المرجع الشيعي الإيراني تسخيري ينفي تأييده لدعوة القذافي لإحياء الدولة الفاطمية

قال إن الخلافات بين الشيعة والسنة مضخمة أكثر مما هي عليه

TT

نفى المرجع الشيعي الإيراني، آية الله علي تسخيري، أن يكون قد أعلن تأييده للدعوة التي يتبناها منذ العام الماضي الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لإعادة إحياء الدولة الفاطمية مجددا.

وقال تسخيري الذي يشغل منصب الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ويتخذ من العاصمة الإيرانية طهران مقرا له، إن ما تناقلته وسائل الإعلام على لسانه في هذا الصدد غير صحيح.

ودعا القذافي في عدة خطب علنية وتصريحات صحافية له منذ العام الماضي إلى إقامة ما سماه الدولة الفاطمية الثانية في شمال أفريقيا للقضاء على الجدل الدائر بين الشيعة والسنة واستغلال العدو للفرقة بينهما «التي يطبل لها الحكام العرب على حد تعبيره».

وأبلغ تسخيري صحيفة «ليبيا اليوم» الإلكترونية المستقلة في مقابلة تنشرها غداً الثلاثاء وحصلت «الشرق الأوسط» على مقتطفات منها: «أنا لم أؤيد الدعوة إلى الدولة الفاطمية قط، وأعتقد أن المراسلين الذين نقلوا ذلك كانوا مخطئين»، معتبرا أن «عصر الحكومة المركزية التي لا تناقش قد انتهى، والفاطمية أيضا من هذا القبيل«. ولفت إلى أن هدف القذافي من طرح هذه الدعوة لم يكن هدفا مذهبيا، ولم يكن دعوة للتشيع أو دعوة للتسنن».

وتعد هذه التصريحات مناقضة تماما لما نقلته وسائل الإعلام الليبية عن تسخيري لدى مشاركته في أعمال المؤتمر العام الثامن للدعوة الإسلامية الذي استضافته العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي، تحت شعار «إن الدين عند الله الإسلام » بحضور أكثر من 460 هيئة ومؤسسة إسلامية من مختلف قارات العالم إضافة إلى هيئات دولية وإقليمية ومنظمات مسيحية مهتمة بأمر الحوار الديني والتواصل الثقافي، وعشرات العلماء والمفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات ولفيف من الإعلاميين من مختلف مناطق العالم.

وكانت تقارير صحافية قد نقلت في السابق أن المرجع الإيراني آية الله محمد علي تسخيري، قد فاجأ المؤتمر، بإعلان تأييده لدعوة القذافي، مشيرا إلى أن الدولة الفاطمية الجديدة ستقضي على الصراع المذهبي الذي يوجهه الغرب لتمزيق المسلمين. وقال تسخيري «أؤيد القذافي في ما طرحه عن فكرة الفاطمية الجديدة، وأفهم جيدا غرضه الأساسي من هذا الطرح، فقد أراد أن يسحب بوصلة الصراع المذهبي إلى غير الاتجاه الذي يريده الغرب متمثلا في إدخال الأمة في صراع شيعي وسني أو فارسي وعربي». على صعيد آخر تجنب تسخيري التعليق على خلافه مع الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، على خلفية تنديد القرضاوي بالتمدد الشيعي، لكنه في المقابل استغرب ما ورد على لسان القرضاوي حول العقبات التي تقف حائلا بين التقريب بين المذاهب الإسلامية. وأضاف: «استغربت كثيرا من هذه الإشارة، والحقيقة هو نفسه حفظه الله دافع عن الشيعة في قضية التهمة بالتحريف».

ورأى تسخيري أن الخلافات بين الشيعة والسنة: «مضخمة أكثر مما هي عليه، نافيا وجود أي تخطيط أوتنظيم وراء عملية التبليغ الشيعي أو التبليغ السني».

وانتقد ما يروجه بعض العلماء والساسة من أن الشيعة تعني محبة أهل البيت، وبهذا المعنى فالجميع شيعة، ويرى فيه تعريفا غير دقيق، نافيا أن يكون التشيع مرتبطا بالفرس وقال «كان الفكر السني مهددا في الواقع، الذي أنقذ الفكر السني آنذاك هم العلماء الإيرانيون، يعني دور الإمام الغزالي رحمة الله عليه، ودور إمام الحرمين الويني. وهذه الثلة من العلماء دعمت الفكر السني بكل قوة، وأعطته قدرة واستمرارا أكبر على الثبات، إذن لا نستطيع أن ننسب مذهبا إلى عنصر»، مسهبا في تعريف الدور الذي قام به الإيرانيون (الفرس) في الدفاع عن مذهب أهل السنة.

وأوضح أنه يوجد في إيران أكثر من 7000 مسجد سني وأكثر من 37 ألف عالم وطالب علم سني يحظون بدعم الحكومة الإيرانية.

وحول موقف الشيعة من الصحابة الكرام قال تسخيري في تصريحات قد تثير ردود أفعال سنية غاضبة: «الصحابي بمجرد أنه رأى أو عاش مع الرسول لفترة قصيرة يصبح ويرتقي إلى مرتبة العدالة أو العصمة وهذا لا يصح».

واعتبر المرجع الشيعي الايراني أن «من الأخطاء الكبرى أن نصبغ الإسلام بلون مناطقنا الجغرافية أو لون مذاهبنا أو حتى لون تواريخنا التي تنفصل عن التاريخ الإسلامي، ويجب أن نرقى إلى الشكل الذي أراده الإسلام»، مؤكدا عدم ممانعته هو علماء الشيعة من إيجاد مرجعية واحدة للمسلمين بشروط محددة.

في غضون ذلك، وقع 30 عالما من الكويت والسعودية ودول عربية أخرى بيانا حذروا فيه من أن توجيه محمد المهري وكيل المراجع الشيعية في الكويت اتهامات مؤخرا للشيخ القرضاوي تعد بمثابة «إباحة لدم الشيخ»، واتهموا إيران بالوقوف وراء هذا الهجوم. واعتبر الموقعين على البيان أن توجيه وكيل المراجع الشيعية في الكويت محمد المهري اتهامات للشيخ القرضاوي بأنه «ناصبي» يعد بمثابة «إباحة لدم» الشيخ، و«زعم بكفره»، كما نصت على ذلك مدونات المذهب الشيعي.

يشار إلى أن القرضاوي قد حذر مؤخرا من ظاهرة التمدد الشيعي في المجتمعات العربية وطالب بوقف إساءة بعض الجهات الشيعية لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، متهما إيران بتغذية هذا التمدد لتحقيق مصالح سياسية خاصة بها. واستتبعت هذه التصريحات في المقابل، شن وسائل إعلام وشخصيات إيرانية أبرزها وكالة «مهر» الإيرانية هجوما على القرضاوى، تضمن إساءات بالغة وسخرية مما قاله. لكن موقع القرضاوي الالكتروني على شبكة الانترنيت، نقل عن آية الله تسخيري، قوله الأسبوع الماضي إن ما حدث من خلاف مؤخرا في إطار الملف السني الشيعي مع القرضاوي، لا يعدو كونه «سحابة صيف مضت إلى غير رجعة».

وأكد أن إيران ترحب بزيارة الشيخ القرضاوي في أي وقت، وقال: «إنها بلده دائما ولا يمكن أن تكون غير ذلك» وشهد اجتماع مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي عقد منتصف أكتوبر الجاري بالعاصمة القطرية الدوحة، توافقا حول الملف السني ـ الشيعي. وعكس البيان الختامي للاجتماع تأييدا لمطالب الشيخ القرضاوي، حيث أكد أهمية وحدة الأمة الإسلامية بشتى مذاهبها، مطالبا في هذا الشأن بوجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الطعن فيهم والكف عن أي محاولة للتبشير المذهبي.