الانتخابات الأميركية: إقبال كبير على التصويت المبكر

32 ولاية تسمح بصناديق الاقتراع المبكر

TT

داخل محلات البقالة بمختلف أنحاء لاس فيغاس، يدلي الناخبون بأصواتهم، ثم يتحولون إلى شراء ما يحتاجونه من سلع. وقد أدلى ما يقرب من 100 شخص بأصواتهم من نوافذ سياراتهم داخل أورانغ كاونتي بكاليفورنيا. كما اتجهت عدة حافلات محملة بالناخبين إلى مجلس كوياهوجا كاونتي الانتخابي بمدينة كليفلاند في كاليفورنيا يوم الأحد للإدلاء بأصواتهم. وفي مختلف صوره، شكلت نشاطات التصويت المبكر حدثاً بارزاً خلال العام الانتخابي الحالي. وقد دفعت الطوابير الضخمة، التي اصطفت في فلوريدا، حاكم الولاية، تشارلي كريست، لإصدار أمر تنفيذي يقضي بتمديد ساعات التصويت المبكر بمختلف أنحاء الولاية من ثماني ساعات يومياً إلى 12 ساعة، بينما وقفت امرأة عجوز لمدة طويلة تحت أشعة الشمس في ولاية جورجيا كي تدلي بصوتها حتى سقطت فاقدة الوعي. بالنسبة للكثيرين، جاء التصويت المبكر بمثابة محاولة لوضع نهاية للخطابات الانتخابية المنمقة والمستمرة من دون انقطاع، واستطلاعات الرأي المتزايدة والتوترات التي تعم البلاد، على الأقل داخل منازلهم ومع أنفسهم، وذلك طبقاً لما كشفته لقاءات أجريت على مدار الأيام العديدة السابقة مع العشرات ممن شاركوا في عمليات التصويت المبكرة داخل ست ولايات. وتقول روندا وولكوكس، 83 عاماً، التي قدمت إلى مركز مجتمعي هنا يوم الاثنين لانتخاب السيناتور الجمهوري جون ماكين: «رأيت أن ذلك شيء جيد، فلم أكن أنوي تغيير رأيي». ومن ناحية أخرى، أعرب البعض عن مخاوفهم، فعلى سبيل المثال، قالت جلينيتر براثر، 44 عاماً: «شعرت بالخوف ألا يتم عد أصواتنا حال مشاركتي في التصويت المبكر. أعني أنه ستتوافر فترة زمنية كافية لضياع الأصوات. إنني لا أحب الاعتراف بذلك، لكن شكلت تلك سمة مميزة لفلوريدا». ومع ذلك، أدلت براثر بصوتها لصالح السيناتور الديمقراطي باراك أوباما. يذكر أن من بين الولايات الـ32 التي تسمح لقاطنيها بالإدلاء بأصواتهم مبكراً، إما بأنفسهم أو عن طريق البريد، من دون إبداء عذر محدد، قام قرابة ربع الناخبين المسجلين بالإدلاء بأصواتهم بالفعل ـ وهو رقم يصل لعدة ملايين. وداخل بعض المقاطعات بمختلف أنحاء البلاد، ترتفع نسبة من أدلوا بأصواتهم عن ذلك بكثير. ومن المقرر أن تستمر عمليات التصويت المبكر لعدة أيام مقبلة داخل غالبية الولايات، ولكن توقفت بالفعل داخل لويزيانا. ومن المتوقع أن تتوقف السبت أو الأحد في ولايات أخرى، بهدف توفير بعض الوقت لتعديل السجلات من أجل الحيلولة دون قيام أحد بالتصويت مرتين. وتكشف الإحصاءات أنه عام 2004، شارك 22% من الناخبين في التصويت المبكر. ومن المتوقع أن تصل النسبة هذا العام إلى ما بين 30% و35%. ويقول جيمس هكس، مدير البحث بمركز بيانات التصويت المبكر داخل ريد كوليدج في بورتلاند بولاية اوريغون «نتوقع أن يقوم بذلك ثلث من لهم حق الانتخاب». وأوضح دوج لويس، المدير التنفيذي بالمركز الانتخابي في هوستن، أنه رغم أن بعض الولايات تقوم بتشغيل أجهزة فرز الأصوات بالنسبة للتصويت المبكر قبل يوم الانتخاب الرسمي، لا يكشف أي منها عن النتائج حتى إغلاق مراكز الاقتراع يوم الانتخاب. ورغم ذلك فإن نتيجة واحدة باتت معروفة بالفعل، ألا وهي أن الناخبين أقبلوا على صناديق الاقتراع مبكراً. وفي بعض الأماكن، مثل مراكز الاقتراع الثلاثة التي قمنا بزيارتها بمنطقة لاس فيغاس يوم الاثنين الماضي، تمت مكافأة الناخبين من خلال العمل على تيسير إجراءات التصويت، بحيث لم يضطروا إلى الانتظار طويلاً. وقدمت الكثير من المحلات التجارية خدمة التصويت الالكتروني. بيد أنه داخل ولايات أخرى، امتدت طوابير الناخبين لساعات عدة، ما شكل ضغطاً عصبياً على الكثيرين منهم. وعلى سبيل المثال، في ولاية نيو أورليانز، انتظر الناخبون لمدة ست ساعات كي يتمكنوا من المشاركة في التصويت. وفي جوبيتر بولاية فلوريدا، تمت الاستعانة بحراس أمنيين من أجل توجيه حركة المرور والمساعدة في التغلب على الاضطراب الذي أصاب منطقة المكتبة العامة في المقاطعة، حيث عانت المنطقة من ازدحام مروري شديد، لإقدام الناخبين على إيجاد مكان لانتظار سياراتهم بحيث يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم. وفتحت مراكز الاقتراع التصويت في كلايتون كاونتي، التي تضم بعض ضواحي أتلانتا، أبوابها حتى الواحدة صباحاً في أحد أيام الأسبوع السابق كي تتمكن من استيعاب الناخبين الذين تأخروا في الإدلاء بأصواتهم بسبب مشكلات في عمليات تسجيل الأصوات. إلا أنه رغم المشكلات والتأخيرات، أعرب الناخبون داخل الكثير من الولايات عن اعتقادهم بأن التصويت المبكر، من دون قيود الماضي التي فرضت تقديم عذر يبرر المشاركة في التصويت المبكر ـ شكل فرصة كبرى. مثلاً، قال أرثر شوتز، 62 عاماً، الذي شارك في التصويت يوم الاثنين داخل المركز الاجتماعي في هندرسون: «في نيو هامبشير حيث أنتمي في الأصل ليس من المسموح التوجه إلى صناديق الاقتراع الا يوم الانتخاب والوقوف تحت الثلوج المتساقطة والتحدث الى جيرانك. لكن هنا بمقدورك الإدلاء بصوتك في غضون خمس دقائق والعودة لمنزلك بعدها. إنه أمر رائع». والمؤكد أن الاقتراع المبكر يخدم من يعملون لساعات طويلة وربما تضيع منهم فرصة المشاركة في الاقتراع. وتقول دونا سيمبسون، 59 عاما، التي أدلت بصوتها في كليفلاند، وتتوقع أن تعمل في نوبة عمل قدرها 12 ساعة يوم الانتخابات: «إن عملية التصويت دائما ما تمثل مشكلة بالنسبة لنا كممرضات، فدائما نحاول الوصول إلى طريقة نساعد بها بعضنا البعض على الذهاب والإدلاء بأصواتنا. وأعتقد أن هذا الحدث من أكثر الأحداث روعة، لأن التصويت دائما يكون مثل التحدي بالنسبة لأشخاص مثلي».

وحتى الوقت الحالي، جذبت عمليات الاقتراع المبكر عددا من الديمقراطيين أكبر من الجمهوريين. فعلى سبيل المثال، وطبقا للمسؤولين الانتخابيين بولاية نورث كارولينا، فإن 58% من المقترعين المبكرين كانوا ديمقراطيين مقارنة بـ25% من الجمهوريين. كما وصل الديمقراطيون أيضا إلى أعداد كبرى في فلوريدا، وأيوا، ونيو مكسيكو. وفي الشهور القليلة المنصرمة، قام متطوعون لأوباما (الديمقراطي) في كاليفورنيا، وهي الولاية المضمون ذهابها إلى الديمقراطيين، بإجراء اتصالات هاتفية للمقترعين في نيفادا المتاخمة للولاية، مما ساعد على زيادة عدد الناخبين المحمتل إدلاؤهم بأصواتهم في عمليات التصويت المبكر. أما في نيفادا، التي كانت المعقل الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الماضية، كان 52% من الناخبين المبكرين في المراكز السكانية من الديمقراطيين، و32% من الجمهوريين، و16% من الناخبين غير المنتسبين إلى أي حزب. وبين الممرات التجارية في مركز سانسيت التجاري في هيندرسون، أدلى بعض الناخبين بأصواتهم، حيث اصطف الناخبون لاستخدام 3 صفوف من الماكينات وُضعت بين محلين للمجوهرات، ومتجر ميرفين ومحل لبيع كريم الوجه. وقام المتطوعون بتوجيه المواطنين، الذين كان بعضهم يحمل حقائب التسوق ـ نحو الماكينات المفتوحة باستخدام أعلام أميركية صغيرة. وقد جاء ليه دارينغتون، 30 عاما، مع أربعة أزواج ليدلوا بأصواتهم في الانتخابات، وأخذ الاشخاص الاربعة يسلون أطفالهم الخمسة الذين كانوا معهم.

وقامت إحدى الأمهات بشد ابنها ديلانو على سبيل التحذير عندما كان يحاول سحبها من صفوف آلات الاقتراع نحو متجر لبيع الألعاب، وقالت: «إنني واقفة في صف لانتخاب الرئيس، لذا عليك أن تكون حسن السلوك».

وكان هناك أزواج كبار السن، والعشرات من الآباء الذين يدفعون عربات الأطفال أمامهم، وأزواج يمسكون بأيدي بعضهم البعض وهم يضعون ملصقات على قمصانهم مكتوبا عليها «أدليت بصوتي»، كما كان هناك الكثير من المقترعين لأول مرة. وتقول كريستي كامينسكا، 20 عاما، التي اختارت أوباما في أول عملية تصويت لها: «لقد كان هذا ممتعا، لقد كنت في الفصل يوم الثلاثاء، وسمعت أحد الأشخاص يقول في المدرسة إنني يمكنني الاقتراع هنا. علاوة، على أن لدي أشياء أريدها أن تعود». وفي بيتسبورو، نرى زاو مين ثو، 36 عاما، وهو لاجئ من ماينمار أتى إلى الولايات المتحدة منذ 8 سنوات، وقام بالانتخاب للمرة الأولى، معطيا صوته لأوباما. ويقول ثو، الذي يعمل حارسا في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل: «أردت تسجيل صوتي نظرا لجدول عملي، إن حكومتنا عسكرية، وهي ليست جيدة، ولهذا أدليت بصوتي اليوم».

وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية، جمعت كنيسة ماونت أوليف ميشوناري بابتيست، إحدى أكبر كنائس السود في كليفلاند، حوالي 200 صوت من مرتادي الكنيسة بانتظام لاقتراعات التصويت المبكر. ويقول لاري هاريس، أحد قساوسة الكنيسة: «إنني أنظر إلى هذا على أنه شكل من أشكال إزالة الكولسترول من نظام التداول المغلق في العملية الانتخابية لهذه البلاد، إننا نعلم أننا نريد عددا يكسر الرقم القياسي لهذه الانتخابات، ومن الصعب حصر كل الأصوات في هذا اليوم (يقصد يوم الانتخابات)، وإذا ما كان الطقس سيئا، سيمكث عدد من الأشخاص في منازلهم. لذا فنحن بحاجة إلى أن نجمع الأصوات مبكرا، والتأكد من أن جميع الأصوات قد تم حصرها».

* خدمة «نيويورك تايمز»

* شارك في إعداد المقال: روبي براون من جورجيا، توم كولينز ومارك هالون من فلوريدا، بول كودروس في نورث كارولينا، دان فروش وميندي سينك في كولورادو، كريس ماغ في أوهايو.