بوتفليقة يعلن عن تعديل دستوري يتيح له التمديد.. ويعزز دور مؤسسة الرئاسة

المشروع سيعرض على البرلمان خلال أيام.. والمعارضة تعتبر الديمقراطية «أكبر ضحاياه»

بوتفليقة يلقي كلمته أمام القضاة بمناسبة بدء السنة القضائية في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إجراء تعديل دستوري، على مستوى البرلمان، يعتقد أنه يتضمن بنداً يسمح له بالترشح لولاية ثالثة العام المقبل، يمنعها الدستور الحالي.

وقال بوتفليقة، 71 سنة، في كلمة ألقاها أمام القضاة أمس بمناسبة بدء السنة القضائية: «سنقترح على البرلمان بعد استشارة المجلس الدستوري وعملاً بأحكام المادة 176 من الدستور، إغناء النظام الدستوري بأسس الاستقرار، والفعالية والاستمرارية». وأضاف ان هذا الإغناء سيتمحور حول «حماية رموز الثورة المجيدة لئلا يطالها أحد او يغيرها او يتلاعب بها» و«إعادة تنظيم وتحديد وتوضيح الصلاحيات والعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية مع عدم المس بتوازن السلطات لتمكين الشعب من ممارسة حقه المشروع باختيار حكامه وتجديد الثقة فيهم بسيادة كاملة».

وأضاف بوتفليقة أنه تأخر في تعديل الدستور «لأني فضلت الاهتمام بأولويات المواطن الجزائري», مشيرا إلى أنه كان صرح في 1999 وفي 2004 بأنه مصمم على تغيير الدستور «لكن ثقل الالتزامات وتراكم الأولويات وتعدد الاستحقاقات حالت دون تجسيد هذا الهدف، وفرضت مزيداً من التريث والانتظار حيث كان الانشغال منصباً آنذاك على مكافحة الإرهاب وتكريس سياسة الوئام والمصالحة ومعالجة مختلف آثار المأساة الوطنية».

وذكر بوتفليقة أنه استعان بالمادة 176 من الدستور في قرار التعديل، وذلك في إشارة إلى نص يمنحه صلاحية إدخال تعديلات على القانون الأعلى بتزكية من ثلثي أعضاء البرلمان، شريطة أن لا يمس جوهر التوازنات بين السلطات. لكنه قال إنه سيذهب في المستقبل إلى الاستفتاء الشعبي لأنه عازم على إحداث تغييرات كبيرة في الدستور، دون توضيح متى سيتم ذلك. ويعكس هذا التصريح بأن الرئيس متأكد بأن الجزائريين سينتخبون عليه في الاقتراع الرئاسي المرتقب في أبريل (نيسان) القادم.

وكشف بوتفليقة عن عزمه كسر المادة 74 من الدستور التي تمنع الترشح لأكثر من ولايتين، ورد على من يتهمونه «باستغلال» صلاحياته الدستورية ليمنح لنفسه ولاية ثالثة، فقال: «إن الشعب يملك الحق في ممارسة حقه المشروع في اختيار من يقود مصيره، وأن يجدد الثقة فيه بكل سيادة إذ لا يحق لأحد أن يقيد حرية الشعب في التعبير عن إرادته، فالعلاقة بين الحاكم المنتخب والمواطن الناخب هي علاقة ثقة عميقة متبادلة، قوامها التزكية بحرية وقناعة».

وأضاف معبرا عن تمسكه بفترة رئاسية أخرى: «إن التداول الحقيقي على السلطة ينبثق عن الاختيار الحر الذي يقرره الشعب بنفسه، عندما تتم استشارته بكل ديمقراطية وشفافية في انتخابات حرة تعددية.. إذن للشعب والشعب وحده تعود سلطة القرار». وأوضح بوتفليقة أن الدستور الجديد، سيضيف مادة جديدة تنص على ترقية الحقوق السياسية للمرأة وتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة على جميع المستويات.

ومباشرة بعد خطاب الرئيس بوتفليقة، قال رئيس الحكومة أحمد أويحيى للصحافيين إن مشروع تعديل الدستوري سيعرض على البرلمان في غضون 10 أيام، مشيرا إلى أن التصويت عليه من طرف أعضاء الغرفتين البرلمانيتين سيتم قبل نهاية الشهر المقبل. يشار إلى أن الرئيس أجرى تعديلا على الدستور الحالي، بنفس الصيغة عندما أضاف مادة ترتقي باللغة الأمازيغية إلى لغة وطنية مثل العربية عام 2002.

ومن جهته، صرح عبد العزيز بلخادم، وزير الدولة الممثل الشخصي للرئيس، بأن بوتفليقة «ماض نحو الاستفتاء الشعبي في المستقبل». وأضاف: «لقد وعد حزبنا (جبهة التحرير الوطني) بأن الدستور الحالي سيتغير وسيتحقق ذلك، وقلنا أيضاً إن بوتفليقة سيترشح للرئاسة مجددا وسيتحقق ذلك أيضا».

ويعتقد أن مشروع تعديل الدستور يتضمن بنوداً تعزز تقوية دور مؤسسة الرئاسة في البلاد. ويثير موضوع تعديل الدستور جدلاً سياسياً في الجزائر. وقال قيادي من حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني المعارض، إنه لم يتفاجأ لقرار الرئيس تعديل الدستور بهدف الترشح لولاية ثالثة. وأوضح محمد خندق في اتصال به: «لقد لاحت مؤشرات ذلك في الأفق منذ زمن بعيد، وللأسف فإن كل رئيس يأتي إلا ويغير الدستور حتى يجعله على مقاسه، والضحية في كل هذا هي الديمقراطية ومبدأ التداول على السلطة».

وبدوره، قال موسى تواتي رئيس حزب «الجبهة الوطنية الجزائرية» المعارض، وأول شخصية أعلنت عزمها الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، إن رغبة بوتفليقة في الترشح لا تقلقه. وأضاف في اتصال هاتفي أجري معه: «الدستور يمنحه صلاحية التعديل والترشح، ولا بد أن نحترم ذلك». ويرى تواتي نفسه «منافسا عنيداً لبوتفليقة في الانتخابات»، ويرفض التسليم بأن الرئيس سيفوز مسبقا برابع انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد.

وعبر موظف في إدارة النقابة المركزية يدعى مقداد، عن «سروره» لبقاء بوتفليقة في الحكم «فهو رجل الاستقرار والجزائر لا تزال بحاجة إليه»، مشيرا إلى أن البلاد «تفتقد لشخص في حكمة وذكاء الرئيس لإخراجها من أزمتها». فيما أبدى شاب عاطل عن العمل بحي بلكور الشعبي بالعاصمة، عدم اكتراثه بالموضوع، وقال في حديث معه: «لا يهمني من يحكم البلاد، بوتفليقة أم علي بن حاج أم حاج عيسى (لاعب كرة قدم مشهور محليا)، المهم هو كم يدخل جيبي من دينارات في اليوم».