أرقام تراجع العنف لا تعني الكثير لبعض العراقيين

أحدهم فقد ولدين العام الماضي وآخر أبنائه وأصغرهم سنا الأحد الماضي

TT

أعلنت المؤسسة العسكرية الأميركية اول من امس أن أعداد القتلى في صفوف كل من العسكريين والمدنيين في العراق خلال أكتوبر (تشرين الأول) وصلت إلى أدنى مستوياتها الشهرية منذ مايو (أيار) 2004. ويأتي هذا الإعلان بمثابة دليل جديد على تراجع أعمال العنف منذ إقرار زيادة كبيرة في أعداد القوات الأميركية المرابطة بالعراق العام السابق. بيد أن المأساة التي تعيشها أسرة عراقية في كركوك من شأنها تذكيرها جميعاً إلى أي مدى ما تزال الحياة في العراق تنطوي على قدر بالغ من الخطورة. خلال العام السابق، تعرض خضير محمد عبد الله، 49 عاماً، لفقدان أكبر اثنين من أبنائه الذكور. ويوم الأحد الماضي، فقد عبد الله آخر أبنائه، أما ابنته التي تبلغ الرابعة من عمرها فترقد حالياً في المستشفى بسبب إصابتها بجراح خطيرة. كان نجله الأخير، محمد خضير محمد، 7 سنوات، قد لقي حتفه عندما انفجرت قذيفة منطلقة من صاروخ ضد مساحة خالية، حيث كان يلعب كرة القدم مع ثلاثة أطفال آخرين، وذلك طبقاً لما ورد في تقارير الشرطة. وأسفر الهجوم عن مقتل محمد على الفور، بينما فقد صديقه، أحمد حامد جلو، 9 سنوات، ساقيه ثم توفي في المستشفى في وقت لاحق. وتعرض الطفلان الآخران ـ حسن ضياء، 7 سنوات، وشقيقة محمد، أحلام خضير محمد ـ لجراح خطيرة. من جانبه، قال عبد الله، الذي يعمل راعيا، إنه كان راجعاً لتوه من رعيه لأغنامه عندما استأذن منه محمد كي يخرج يلعب كرة القدم مع بعض أصدقائه على الجانب الآخر من الطريق أمام منزل الأسرة. وبعد قرابة 15 دقيقة، في الثالثة عصراً تقريباً، سمع عبد الله صوت انفجار. وقال عبد الله: «كانت أجسادهم ممزقة تماماً جراء التفجير». وأعرب عن اعتقاده بأن ابنه كان يجلس على الأرض في انتظار تمرير الكرة له، لأنه وجد محمد جالساً. كانت تلك آخر حلقة في سلسلة الكوارث التي ألمت بأسرة محمد، مما دفعه للتساؤل حول ما إذا كان هناك مكان آمن يمكن العيش فيه داخل العراق. بدأت مأساة عبد الله عندما فقد أكبر اثنين من أبنائه. في البداية، فقد معاذ، 19 عاماً، الذي تعرض للاختطاف والقتل. ثم في الشهر السابق، فقد نجله الآخر، سعد، 21 عاماً، جراء تفجير انتحاري بالقرب من أكاديمية الشرطة في كركوك، حيث كان يدرس. وعلق عبد الله على مأساته بقوله: «الآن فقدت نجلي الصغير مثلما فقدت شقيقيه الأكبر منه. اليوم، فقدت آخر أبنائي الذكور. ولم يعد لي سوى ابنتي الصغيرة». يذكر أن أحلام تعرضت لإصابات في البطن، لكن من المعتقد أنها ستبقى على قيد الحياة. وأشار عبد الله إلى أنه انتقل للعيش في كركوك عام 1987 هرباً من أعمال عنف اجتاحت مدينته الأصلية، البصرة، جراء الحرب بين إيران والعراق. وتساءل قائلا: «إلى أين نذهب الآن؟ الموت أمامنا في كل مكان». وربما تعبر كلماته تلك عن معضلة ما تزال تواجه الكثير من الأسر العراقية، لكن المسؤولين العسكريين الأميركيين يؤكدون أنها باتت أقل شيوعاً. وفي هذا الصدد، صرح البريغادير جنرال ديفيد جي. بيركنز، المتحدث الرسمي باسم القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق خلال مؤتمر صحافي بأنه «بفضل الشراكة الاستراتيجية التي أبرمناها مع قوات التحالف وقوات الأمن العراقية والشعب العراقي، لا يزال الوضع الأمني العام هنا في تحسن».

* خدمة: «نيويورك تايمز»