السيدة الأولى المقبلة: الشقراء الثرية أم المحامية السوداء؟

سيندي ماكين وميشال أوباما.. سيدتان أثارتا الجدل.. الأولى بسبب ثروتها والثانية بسبب التشكيك في وطنيتها

سيندي ماكين الشقراء الثرية وميشال اوباما المحامية الذكية السوداء (أ. ف. ب)
TT

مع اختيار الأميركيين اليوم لرئيسهم الجديد، يختارون أيضا سيدة اولى جديدة. وسيكون عليهم الاختيار بين سيندي ماكين، الشقراء الثرية ابنة جندي في البحرية الأميركية ورئيسة مجلس إدارة أكبر الشركات في أريزونا التي رفضت نشر استماراتها الضرائبية وأثارت استياء واسعا لدى منتقديها، وميشال اوباما المحامية الذكية السوداء التي ولدت لعائلة عادية في شيكاغو والتي تعتبر من صلب المجتمع الاميركي الأسود، وهي أيضا أثارت استياء البعض خلال الانتخابات التميهيدية بسبب قولها بعد فوز زوجها في ولايات مهمة في الانتخابات التمهيدية، إنها للمرة الأولى في حياتها، تشعر بالفخر ببلادها.

فمن هما هاتان السيدتان؟ تبدو سيندي ماكين، زوجة جون ماكين، حاضرة لتصبح السيدة الأولى الجديدة، بملابسها الأنيقة وشعرها الأشقر المصفف بعناية فائقة، وابتسامتها الخفيفة ودبابيس البحرية الأميركية التي تريدها دائما، تبدو ملائمة للعب هذا الدور. فهي ابنة لجندي سابق في البحرية الأميركية، ووريثة ثروة تقدر بأكثر من مائة مليون دولار ورئيسة مجلس إدارة واحدة من أكبر الشركات الخاصة في أريزونا وسافرت كثيرا للخارج مع عدة منظمات خيرية وزارت كمبوديا وسري لانكا وانغولا والهند وفيتنام ودولا اخرى. وأثارت سيندي استياء البعض بسبب رفضها نشر تفاصيل الضرائب التي تدفعها والتي من خلالها يمكن معرفة حجم ثروتها، وهو أمر رفضته وقالت إنه أمر شخصي.

كما تعاملت مع مؤسسات حكومية وقادت أعمال اغاثة من خلال منظماتها الخيرية وأشرفت على أعمال الأسرة لتكتسب خبرة قيمة ستفيدها كثيرا كسيدة أولى في حالة فوز زوجها الجمهوري ماكين في الانتخابات الرئاسية. ويقول كارل انتوني الكاتب والمؤرخ بالمكتبة الوطنية للسيدات الأول: «رغم انها لم تقم بأي عمل في واشنطن العاصمة لفترة طويلة فان خبرتها الفعلية في الدول الأجنبية ستكون أهم سمة تعود عليها بالفائدة». ويرى انتوني ان خبرة سيندي الدولية كمؤسسة لمنظمة خيرية طبية وعضو مجلس ادارة في جماعة لإزالة الألغام لا تسعى للربح ستعطيها دفعا في البيت الأبيض. ويضيف: «كان عليها التعامل مع وكالات حكومية.. واعتقد انها بلورت مستوى معينا من الدبلوماسية في هذا الصدد واظن انه يتناسب مع ما سوف يطلب منها اذا ما اصبحت سيدة اولى». وتقول سيندي البالغة من العمر 54 عاما، انها ستواصل انشطتها الخيرية اذا فاز زوجها، غير انه لم يتضح ماذا سيحل بدورها كرئيسة مجلس ادارة لشركة «هنسلي اند كو» المملوكة لأسرتها وهي من اكبر شركات توزيع البيرة في البلاد. وسيندي ملكة سابقة لمسابقات «الروديو» ورئيسة لفرق المشجعات، وهي حاصلة على درجة الماجستير في التعليم الخاص من جامعة ساذرن كاليفورنيا.

وتصغر سيندي زوجها بثماني عشرة عاما ولها توجه مستقل. ولم تنتقل قط الى العاصمة واشنطن رغم ان ماكين هو عضو في الكونغرس معظم سنوات زواجهما. وهي تحب ان تروي كيف عادت من رحلة الى بنغلادش وبصحبتها طفل رضيع تنوي تبنيه وكيف انها لم تبلغ زوجها بالأمر الى ان وصلت الى الولايات المتحدة. كما قررت سيندي تعلم قيادة الطائرات بل اشترت طائرة قبل ان تخبر زوجها. ولم يكتشف الاثنان كذبهما بشأن عمريهما في أول لقاء بينهما عام 1979 الا حين تقدما بطلب للحصول على تصريح زواج. وكانت سيندي في ذلك الحين تبلغ من العمر 24 عاما وزعمت انها أكبر سنا، بينما كان عمر ماكين 41 عاما وكان متزوجا ولديه ثلاثة ابناء ولكنه ذكر سنا اصغر من عمره الحقيقي.

وتزوجت سيندي لو هنسلي وجون ماكين في مايو (ايار) عام 1980 بعد خمسة اسابيع من طلاق ماكين وزوجته الأولى كارول. وتقول سيندي انها تمضي مع زوجها الذي تزوجته منذ 28 عاما وقتا اطول خلال الحملات انتخابية من اي وقت آخر، وهو عكس ما تقوله معظم زوجات الساسة. ورغم قلة اللقاءات الانتخابية التي تحضرها بمفردها، فانها وجه دائم الظهور الى جوار زوجها. ولا تتحدث سيندي عن السياسة وتفضل الوقوف خلف زوجها والتصفيق له والابتسام بعد تقديمها اياه للحضور. وهي تتحدث بقوة من وقت لآخر، وقالت في تنيسي في الآونة الأخيرة انها تعتقد ان المرشح الديمقراطي باراك أوباما «شن أقذر حملة انتخابية في التاريخ الاميركي». كما هاجمت أوباما واتهمته بأنه لا يدعم القوات الأميركية في العراق وقالت أمام أنصار زوجها: «شعرت بقشعريرة في جسدي في اليوم الذي قرر فيه السناتور أوباما الاقتراع ضد تقديم المال لابني الذي يخدم في العراق». وفي هجوم على زوجة أوباما ميشال التي قالت انها تشعر بالفخر ببلادها لأول مرة لتتهم بأنها غير وطنية، قالت سيندي: «انا فخورة ببلادي لا ادري ما هو شعوركم اذا كنتم استمعتم لهذه التصريحات في وقت سابق ولكني فخورة ببلادي». وفي العام 1994 حلت سيندي منظمتها الطبية الخيرية اثر اعترافها بإدمانها مسكنات الآلام والتي حصلت على بعضها من طبيب في المنظمة الخيرية. واعترفت علنا بإدمانها الذي أخفته في البداية عن زوجها وأسرتها. كذلك أصيبت بجلطة كادت تودي بحياتها قبل أربعة أعوام، ولكنها شفيت منها تماما. أما ميشال أوباما، فهي محامية لامعة ولكنها تقول ان دورها كأم لابنتيها هو على رأس أولوياتها في حال فوز زوجها باراك أوباما بالرئاسة. وميشال البالغة من العمر 44 عاما، نصير قوي لمسعى زوجها، ولكنها تقول انها لن تلعب دورا مباشرا في سياسة ادارته. وقالت في حديث لإحدى المجلات في الآونة الأخيرة، مشيرة لابنتيها ماليا البالغة من العمر عشرة اعوام، وساشا البالغة من العمر ثماني اعوام: «ستكون مهمتي الاولى بكل امانة.. رئيسة الأركان الأم»، مشيرة الى تولي الرئيس الاميركي تقليديا منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة.

وتابعت انها تأمل ان تركز على سبل تحقيق المرأة توازنا بين العمل والأسرة واحتياجات اسر العسكريين وانها يمكن ان تقوم بدور مستشار غير رسمي لزوجها كما فعلت اثناء حملته الانتخابية.

ونشأت ميشال في حي للعمال في الجانب الجنوبي من شيكاغو ودرست في مدارس عامة، وكثيرا ما تتحدث عن والدها الذي كان يعمل في مرفق المياه في المدينة والقيم التي غرسها فيها والداها.

وبعد حصولها على منحتين دراسيتين بجامعة برينستون وكلية الحقوق بجامعة هارفارد وهما جامعتان عريقتان، عملت في شركة محاماة وفي مكتب رئيس بلدية شيكاغو. وكان أحدث منصب شغلته ميشال هو نائبة رئيس مستشفيات جامعة شيكاغو حيث كانت تحصل على أجر أعلى من زوجها. ورغم أن عائلة أوباما تعد ثرية الآن، الا ان ذلك يرجع بصفة اساسية لمكاسب كتابين ألفهما أوباما. ورغم ذلك تؤكد ميشال على القيم التي تربت عليها، وقالت: «حين تنشأ في منزل تنعم فيه بالحب والأمان وتجد أناسا يضحون من اجلك.. فأنت ملزم برد الجميل. لهذا السبب تشكل خدمة المجتمع جزءا كبيرا من حياتي». ويصف أوباما زوجته ميشال بأنها «سنده» ومصدر قوته والناقد الدمث الذي يعيده الى صوابه. ويسهم تعبيرهما العلني عن عواطفهما وأناقة ميشال في ابراز صورة المرشح اليافع. ونشرت مجلات مثل «فوغ» و«إسنس» صورا لأزياء ميشال. وفي خطاب لقي استحسانا كبيرا في المؤتمر العام للحزب الديمقراطي روت ميشال تفاصيل حياتهما معا وقالت ان زوجها يمثل القيم الأميركية التقليدية. وتابعت: «ما لفت نظري حين قابلت باراك أوباما أول مرة انه رغم غرابة اسمه ونشأته علي الجانب الآخر من القارة.. في هاواي إلا ان اسرته تشبه أسرتي كثيرا». وأضافت: «رباه جداه.. وهما من الطبقة العاملة مثل والدي.. وأم وحيدة كافحت لتسديد الفواتير مثلما فعلنا». وابتعدت ميشال عن الأضواء منذ القاء كلمتها امام مؤتمر الحزب الديمقراطي رغم انها تجتذب اعدادا كبيرة من الناخبين حين تشارك في مؤتمرات انتخابية لصالح زوجها بمفردها. وفي فبراير (شباط) الماضي، اثارت جدلا بتصريحات ادلت بها اثناء الحملة الانتخابية. وقالت أمام حشد في ويسكونسن: «لأول مرة في حياتي كبالغة افخر ببلادي حقا. ولا يرجع ذلك لأن أوباما يبلي بلاء حسنا، بل لأني اعتقد ان الناس متعطشة للتغيير». وانتقد المحافظون التصريحات واتهموا ميشال بأنها لا تتمتع بقدر كاف من الوطنية، وأغضب الخلاف بعض السود الاميركيين الذين اشتكوا من انهم مطالبون بمعايير وطنية أعلى لإثبات حبهم لبلادهم. وتابعوا أن أي مقاومة للظلم العرقي غالبا ما توصف بأنها عمل غير وطني. ومنذ ذلك الحين تخصص ميشال بعض الوقت لمساندة اسر الجنود الأميركيين الذين يحاربون في العراق وأفغانستان. وفي كلمة لها في دنفر في الآونة الأخيرة تحدثت عن الحملة الانتخابية وحقيقة ان زوجها أصبح قاب قوسين او أدنى من دخول البيت الأبيض. وقالت: لم نكن لنصل لهذه المرحلة في تاريخ أمتنا بدونكم كلكم لأن معجزة تتكشف على مدار العام... إنه أمر جديد ومهم للغاية. لذا أفخر ببلادي وأفخر بزوجي».