أسفرت عن مقتل ثمانية مدنيين.

وقال المتحدث باسم السفارة إن «الجالية الاميركية في سورية عليها أن تدرك أن أحداثا أو ظروفا غير متوقعة قد تحدث، مما قد يتسبب في اغلاق السفارة الأميركية في دمشق أمام الجمهور لأجل غير مسمى».

وأضاف «أن السفارة الاميركية في دمشق، ما زالت قلقة بشأن استمرار التهديد بوقوع هجمات ارهابية ومظاهرات، وغير ذلك من أعمال العنف ضد المواطنين الاميركيين». وامتنع المتحدث عن التعليق عما اذا كان عدد الدبلوماسيين الاميركيين في سورية، أو وضعهم سيتغير.

وستشارك المظاهرة اليوم جماعات تصف نفسها بأنها مستقلة. وقال دبلوماسيون إن الأزمة ربما تتصاعد الى أعمال رد انتقامية، اذا تحولت المظاهرة الى العنف. ولكن مصدرا على دراية بتخطيط المظاهرة، قال انها ستقام بعيدا عن موقع السفارة.

وأضاف «لا توجد خطط لتنظيم مسيرة نحو السفارة. ربما يتم احراق العلم الاميركي، ولكن المظاهرة ستكون سلمية». ويعيش في سورية المئات من المواطنين الأميركيين. وهناك الآلاف ممن يحملون الجنسيتين الأميركية والسورية.

ودعت سورية أيضا مجلس الأمن الى التحرك لمنع تكرار الهجوم، الذي شنته طائرات هليكوبتر أميركية عبرت الحدود، وضربت مزرعة داخل الاراضي السورية.

وفي السياق ذاته أكد نائب وزير الخارجية فيصل مقداد، أن «سورية تنتظر الحصول على توضيحات رسمية من الحكومتين الأميركية والعراقية، حول هذا الخرق غير المقبول للسيادة السورية، قبل اتخاذ مزيد من الإجراءات»، وذلك في اجتماع دعت إليه وزارة الخارجية السورية، السفراء العرب والأجانب المعتمدين بدمشق، حيث قام نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، بعرض التطورات التي حدثت منذ الغارة الاميركية في منطقة البوكمال الأحد الماضي، والتداعيات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية حتى الآن، ردا على هذا «العمل العدواني غير المبرر».

وفي مقابلة مع أسوشييتدبرس قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، إن بلاده تريد اعتذارا أميركيا وتوضيحا عن الغارة التي نفذتها داخل الأراضي السورية، ورفض الرواية الأميركية عن مقتل ابو غادية، مؤكدا ان كل القتلى مدنيون سوريون وان دمشق لا تعرف مكان وجود العراقي ابو غادية. لكنه في الوقت ذاته قال ان البحث عن ابو غادية بواسطة الاستخبارات السورية والاجنبية يجب ان يستمر.

وفي قضية الملف النووي قال: ان سورية قد تنظر في طلب زيارة ثانية لمفتشي وكالة الطاقة الذرية في فيينا الى موقع ضربته اسرائيل العام الماضي بدعوى انه مفاعل نووي في دير الزور.

وجاء ذلك بعد ان قال دبلوماسيون غربيون في فيينا ان تحليلات عينات التربة والهواء في موقع الكَبار اعطت ادلة كافية لمضي تحقيق الامم المتحدة. وقال مقداد ان سورية بانتظار تلقي نتائج التحليلات وقد تنظر في زيارة ثانية للمفتشين اذا تلقت طلبا بذلك، لكنه جدد رفض السماح بزيارة مواقع اخرى كان المفتشون قد طلبوا في المرة السابقة زيارتها، مبررا ذلك بأنها مواقع عسكرية.

وكان وزير الخارجية وليد المعلم، قد اعتبر في تصريح له في لندن، إغلاق المدرسة والمركز الثقافي أنه «جزء من الرد على عملية البوكمال»، مشيرا إلى أن «لسورية الحق في حماية نفسها وشعبها، ضد أي عدوان إرهابي يوجه إليها، وما حدث في البوكمال، كان عملا إجراميا وإرهابيا». واستبعد المعلم الخيار العسكري من جملة الخيارات الممكن ان تتخذها سورية، ردا على العملية العسكرية الأميركية، التي قال مسؤولون أميركيون، انها تستهدف عراقيا ينظم ارسال مسلحين الى العراق، وهو ما نفته دمشق، وقال «ننتظر من الحكومتين العراقية والاميركية، توضيحات بنتائج التحقيق في هذه العملية، وان سورية ستتخذ الخيارات المناسبة على ضوء هذه التوضيحات، إن كانت مقنعة أو واهية»، مستبعدا أن «تشمل الخيارات السورية، الخيار العسكري».