جمال مبارك: من المبكر التحدث عن المرشح المحتمل للحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة

دعا في كلمة أمام مؤتمر «الوطني الديمقراطي» إلى تكثيف الحوار مع الأحزاب الأخرى

TT

عقب الهجوم الذي شنه قياديون كبار في الحزب الحاكم على المعارضة في افتتاح مؤتمر الحزب الحاكم في مصر أول من أمس، دعا جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، والقيادي في الحزب، أعضاء المؤتمر العام البالغ عددهم 2700 لمزيد من السياسات المرنة مع القوى المختلفة، قائلاً، رداً على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس إن حزبه يحتاج إلى «تكثيف الحوار مع الأحزاب الأخرى». وبينما قال إنه من المبكر التحدث عن المرشح المحتمل للحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة، المقررة عام 2011، قال مبارك الابن في الجلسة الخاصة بـ«سياسات الحزب»، إن مصر أصبح بها العديد من منافذ تعبر من خلالها القوى السياسية والفكرية المختلفة عن نفسها، وأن من حقها أن تدافع عن وجهة النظر التي ترى أنها صحيحة، وأضاف: «لسنا وحدنا في الساحة السياسية.. توجد قوى وكُتّاب وصحف، ومن حق كل منهم أن يقول إن حلوله للإصلاح والتطوير هي الصحيحة». وأشار مبارك الابن الذي يشغل موقع الأمين العام المساعد لشؤون السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، إلى أن حزبه يتلقى القسط الأكبر من التشكيك والمعارضة، لأنه «الحزب الكبير»، وأن «هذا النقد في حد ذاته شيء إيجابي»، مشيرا إلى الكلمات الغاضبة التي تحدثت بها قيادات كبيرة في الحزب الحاكم (منهم الأمين العام صفوت الشريف، وأمين التنظيم أحمد عز) في افتتاح مؤتمره أول من أمس.. إذ قال جمال مبارك: «أنا استمعت لمن تحدثوا بغضب عن هذا الموضوع.. نحن لا نريد أن ننزلق إلى هذا المستوى.. أرى أن هذا الجدل جدل صحي.. قوة أركان النظام السياسي تقوم على مجتمع عنده القدرة على المناقشة والاختلاف في أدق القضايا في النظام السياسي.. هذا الجدل يدعم التطوير السياسي والديمقراطي في مصر»، مستطردا: «لكن لو كنا نتكلم عن مجتمع مفتوح ومعارضة، فلا ينبغي أن نكون كحزب وطني قاعدين نصد هجوم المعارضة، ونبرر ما نقوم به، بل لا بد أن نسأل أنفسنا ككوادر حزبية عما يقصده المعارضون بالضبط بالإصلاح، وهل هم يريدون من وراء الإصلاح الأوضاع التي كانت سائدة في أوقات سابقة (قبل سياسة الانفتاح الاقتصادي والتعددية التي بدأت في سبعينات القرن الماضي) ولم تعد تصلح في هذا العصر.. هل هو إصلاح مع الديمقراطية ومع حقوق المرأة، أم أن المعارضة تعارض لمجرد إطلاق وعود (براقة) للمواطنين.. ما أسهل الوعود؛ لكن أين هي الموارد التي نمول بها هذه الوعود.. لا بد أن نسأل المعارضين عن كيفية خلق المناخ المناسب لزيادة الاستثمار».

وتساءل مبارك الابن أيضا قائلاً: «هل المعارضون يريدون الإصلاح الذي يؤدي إلى صدام مع العالم الخارجي كما حدث في الماضي، الذي كانت له ظروفه المحيطة به.. الإصلاح الذي نريده هو الحفاظ على الاستقرار وعلى علاقات متوازنة.. سياستنا هي سياسة الاعتدال والانفتاح مع العالم، مع الاحتفاظ بكرامتنا وأرضنا محررة».

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان يمكن للحزب الحاكم أن يفتح حوارا في العديد من القضايا الخلافية مع الأحزاب والقوى السياسية المصرية الأخرى، قال جمال مبارك، إنه يعتقد أن الإشارة إلى عدم وجود حوار مع المعارضة «حديث يفتقر إلى الموضوعية». وأضاف موضحا «توجد وسائل إعلام ونقاش مفتوح والبرلمان هو المكان الأساسي الذي يتم فيه الجدل حول مشروعات القوانين، ولا أعتقد أنه من الموضوعي القول بأن صوت المعارضة لا يصل. نحن منفتحون على الحوار مع الأحزاب، وكانت هناك رؤية ونقاش حول عدة موضوعات.. نحن نحتاج لتكثيف الحوار مع الأحزاب الأخرى». وأضاف: «نحن مقتنعون بسياساتنا لكن يجب أن تكون سياساتنا مرنة وأن نتحاور مع الأحزاب والقوى المختلفة في المجتمع». وفي مؤتمر صحافي لاحق قال جمال مبارك «توجد بعض القضايا التي لم تتحقق بالشكل المطلوب، ونسعى للعمل على تكثيف الجهد خلال المرحلة المقبلة لإنجازها»، وأضاف أن منظور الحزب الحاكم هو «كما يقول المعارضون إننا مسؤولون عن كذا وأنه لو تم كذا لتحقق كذا، فإننا أيضاً نريد أن نسأل كيف يمكن للمعارضة أن تنفذ ما تطلقه من وعود.. نحن من حقنا، ومن حق المجتمع، أن يطالب المعارضة أن تكون أكثر تفصيلا».

وتابع قائلاً: «ما نرجوه أن يكون هذا الصراع السياسي والمنافسة مع المعارضة، موضوعية.. نحن منفتحون ولا نصيغ سياسات في غرف مغلقة كما يدعي البعض.. لا يقلقني هجوم المعارضة، نحن نتحدث عن مستقبل البلد وليس عن مستقبل حزب فقط.. وكذلك الأحزاب المعارضة والمجتمع المدني تتحدث أيضا عن مستقبل البلد».

وأضاف أن ترسيخ الانتماء الوطني بين الشباب المصريين، لا يقتصر على دور الحزب الوطني فقط، بل هو دور المجتمع ككل.. وتساءل قائلاً: «هل كل واحد، مهما كان توجهه السياسي، مع إعطاء المجتمع والشباب رسالة أمل، أم رسالة يأس؟ أنا أعذر الشباب المصري الذي يشعر بالحيرة من أمره، لأن هناك جانبا من المعارضة غير الموضوعية تتسبب في تشويشه وإصابته باليأس من المستقبل.. بينما نحن نقول إننا نريد أن نبني بلدنا».

وفي رده على سؤال عن المرشح المحتمل للحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة المصرية وما إذا كان الرئيس مبارك سيرشح نفسه لولاية جديدة بناء على ما نادى به أعضاء في افتتاح المؤتمر، قال مبارك الابن «السؤال المنطقي هو ماذا سنفعل في انتخابات مجلسي البرلمان (الشعب والشورى) المقررة عام 2010»، مشيراً إلى أن مصر بها تشريع واضح نحترمه يحدد الترشح لرئاسة الجمهورية، وأنه لا يوجد بلد في العالم يتحدث عما ستكون عليه الانتخابات الرئاسية قبل موعدها بنحو ثلاث سنوات.

وعن الانتقادات التي يوجهها معارضون لما يقولون إنه محاباة من الحزب الوطني للقطاع الخاص ورجال الأعمال، رغم ما يثار عن فساد البعض، أو ارتباطه بالحزب الحاكم، قال جمال مبارك إن «القطاع الخاص ليس منزها، وإن القانون يطبق على من يخطئ»، مشيراً إلى أن أكثر من 90% من فرص العمل التي استحدثت في الأعوام الثلاثة الأخيرة وفرها القطاع الخاص..«فلنترك الخلافات السياسية جانبا ونحكِّمْ المصلحة الوطنية؛ لأن كثيرا مما يقال هو تضليل للحقيقة لتضليل الشباب». وشدد على أن «الحزب لم يتدخل لحماية أي عضو وقضاؤنا لا يتدخل فيه أحد. لا نحابي ولا نجامل أحداً». ودافع جمال مبارك عن نظام الضريبة الموحدة التي طبقت قبل عامين، بدلا من نظام الضرائب التصاعدية، وقال: «خلينا نتكلم عملي، سيبنا من العناوين لأنها تعني لكل واحد شيئا مختلفا»، موضحا أن الذين كانوا يعارضون نظام الضرائب التصاعدية قبل إلغائها هم أنفسهم الذين أصبحوا يعارضون النظام الضريبي الجديد رغم أن تطبيقه لم يمض عليه ثلاث سنوات بعد. وأضاف «أمضينا عقودا عديدة نعمل وفقا لنظام الضرائب التصاعدية، وقمنا بإلغائها لأنه ثبت عدم صلاحيتها لنا، وكذلك ألغينا الإعفاءات الضريبية التي كانت موجودة منذ الانفتاح في سبعينات القرن الماضي.. ولا ردة عن نظام الضرائب (الموحد) الحالي».

ومن جانبه أكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء في كلمته للمؤتمر الذي يختتم اعماله اليوم، قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة المالية العالمية، وعلى استمرارها في تنفيذ خطط التنمية وتحسين الخدمات في البلاد.

يشار إلى ان المعارضة المصرية تتكون من 24 حزبا سياسيا تتمثل بأقل من 20 نائبا في البرلمان، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر التيار المعارض الرئيسي عقب استحواذها على نحو 20% من مقاعد البرلمان عام 2005.