ثلاث ولايات ستكون أرض المعركة يوم الثلاثاء.. والعيون مركزة عليها

الخريطة تغيرت منذ انتخابات عام 2004.. وبعض الولايات الحمراء أصبحت زرقاء

TT

مع اقتراب يوم التصويت في الانتخابات الأميركية الرئاسية، تتركز الانظار في الولايات المتحدة على الولايات المتأرجحة التي تصوت احيانا في انتخابات الرئاسة مع الحزب الجمهوري واحيانا مع الحزب الديمقراطي. ورغم ان المرشح الديمقراطي باراك اوباما يظل متقدما على ماكين بمتوسط سبع نقاط، تبقى الولايات المتأرجحة، مثلما في انتخابات رئاسية كثيرة في الماضي، هي نقطة الفصل.

يسميها الاميركيون، ايضا، ولايات «باتلغراوند» (ارض المعركة)، أو «ولايات بنفسجية» لانها، في الانتخابات الاخيرة لم تؤيد الحزب الجمهوري (لونه احمر) تأييدا قويا، ولا الحزب الديمقراطي (لونه ازرق) تأييدا قويا. وهذه الولايات بحسب انتخابات عام 2004: فلوريدا، اوهايو، بنسلفانيا، ايوا، وكولورادو، ونيفادا. في تلك السنة فاز بوش في كولورادو واوهايو وايوا، وفاز برئاسة الجمهورية. هذه السنة، بعض هذه الولايات أصبحت ولايات ديمقراطية، وغيرها دخل ليصبح «أرض معركة».والولايات التي ستنصب الانظار عليها يوم الثلاثاء المقبل مع بدء فرز الاصوات، هي: فلوريدا وأوهايو ونورث كارولينا.

هذه السنة، يتقدم اوباما في هذه الولايات الاربع، حسب استفتاء اجرته وكالة انباء اسوشيتدبرس، واعلنت نتائجه اول من امس. في ولاية كولورادو، التي فاز فيها الرئيس بوش في انتخابات سنتي 2000 و 2004، تفوق اوباما بفارق كبير هو تسع نقاط (50 ـ41 في المائة).

واستفاد من زيادة شعبية اوباما مرشحون آخرون من الحزب الديمقراطي، مثل مارك يودال، ابن موريس يودال الذي كان من قادة الحزب الديمقراطي في الجيل الماضي، ويريد الابن ان يفوز على السناتور الجمهوري شيفر، وفعلا، اوضح الاستفتاء ان شيفر يحتاج الى معجزة ليفوز على يودال.

في ولاية فلوريدا المتأرجحة، يضيق الفرق بين اوباما وماكين، وينخفض الى نقطتين فقط (45ـ43 في المائة). ومن اسباب ذلك نفوذ الجالية الكوبية التي تأسست قبل نصف قرن تقريبا عندما قاد كاسترو ثورة شيوعية ادت الى هجرة نصف مليون كوبي الى الولايات المتحدة، وخاصة الى ولاية فلوريدا. ولهذا، ظلت الولاية جمهورية خلال اربع انتخابات رئاسية جمهورية اخيرة. بالاضافة الى زيادة نسبة كبار السن، وخاصة اصحاب المعاشات والمتقاعدين. ويعتقد ان هذا من الاسباب التي جعلت 13 في المائة من البيض الذين يؤيدون الحزب الديمقراطي يقولون ان السود «عنيفون». ويعتقد ان انخفاض تأييد اوباما في فلوريدا ليس لأنه اسود بقدر ما لانه محسوب على السود. وايضا، قل الفرق بين اوباما وماكين في ولاية أخرى صارت متأرجحة، ولم تكن كذلك، هي ولاية نورث كارولينا، والتي ايضا، كانت ولاية جمهورية خلال الاربع انتخابات الاخيرة لرئيس الجمهورية. ومثل ولاية كولورادو المتأرجحة، استفاد آخرون في الحزب الديمقراطي في ولاية نورث كارولينا من شعبية اوباما. وتواجه السناتورة الجمهورية العتيدة اليزابيث دول، زوجة السناتور السابق بوب دول، تحديا، لأول مرة منذ اثنتي عشرة سنة امام كاي هاقان التي تريد ان تفوز عليها. وفي ولاية اوهايو المتأرجحة، زاد تفوق اوباما على ماكين، وصار سبع نقاط (48 ـ41). ووسط الولايات المتأرجحة تعتبر اوهايو الاهم، لانها في انتخابات سنة 2004 حسمت المعركة لصالح الرئيس بوش، وفعلت الشيء نفسه في انتخابات العام 2000. لهذا، إذا فاز اوباما في اوهايو، يكون، نظريا على الاقل، فاز بالرئاسة.

ومقابل الولايات المتأرجحة، توجد «ولايات مضمونة»، وهي الجمهورية الحمراء والديمقراطية الزرقاء. وطبعا، اكتسح اوباما الزرقاء في كل الاستفتاءات الاخيرة، والسؤال هو: هل سيقدر على كسب ولايات حمراء، بعد ان كسب ولايات بنفسجية؟ لن يكون سهلا على اوباما كسب ولايات الجنوب الجمهورية الحمراء التقليدية الثمانية: الاباما، مسيسبي، لويزيانا، جورجيا، تكساس، ساوث كارولينا، تنيسي، كنتاكي. ومن المفارقات ان هذه هي الولايات التي تعيش فيها اغلبية السود، وهي ولايات تجارة الرقيق الاساسية. كانت حتى قبل اربعين سنة ولايات ديمقراطية. لكن، بعد ان رضخ الحزب الديمقراطي، بقيادة الرئيس ليندون جونسون، لمطالب حركة الحقوق المدنية، ومظاهرات القس الاسود مارتن لوثر كينغ، استغل الحزب الجمهوري غضب وخوف البيض في هذه الولايات. وهكذا، بين يوم وليلة، لم تصر فقط ولايات جمهورية، ولكن، ايضا، صارت معقل الحزب الجمهوري (بالاضافة الى ولايات جمهورية تقليدية في الغرب مثل وايومنغ (ولاية نائب الرئيس شيني).

ويعود اسم «باتيلغراوند» (ولايات المعارك) الى حقيقة تاريخية هي ان كل الولايات تقريبا تحدد الرئيس الفائز حسب عدد الاصوات فيها. مثلا: اذا فاز اوباما في ولاية اوهايو بفرق صوت واحد، يصوت له كل ممثلي الولاية في «الكلية الانتخابية» (الكشن كوليدج)، الذي يجتمع بعد الانتخابات، ورسميا، يحدد الرئيس الفائز. لهذا، تقل الحملات الانتخابية في ولايات مضمونة لهذا الحزب او ذاك. ولهذا، تزيد الحملات الانتخابية في ولايات المعارك.

ولهذا، لم يذهب اوباما، وهو الاسود الى ولايات الجنوب «السوداء» الرئيسية الثلاث: الباما، مسيسبي، لويزيانا) الا مرات قليلة جدا منذ ان ترشح للانتخابات الاولية، ناهيك عن الانتخابات الرئاسية. وفي الجانب الآخر، لم يذهب ماكين كثيرا الى ولايات ليبرالية مثل كاليفورنيا وهاواي، ونيويورك، وولايات اخرى في الشمال الغربي الليبرالي نسبيا. تاريخيا، لم تكن الولايات المتأرجحة حاليا متأرجحة. في انتخابات سنة 1888 الرئاسية، كانت منها: انديانا (كانت بين جمهورية وديمقراطية، وهي الان مضمونة للجمهوريين) ونيويورك (كانت بين الاثنين، وهي الآن مضمونة للديمقراطيين، بل قلعتهم). ومنذ ذلك الوقت، كانت ولاية اوهايو متأرجحة.

ويعني هذا الامر ان الكثير من الولايات تتغير خلال فترة مائة سنة تقريبا. ويسمي اساتذة العلوم السياسية هذه الظاهرة «سوينغ سايكل» (دورة التأرجح).

واخيرا، اذا فاز اوباما حسب نتائج الاستفتاءات الاخيرة، ربما لن تصبح ولايات التأرجح متأرجحة مرة أخرى، ويكون اوباما، ليس فقط اول رئيس اسود، ولكن اول من بدأ الدورة التأرجحية الجديدة.