معارضة شديدة في الأحزاب الإسرائيلية لاستئناف مفاوضات أولمرت مع سورية

دمشق مستعدة لمتابعة المفاوضات إذا كانت ظروف إسرائيل تسمح باستمرارها جديا

TT

تواجه محاولات رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت، لاستئناف المفاوضات مع سورية، معارضة شديدة في الأحزاب الاسرائيلية. ولا تقتصر هذه المعارضة على اليمين المعارض، بل تشمل أيضا أحزاب الائتلاف. وحتى وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، التي انتخبت رئيسة لحزب «كديما» مكان أولمرت، لا تنظر لهذه المفاوضات بعين الرضا، وتقول ان الأمر الأساس المطلوب في المسار السوري اليوم هو منع تدفق الأسلحة الى حزب الله اللبناني عن طريق سورية.

وهاجم رئيس حزب «شاس» وزير التجارة والصناعة ايلي يشاي، أولمرت على هذه الفكرة وقال ان هذا ليس الوقت لمفاوضات مع سورية وان المفروض ان يتاح للجمهور الاسرائيلي أن يقرر بشكل ديمقراطي أية حكومة يريد وأية سياسة يحبذ. وأما في الليكود المعارض، فقال النائب يوفال شتاينتس ان أولمرت «يتطوع لانقاذ سورية الآن بالذات من عزلتها بعد أن اضطرت القوات الأميركية الى انتهاك حرمة الأراضي السورية لملاحقة رجالات القاعدة الذين تؤويهم على أراضيها وتوفر لهم الخدمات اللوجستية الضرورية لتنفيذ عمليات ارهابهم».

وكانت مصادر مقربة من رئيس الوزراء أولمرت كشفت عن استئناف الجهود التركية لإعادة كل من سورية واسرائيل الى طاولة المفاوضات. وقالت هذه المصادر ان أولمرت التقى وزير الدفاع التركي، أول من أمس وتباحث معه في الموضوع وان الوزير التركي أبلغ أولمرت ان بلاده ترى ان هناك فرصة لاستئناف المفاوضات حاليا. وأضافت المصادر ان مكتب أولمرت ومكتب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، سيجريان اتصالات بينهما في الأسبوع المقبل حول الترتيبات الاجرائية الضرورية لاستئناف المفاوضات وتحديد موعدها الدقيق.

واتضح، حسب مصادر سياسية في القدس، ان العودة للحديث عن مفاوضات تمت بعد أن نقل وزير الخارجية الدنماركي، بيار سبنتيج مولر، رسالة الى أولمرت من الرئيس السوري بشار الأسد، يقول فيها ان سورية مستعدة لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل حتى في الفترة القريبة التي يوجد فيها الرئيس جورج بوش في البيت الأبيض، ولكن بشرط أن تعطي اسرائيل ردها على الأسئلة الست التي قدمتها لها في جولة المفاوضات الأخيرة (29 – 30 يوليو الماضي)، بخصوص الانسحاب الاسرائيلي من كامل الأراضي المحتلة في الجولان. وقال الأسد في تلك الرسالة الشفهية انه في حال تلقيه إجابات ايجابية سيوافق على الطلب الاسرائيلي بتحويل اللقاءات غير المباشرة في تركيا الى مفاوضات مباشرة فورا.

وقد رد أولمرت، حسب تلك المصادر، بالقول انه عمليا أعطى ردا ايجابيا على النقاط الست، وذلك خلال المقابلة الصحافية التي أجرتها معه صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قبل ثلاثة أسابيع. وكان أولمرت قال يومها ان السلام مع سورية سيكون مبنيا على الانسحاب الكامل من الجولان.

وازاء المعارضة التي انطلقت في اسرائيل ضد فكرة استئناف المفاوضات، نقل على لسان أولمرت قوله انه لن يسعى للتوصل حاليا الى اتفاق سلام متكامل مع سورية انما يريد اعطاء دفعة لهذه المفاوضات ونقلها الى مستوى التفاوض المباشر. وأضاف أولمرت ان المفاوضات حققت حتى الآن انجازات مهمة لا يجوز اجهاضها، وان الاستمرار فيها سيوفر للحكومة الاسرائيلية القادمة أساسا لمواصلة الانجازات. ورفض مكتب أولمرت أن تكون هناك علاقة بين استئناف المفاوضات وبين عملية الكوماندوس الأميركية شرقي سورية مطلع الأسبوع. وقال ان لا دخل لاسرائيل في هذه العملية وان حكومته تحاول استئناف المفاوضات مع دمشق منذ عدة أسابيع.

الجدير ذكره ان المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وسورية بدأت في الحادي والعشرين من شهر مايو (أيار) الماضي في اسطنبول. وعقدت في اطارها أربع جولات رسمية. لكن رئيس الوفد الاسرائيلي المفاوض، يورام طوربوبتش، استقال في 2 أغسطس من منصبه كرئيس لطاقم ديوان رئيس الوزراء، معلنا رغبته في الاستمرار في ادارة المفاوضات. وقرر المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز فحص المسألة من الناحية القانونية وقال ان هناك اشكالية قانونية في الموضوع. وفي هذه الأثناء تعقدت الأزمة الحكومية في اسرائيل واضطر أولمرت نفسه الى الاستقالة وبدا ان حكومة جديدة ستقوم في اسرائيل. فقررت سورية تجميد المفاوضات قائلة ان الوضع في اسرائيل من جهة والموقف الأميركي من جهة ثانية يجعلان المفاوضات غير جدية. وفي الوقت نفسه قرر مزوز السماح للمفاوض طوربوبتش أن يواصل ادارة هذه المفاوضات. من ناحية اخرى قال مصدر رسمي سوري لـ «الشرق الأوسط» ردا على ما نقل عن نية رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت متابعة المفاوضات غير المباشرة الجارية بين إسرائيل وسورية عبر الوسيط التركي في الثلاثة أشهر المتبقية لحكومته «نحن مع استمرار عملية المحادثات غير المباشرة، إذا كانت الظروف الإسرائيلية تسمح باستمرارها بشكل مجدي». وأوضح المصدر أن المحادثات غير المباشرة «توقفت عند نقطة الاتفاق على خط الرابع من حزيران، وإذا تم الاتفاق ممكن أن نجري مفاوضات مباشرة» مشددا على ان «سورية مستعدة للسلام إذا كان الطرف الآخر مستعدا له».