حماس تجند جيشا من الأزواج في حفل زفاف جماعي من أجل الأرامل

أحد أعضاء كتائب القسام: الزواج مثله مثل «الجهاد».. تولد جيلا آخر يؤمن بالمقاومة

TT

فيما كان العرسان يتألقون بقمصانهم البيضاء، ارتدت العرائس جميعهن السواد. ففي حفل أخير، عُقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) في الإستاد الرياضي، تجمع الآلاف من الفلسطينيين – 300 من المتزوجين حديثا إلى جانب أقاربهم وأصدقائهم ـ في حفل زفاف جماعي، وهو العاشر من نوعه الذي يتم إجراؤه هذا العام برعاية حماس. جدير بالذكر أن حماس، الجماعة الإسلامية المسلحة المسيطرة على غزة، والمقيّدة بهدنة مع إسرائيل منذ يونيو (حزيران)، سمحت لمقاتليها المختبئين بالظهور من جديد، إلا أنها تركتهم مع القليل من المهام التي ينجزونها. تجدر الإشارة إلى أن المئات من النساء المتزوجات من أعضاء بالجماعة ترملن خلال الفترة الأخيرة، حيث قُتل أزواجهن إما في مواجهاتها مع إسرائيل، أو في غمار القتال المحتدم العام الماضي بينها وبين منافستها فتح ذات التوجهات العلمانية. ومع انتهاز فرصة توقف العنف، عمد قادة حماس إلى التوفيق بين العازبين من مقاتليها والنساء الأرامل، ومنحت غير القادرين منهم على تحمل أعباء تلك الاحتفالات المهور وأقامت لهم حفلات الزفاف. ويقول محمد يوسف، أحد أعضاء كتائب القسام؛ الحركة السرية التابعة لحماس، والذي تزوج حديثًا: «إن الزواج مثله مثل الجهاد، فبالزواج تولّد جيلاً آخر يؤمن بالمقاومة». وشارك في حفل الزفاف الأخير حوالي 300 عضو من بين كتائب القسام، معظمهم في مرحلة العشرينات، مع زوجاتهم الجديدات، وأُقيم الحفل في إستاد رياضي بمقاطعة التفاح، شرق غزة. وتعهدت المساجد المحلية بإقامة هذا الحفل، كما عرضت المساعدة على إيجاد الزوجات للعازبين من الرجال الذين لم تستطع عائلاتهم حتى الآن ترتيب زواج لهم. وكنوع من التحفيز الإضافي، تم التعهد بمنح الأزواج منحة مالية بديلا عن المهر، الذي لا يستطيع توفيره سوى القليل من العائلات. إلا أن الحصار الاقتصادي الذي تفرضه إسرائيل على غزة، وتُصنف إسرائيل مثلها مثل الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي حماس على أنها منظمة إرهابية، قلل من فرحة الاحتفالات بالزواج إلى حد ما. وفي الوقت الذي يتلقى فيه الأزواج شديدو الفقر منحة قدرها 2000 دولار، تلقى الأزواج الآخرون الأقل عسرة منحا تعادل 200 دولار فقط. وتقول علا دالو، 21 عاما، وإحدى الزوجات المحبطات وهي تميل برأسها على زوجها الجديد علي مصباح 24 عاما: «إن هذه تكلفة لوح من الخشب من أثاث غرفة النوم». بينما يقول وائل تيسير، رئيس جمعية التيسير التابعة لحماس، التي تحاول بدورها تزويد المقاتلين بسبل الزواج، إن «العديد من المسلمين في دول الخليج الذين اعتادوا التبرع بالأموال توقفوا عن تحويل الأموال نتيجة للخوف». ولحل أزمة هذا الانخفاض، تبرع إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس بغزة، بمبلغ 30000 دولار لإقامة حفل زفاف مجموعة التفاح، كما تبرع محمود الزهار، أحد قادة حماس البارزين بمبلغ 10000 دولار. وأوضح الزهار خلال حفل الزفاف قائلاً: «أموالكم لا تذهب إلى الكازينوهات»، مشيرا في ذلك إلى أن التبرعات يتم تخصيصها فقط لتدعيم الأجندة الإسلامية، وليس للذهاب إلى جيوب المسؤولين، وهو الاتهام الذي طالما كان موجها إلى الحكام السابقين في فتح. وتابع قائلاً: «سيكون هناك المزيد من حفلات الزفاف، ولن يبقى أحد عازبا».

وعلى الرغم من أن حماس طالما نظمت العديد من حفلات الزواج المشتركة في السابق، إلا أنها تقوم بذلك في الفترة الحالية بنشاط بالغ، واضعة نصب عينيها اهتماما خاصا بإعادة تزويج أرامل شهداء الحرب، التي تأتي من بينهن أماني سعيد، 24 عاما، التي حضرت حفل الزفاف الجماعي مع ابنيها: رامي 5 أعوام، ومحمد 3 أعوام من زواجها السابق. وقد توفي خالد سعيد، والد الطفلين، عن عمر يناهز الـ28 عاما في إحدى المصادمات بين حماس وفتح في أغسطس (آب) 2007. وبعد 8 شهور على وفاة خالد، سعى والد خالد لتزويج أماني من ابنه الأصغر وشقيق خالد: محمد، 22 عاما، الذي يعمل أيضا بوزارة الداخلية، حينها قالت أماني إنها موافقة على مضض مشيرة إلى: «أنه أصغر سنا، وهذا أمر صعب، إلا أنه أمر جيد لطفليها». أما محمد يوسف، العريس الذي وازن بين الزواج والجهاد، فقد جاء هو الآخر للاحتفال بزواجه في هذا الحفل، وحصل على مبلغ 200 دولار رغم أن عائلته تعتبر متيسرة إلى حد ما. يُذكر أنه في يوليو (تموز) 2006، أطلق طاقم دبابة إسرائيلية النار تجاهه، عندما كان هو ومجموعته يطلقون الصواريخ على إسرائيل. وأُصيب بإصابات بالغة في صدره وقدميه، حينها حمله أصدقاؤه واحتفلوا «بشهادته» في طريقهم إلى مشرحة المستشفى.