معركة الكونغرس.. تكمل معركة البيت الأبيض

المرة الأخيرة التي حصل فيها على غالبية الثلثين في مجلس الشيوخ كانت في العام 1976

TT

تعتبر انتخابات الكونغرس رئيسية بالنسبة الى الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، اما للسيطرة الكاملة على الحكم أو لكسر سيطرة الحكم الواحد. ويظهر التاريخ انه من غير المعتاد ان يهيمن حزب سياسي واحد على مجلسي الكونغرس، النواب والشيوخ، او كليهما، لفترات طويلة.

وقد تمتع الديمقراطيون بسيطرة استمرت اربعة عقود على مجلس النواب بدأت في العام 1955 خلال رئاسة دوايت ايزنهاور وانتهت في بداية العام 1995 في منتصف فترتي الرئيس بيل كلينتون في البيت الابيض. وساعدت المخاوف المالية والاخلاقية الجمهوريين في المجلس على انهاء القيادة الطويلة للديمقراطيين.

وحقق الديمقراطيون في مجلس الشيوخ نجاحا يداني تقريبا ذلك الذي حققوه في مجلس النواب في الفترة نفسها حيث احتفظوا فيها بالاغلبية عدا ست سنوات. اما الجمهوريون، فقد سيطروا بعد ذلك على مجلس النواب لما يزيد على عشر سنوات من العام 1995 الى العام 2006 عندما اطيح بهم مرة اخرى بسبب مخاوف مالية واخلاقية الى جانب الحرب في العراق. وسيطر الجمهوريون على مجلس النواب من العام 1895 الى العام 1911 ومن العام 1919 الى العام 1931. لكن مع مرور سنوات الكساد العظيم بتثاقل وبطء وضع الناخبون الديمقراطيين في موقع المسؤولية من العام 1933 الى العام 1945 وبفوارق كبيرة في الاصوات. كما سيطر الديمقراطيون على الاغلبية في مجلس الشيوخ من العام 1933 الى العام 1947 وبلغوا اوج تفوقهم بين العام 1937 والعام 1939 عندما حصلوا على 75 مقعدا من اصل 100.

ويستفيد الحزب الفائز من اغلبيته في الكونغرس. فأحد الاسباب التي تجعل بوسع الاحزاب السياسية الحفاظ على سيطرتها على الكونغرس لفترة طويلة متى دانت لها، هو ان تلك الاحزاب عادة ما يكون لديها اموال اكثر من خصومها للقيام بحملات من اجل اعادة انتخابها. كما تتمتع بشهرة اكبر بين الجماهير و«بمميزات» السلطة مثل استخدام الاموال الحكومية في ارسال عدد كبير من الرسائل البريدية للاتصال بالناخبين.

وعندما ينفض شهر العسل بين حزب وناخبيه، فان عقلية «اطردوا الفشلة» قد تجتاح البلاد. واعطت ثورة الجمهوريين في العام 1994 الحزب 54 مقعدا اخرى في مجلس النواب في العام التالي. وفي اعقاب فترة الحرب الاهلية، فاز الجمهوريون بعدد ضخم من المقاعد بلغ 64 في مجلس النواب في العام 1873. وجاء نجاحهم فيما زاد مجلس النواب الذي يعكس النمو السكاني للبلاد من عضويته الى 293 مقعدا من 243 في الدورة التشريعية السابقة.

وعلى عكس ذلك فان السلطة قد تزول سريعا في بعض الاحيان. وعلى الديمقراطيين ان يأخذوا عبرة من عدد المرات التي تحولت فيها السلطة من حزب لاخر بعد فترات قصيرة. فالجمهوريون سيطروا على مجلس النواب في الاعوام 1881 و 1947 و1953 على سبيل المثال ليفقدوا هذه السيطرة بعد عامين في كل مرة. وواجه الديمقراطيون في مجلس الشيوخ المصير نفسه في العام 1893. وفي الفترة الممتدة من العام 2001 الى العام 2003، تساوت كفة الحزبين في مجلس الشيوخ بحصول كل منهما على نصف المقاعد، وتوصل القادة وقتها الى اتفاق تقاسم سلطة، لكن نائب الرئيس الجمهوري ديك تشيني بوصفه رئيس مجلس الشيوخ كان بوسعه حسم التصويت.

وفي انتخابات العام 2006 للتجديد النصفي للكونغرس، سيطر الديمقراطيون على الكونغرس لكن الجمهوريين تمكنوا من تعطيل الكثير من أجندة الديمقراطيين خلال العامين الماضيين في قضايا منها توسيع برامج الرعاية الصحية وسحب القوات الاميركية من العراق من خلال مجلس الشيوخ الذي لا يتمتع فيه الديمقراطيون بأغلبية كافية. وهذه السنة، تعهد الديمقراطيون الذين يسيطرون الان على مجلس الشيوخ بأغلبية 51 مقعدا مقابل 49 للجمهوريين، ويملكون أيضا اغلبية في مجلس النواب ويشغلون فيه 235 مقعدا مقابل 199 مقعدا للجمهوريين، بسحب القوات الاميركية من الحرب في العراق والغاء خفض الضرائب الذي أقره بوش لصالح الاغنياء والتحرك لانهاء أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي.

وحصول الديمقراطيين على اغلبية كبيرة في مجلس الشيوخ تصل الى 60 مقعدا، تمكنهم من تجاوز اي عقبات اجرائية يضعها الجمهوريون مما يمكنهم من تمرير التشريعات. والمرة الاخيرة التي حصل فيها احد الحزبين على غالبية الستين مقعدا في مجلس الشيوخ كانت في العام 1976 عندما نال الديمقراطيون 62 مقعدا. وكانوا يحظون ايضا بغالبية الثلثين في مجلس النواب. لكن الرئيس جيمي كارتر وجد نفسه غالبا في خلاف مع الكونغرس ما منعه من فرض اصلاحات.

وحسمت انتخابات الامس كل مقاعد مجلس النواب وعددها 435 مقعدا و35 مقعدا من مقاعد مجلس الشيوخ وعددها 100 مقعد. الا انه حتى مع سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس والبيت الابيض، فان العجز في الميزانية الاتحادية وحالة الاقتصاد المتراجعة سيحدان مما يريد ان يفعله الديمقراطيون. وسيضطرون على الارجح الى تأجيل او الحد من برامج انفاق جديدة وضخمة مثل برنامج لتوسيع نطاق الرعاية الصحية وتطوير التعليم وتطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة.

ويمكن لفوز المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة جون ماكين ان يؤدي ايضا الى عرقلة مشاريع الديمقراطيين في الكونغرس الذين سيكونون مضطرين الى التوصل لحلول وسط معه او مواجهة حق النقض «الفيتو» الذي سيستخدمه في قضايا منها سياسة بوش لخفض الضرائب وحروبه.