الالتحاق بالتعليم الجامعي 21.8%.. ومعدل القراءة 4%

مؤسسة الفكر العربي تطلق أول تقرير عربي سنوي عن التنمية الثقافية

غلاف التقرير
TT

يعلن رئيس مؤسسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل، من القاهرة قريباً إطلاق «التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية». وقد شارك في رعاية التقرير المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، ومركز الخليج للأبحاث.

والتقرير الذي تجاوز 700 صفحة هو أول تقرير سنوي تصدره مؤسسة عربية بتمويل عربي حول مقومات التنمية الثقافية في 22 دولة عربية، ويشتمل على 5 ملفات أساسية هي: التعليم العالي في البلدان العربية، والإعلام العربي في تجلياته المقروءة والفضائية والإلكترونية، وحركة التأليف والنشر في 18 دولة عربية، والإبداع العربي في 2007 (الإبداع الشعري والسردي، السينما، المسرح، الدراما، الموسيقى والغناء)، والحصاد الثقافي السنوي في العالم العربي. ويعالج أهم قضايا الفكر والثقافة التي شغلت العالم العربي في سنة 2007 ومدى ما أحدثته من حراك ثقافي من خلال المؤتمرات والمنتديات التي شهدتها الدول العربية. وقد تبنى التقرير في معالجته لهذه القضايا والموضوعات منهجاً يعتمد على الوصف والتشخيص للواقع الثقافي العربي معتمداً على وسائل الاستقراء والإحصاء والتحليل، وذلك بعيداً عن الخطاب الآيديولوجي. فالتقرير لا ينطلق من رؤية آيديولوجية معينة، ولكنه يسعى لرصد مظاهر الحراك الثقافي العربي، وباختصار هو تقرير ينشغل بأدوات الثقافة وليس بالخطاب الثقافي.

فالتقرير على صعيد ملف التعليم، مثلاً، يعالج قضية الجودة التعليمية ويقدم بالأرقام والتحليلات المقارنة مختلف عناصر العملية التعليمية في الجامعات العربية مقارنة بالجامعات الأجنبية، فيكشف التقرير أن معدل الالتحاق بالتعليم الجامعي في الدول العربية لا يتجاوز 21.8% بينما يصل في كوريا الجنوبية إلى 91% واستراليا 72% إسرائيل 58%. ويبلغ أعلى معدل لالتحاق الإناث بالتعليم في الإمارات 76% والبحرين 68% ولبنان 62% بينما في مصر 45% والسعودية 49% اليمن 25%، واللافت أن متوسط معدل التحاق الإناث بالتعليم في الدول العربية 49% يزيد عن معدله في اليابان (45%)! وكوريا الجنوبية (37%) وتركيا (42%). وعلى مستوى كفاية عدد الأساتذة في التعليم العالي إلى عدد الطلاب، فإن متوسط النسبة في العالم العربي هو أستاذ جامعي لكل 24 طالبا، بينما في اليابان أستاذ جامعي لكل 8 طلاب فقط، وفي أميركا أستاذ جامعي لكل 13 طالبا. كما يعالج التقرير ظاهرة الإقبال الملحوظ من الطلاب العرب على دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية مقارنة بدراسة العلوم التطبيقية والبحثية، ومدى إنعكاسات هذا الخلل على عملية التنمية، إذ يبيّن أن دراسة الإنسانيات والعلوم الاجتماعية في مصر تبلغ نسبتها 79% من مجموع الملتحقين بالتعليم الجامعي، وهي أعلى نسبة في العالم العربي.

وعلى صعيد الإبداع العربي تضمن التقرير رصداً وتحليلاً لما أنتجه العرب في عام 2007 في مجالات: الإبداع الشعري والسردي، والسينما، والمسرح، والدراما التلفزيونية، والموسيقى والغناء. وفي كل مجال من هذه المجالات رُصِد حجم الإنتاج العربي ككل وحجم الإنتاج في كل دولة عربية، كلا على حدة. وعلى صعيد ملف الإعلام العربي تضمن التقرير رصداً كمياً ونوعياً لوسائل الإعلام الإلكتروني ومدى الحضور العربي من حيث اللغة وعدد المواقع وعدد الزوار المتصفحين على شبكة الإنترنت.

وكُرس الملف الخامس والأخير في التقرير للحصاد الثقافي السنوي حيث عالج أهم القضايا والظواهر الثقافية التي ميزت العام 2007 في العالم العربي مثل: الثقافة العربية الأم والثقافات الفرعية، وأزمة القراءة والتواصل، ودور المال في دعم الإبداع العربي، والثقافة العربية المتوسطية، وثقافة المنفى، والثقافة العربية وتحديات الإعلام. وبالإضافة الى ذلك فقد اشتمل الحصاد الثقافي السنوي على خريطة للأطر المؤسسية للعمل الثقافي العربي سواء من خلال رصد المؤسسات الثقافة العربية (الرسمية والخاصة والأهلية)، أو رصد المؤسسات الثقافية الدولية والأجنبية العاملة في الدول العربية. ولم يخل التقرير في نهايته من قراءة إحصائية وتحليلية لجوائز الإبداع الثقافي العربي ومدى كفاية المعايير التي تمنح عنها هذه الجوائز وموضوعيتها.

ولعل الجديد الذي تضمنه هذا التقرير العربي الأول للتنمية الثقافية يتمثل في الأرقام والنتائج التي خلص إليها في رصده للواقع الثقافي العربي. ففي مجال حركة التأليف والنشر تضمن التقرير تحليلاً استند إلى قاعدة بيانات ضخمة تولى إعدادها فريق بحثي عن مجموع الكتب التي نشرت في العالم العربي في العام 2007 وبلغت 27809 كتب، ولا تمثل الكتب المنشورة في العلوم والمعارف المختلفة من هذا الرقم سوى 15%، بينما تصل نسبة الكتب المنشورة في الأدب والأديان والإنسانيات إلى 65%. وهناك كتاب يصدر لكل 12 ألف مواطن عربي، بينما هناك كتاب لكل 500 انجليزي، ولكل 900 ألماني، أي أن معدل القراءة في العالم العربي لا يتجاوز 4% من معدل القراءة في إنجلترا على سبيل المثال.

كما اهتم التقرير بموضوع الصناعات الثقافية في العالم العربي، التي لا تتوافر عنها إحصاءات دقيقة لما تمثله في الدخل القومي، بينما تشكل هذه الصناعات الثقافية ما بين 5% و10% من قيمة المنتجات في العالم. ويذكر التقرير على سبيل المثال أن العالم العربي لا يصنع أكثر من 35 ـ 40% من حاجاته الى مادة الورق ويستورد نحو 65% في واحدة من الصناعات الثقافية المهمة المرتبطة بالأمن القومي، بينما السودان يضيق بالمواد الخام التي يُصنع منها الورق بل ويدفع مبالغ للتخلص منها بوصفها نفايات أو مخلفات.

كما عالج التقرير ظاهرة المدونات العربية على شبكة الإنترنت، وقدر عدد المدونات العربية بـ 490 ألفا، وهي نسبة لا تتعدى 0.7% من مجموع المدونات عالمياً. وفي مصر وحدها 162 ألف مدونة، وهو ما يشكل نسبة 31% من مجموع المدونات العربية. أما على صعيد دوافع استخدام الإنترنت لدى المواطن العربي، فيأتي دافع الترفيه أولاً بنسبة 46%، بينما دافع التماس المعلومات يبلغ 26%. ويبلغ مجموع عدد المواقع العربية المسجلة على الإنترنت 41745 موقعاً (إحصاء 2007)، ولا يشكل هذا العدد سوى نسبة 0.026% من عدد المواقع العالمية. وأعلى معدل لنسبة استخدام الإنترنت إلى عدد السكان على المستوى العربية في الإمارات 33% وقطر 26%، بينما يبلغ في مصر 7% والسعودية 11% وسورية 7%.

وعلى صعيد الإعلام الفضائي يتضمن التقرير بعض الأرقام اللافتة، إذ يبلغ مجموع الفضائيات العربية 482 فضائية (والرقم في تزايد مستمر). أما على صعيد القنوات الفضائية المتخصصة، فالقنوات الدينية تمثل نسبة 19%، وقنوات الأغاني 18%، أما قنوات الأدب والثقافة فتبلغ 4.8%.

والتقرير العربي الأول للتنمية الثقافية هو حصاد عمل استمر أكثر من عام لفريق عمل كبير ومتنوع ضم نحو أربعين باحثاً ومتخصصاً ومساعداً وأصحاب أوراق خلفية من مختلف الدول العربية، منهم الخبير التربوي د. عدنان الأمين الأستاذ بالجامعة اللبنانية، ود. محمود خليل مدير مركز التوثيق والتدريب الصحافي في جامعة القاهرة، ود. هنري عويط نائب رئيس جامعة القديس يوسف (بيروت) للشؤون الأكاديمية، ود. علي عقلة عرسان الكاتب والناقد السوري، وأ. نصير شمة عازف العود والمؤلف الموسيقي، ود. رفيق الصبّان الناقد السينمائي، ود. عبد الله بنصر العلوي أكاديمي من المغرب، وأ. عبده وازن الشاعر والناقد الثقافي اللبناني، وأ. محمد الفاضل باحث من الجزائر. وضمت الهيئة الاستشارية للتقرير كلا من د. علي فخرو المفكر البحريني، ود. صالح بن عبدالرحمن العذل أكاديمي سعودي والرئيس السابق لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ود. عباس جيراري أكاديمي ومفكر مغربي، إضافة إلى الإعلامي اللبناني زاهي وهبي.