موسكو تعلق على الانتخابات الأميركية: ماكين أو أوباما.. كلاهما مر

قالت إن تاريخ الإدارتين الديمقراطية والجمهورية لم يسجل تباينا خلال العقدين الأخيرين

TT

حرصت المصادر الرسمية الروسية منذ فترة طويلة على عدم الافصاح صراحة عن ميولها تجاه أي من المرشحين للانتخابات الرئاسية الاميركية، مكتفية فقط بالاعلان انها سوف تتعامل مع المرشح الذي يختاره الشعب الاميركي بغض النظر عن انتماءاته الحزبية. غير ان الشواهد والتصريحات غير المباشرة من جانب الدوائر القريبة من الكرملين تشير الى ان موسكو تقف امام خيارين أحلاهما مر، حسبما تعني تصريحات عدد من اعضاء مجلسي الاتحاد والدوما ومنهم ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الاتحاد. فقد كشف مارغيلوف في آخر تصريحاته عن ان موسكو تتناول هذه المسالة من منظور عقلاني مفاده بأن المصالح الوطنية هي التي ستحدد مواقف البلدين، اي روسيا والولايات المتحدة، خلال الفترة المقبلة.

واشارت اوساط المراقبين السياسيين الى ان المواقف المعلنة لكلا المرشحين تجاه السياسة الخارجية لم تكن تختلف كثيرا، فضلا عن ان تاريخ الادارتين الديموقراطية والجمهورية لم يسجل تباينا ملحوظا خلال العقدين الاخيرين. فقد سبق وتجاهلت الادارة الديمقراطية الشرعية الدولية والتفت حول قرارات الامم المتحدة لدى احتدام الاوضاع في البلقان في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، فيما اقدمت على استخدام القوة ضد يوغوسلافيا، مثلما فعلت الادارة الجمهورية في العراق وافغانستان بعيدا عن الشرعية الدولية. واذا كان ماكين يبدو الاقرب الى تبني تأييد سياسات ممثل حزبه الجمهوري جورج بوش في العراق وافغانستان، اعلن منافسه باراك اوباما عن انه اذ يؤيد انسحاب القوات الاميركية من العراق يقول بضرورة التركيز في افغانستان.

وتقول موسكو ان الحملات الانتخابية لكلا المرشحين شهدت مزايدة على تأكيد ضرورة التشدد من جانب واشنطن ضد ما وصفاه بمحاولات هيمنة روسيا في القوقاز ورفض الاعتراف بمصالحها في المنطقة الى جانب تأييدهما لسياسات الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، وادانة اعتراف موسكو باستقلال جمهوريتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا في اطار نفس سياسات المعايير المزدوجة التي طالما تبناها البيت الابيض بغض النظر عن هوية ساكنه. فلم يقل اي منهما بوجود اوجه شبه بين اعتراف موسكو بالجمهوريتين القوقازيتين وما فعلته واشنطن وحلفاؤها في كوسوفو في الوقت الذي ايد فيه المرشحان توسع الناتو شرقا وضرورة ضم كل من جورجيا واوكرانيا. ويدعو ماكين الى استبعاد روسيا من مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى، ووصف فلاديمير بوتين الرئيس السابق ورئيس الوزراء الحالي بأنه «رجل خطير». ولم يكن باراك اوباما اقل حدة في انتقادات موسكو من منافسه ماكين بل انه مضى الى ما هو ابعد حين طالب بضرورة حشد كل الجهود من اجل الحيلولة دون انضمام روسيا الى منظمة التجارة العالمية. فقد دان «العدوان الروسي» على جورجيا، وقال انه يجب مواصلة الضغط على موسكو لتكون اكثر شفافية وديمقراطية. ويقول انه سيعالج التحديات التي تمثلها روسيا باستراتيجية تشمل المنطقة بأكملها.

وفي الوقت الذي اعلن فيه مارغيلوف ان المصالح الوطنية ستملي على البلدين، روسيا والولايات المتحدة، الاستمرار في التعاون المشترك لمواجهة تحديات العصر بغض النظر عن هوية ساكن البيت الابيض الجديد، قال آخرون ان وصول ماكين يمكن ان يكون افضل بالنسبة لروسيا حيث يظل في أنظار الجميع من مناهضي سياسات الادارة الجمهورية ومن منتقدي شخصية جورج بوش امتدادا طبيعيا لكل منهما بما يعني وجود الفرصة لاستمرار التحالف العالمي غير المعلن المناهض للادارة الجمهورية والرافض لهيمنة القطب الواحد والانفراد بالقرار الدولى خصما من الشرعية الدولية. أما باراك اوباما فقد يكون افضل سبيل الى صدع الجبهة المناهضة للسياسات الاميركية من منظور الامل في سياسات جديدة من منظور ما أعلنه من شعارات حول ضرورة التغيير، الى جانب مخاوف موسكو من عودة بعض مشاهد التاريخ القديم للادارات الديمقراطية مع روسيا والتي طالما وجهت سهام انتقاداتها الى الكرملين بسبب ما سبق ووصفته بانتهاك حقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية  وتراجع حرية الصحافة.