الأميركيون السود في هارلم اصطفوا في طوابير طويلة.. أملا بصنع التاريخ

ناخبون يتحدثون عن حماسة لم يشهدوا لها مثيلا بين السود من قبل

ناخبون ينتظرون في صفوف طويلة للادلاء بأصواتهم في هارلم أمس (أ.ب.أ)
TT

تدفق المئات من سكان حي هارلم من الأميركيين السود إلى صناديق الاقتراع منذ ساعات الصباح المبكرة ليدلوا بأصواتهم في يوم انتخابات الرئاسة الأميركية في يوم تميز بطقس دافئ وجميل. بالامس كان يأمل سكان حي هارلم بأن يكونوا يشاركون في صنع التاريخ من خلال انتخاب السيناتور باراك أوباما كأول مرشح للرئاسة من أصول أفريقية وأسود في تاريخ الولايات المتحدة. وعند الوصول إلى شارع 125 الواقع في هارلم عاصمة ثقافة السود الأميركيين من الممكن مشاهدة كل علامات الإثارة والحماس والأمل الذي يدفع الناخبون السود إلى التصويت، وأول ما يثير انتباه الزائر إلى حي هارلم في يوم الانتخابات هي الطوابير الطويلة عند مراكز الاقتراع.

تقول سارة كامبيل من سكان الحي: «لم ار في حياتي مثل هذا اليوم منذ انتخاب ديفيد دنكن». وهي تشير إلى انتخاب أول عمدة أسود لمدينة نيويورك عام 1989. ولم تخف صاحبة مطعم سلفيا المشهور بهارلم بتقديم وجبات سكان الجنوب من السود دهشتها مما يجري في هارلم وتقول: «انه أمر لا يصدق بالنسبة لي وأدرك أن ثمة حماسا يصاحب الانتخابات في الماضي ولكني لم أشاهد حماسا يقارن بحماس اليوم الذي تشهده هارلم».

ويعترف البعض بأنه لأول مرة يشارك في العملية السياسية ويقول ديون ستاشن: «إن باراك أوباما قد ألهم عددا كبيرا من السكان من أجل المشاركة في التصويت»، ويضيف: «هذه المرة الأولى التي اشاهد فيها محطات التلفزة مثل السي أن أن وفوكس نيوز وشعرت بالاهتمام وبالإثارة وأشهد لأول مرة أن هناك فرصة للتغيير قادمة».

ويعلق عضو مجلس النواب الأميركي جونير جسي جاكسن قائلا لشبكة (أم أن بي سي ) التلفيزيونية قائلا: «انه يوم تاريخي بالنسبة للسود (الأفارقة الأميركيين )». ويضيف: «انه يوم تنفيذ مادة تعديل قانون الانتخابات في الدستور الأميركي الذي صادق عليه الرئيس جونسون منذ سنوات والذي منح الحق لكل الأقليات السود والمرأة في التصويت والترشيح».

وفي الجولة التي قامت بها «الشرق الأوسط» والتي شملت وسط وشرق هارلم وتوقفت عند أحد مراكز الاقتراع في مدرسة جاك كنيدي أوناسيس وقد بدأ الاقتراع في وقت مبكر من صباح يوم أمس في تمام الساعة الخامسة صباحا، شاهدت طوابير طويلة من الانتظار، وقد أعرب البعض عن الحاجة إلى ماكينات أخرى للإقتراع من أجل ضمان الجميع في المشاركة بالانتخابات قبل غلق صناديق الاقتراع. ولكن البعض الآخر وهم الأغلبية عبر عن عدم ضجره من الانتظار الطويل طالما أنها لحظة تاريخية بالنسبة لهم. والملفت للنظر أن المشاركين في الاقتراع هم من أجيال عدة من الشيوخ والكهول ومن الشباب ومن النساء والرجال.

وعند جادة مالكوم أكس تجاوز الطابور مركز الاقتراع وتقول ليندا موس التي جاءت بصحبة ابنتها وأمها للتصويت: «نحن نمثل ثلاثة أجيال وكلنا صوتنا لأومابا». وأضافت: «ان كل العائلة قد جاءت إلى هنا للتصويت لأننا نعتقد أنها فرصة مهمة ونريد أن نسر بأومابا ولا نريد أن نصدم أنه وقت للتغيير». وتؤكد أن مسألة العرق مهمة في هذه الانتخابات وتستطرد قائلة «نريد أن نصنع التاريخ ونريد التغيير».

وكما يبدو أن شعار «صنع التاريخ والتغيير» هو الأكثر ترديدا بين سكان هارلم من السود، ويؤكد البعض أن اندفاعهم للمشاركة في التصويت لا يختزل فقط بجاذبية باراك أوباما ولا بالانحياز إلى اصوله الأفريقية فقط، وانما يتجاوزه إلى الوضع الاقتصادي. فالأزمة الاقتصادية ماثلة أمام الجميع وقد يشعر سكان هارلم بوطأتها بحكم الاهمال الطويل وهذا ما دفع هايوت مانيغ البالغ من العمر 70 عاما ليقول «يجب علي العمل لأننا سنخسر أموال التقاعد».

وتشير استطلاعات الرأي العام الى أن أكثر من 90 في المائة من السود الأميركيين يؤيدون السيناتور باراك أوباما مقابل نسبة 2 في المائة من الناخبين السود الذين يؤيدون مرشح الحزب الجمهوري. ولا يخفي بعض الناخبين السود قلقهم وخوفهم من سرقة نتيجة الانتخابات على حد تعبيرهم كما حدث في انتخابات عام 2000 في ولاية فلوريدا. ويسود الاعتقاد بين نسبة ليست قليلة من السود خوفهم من سرقة نتائج الانتخابات في الوقت الذي تسود فيه قناعة تصل إلى حد اليقين بفوز أوبما ليكون أول رئيس أميركي أسود من أصول أفريقية. ولم تسجل شرطة نيويورك أي حوادث مخلة للأمن في يوم الانتخابات الرئاسية بالرغم من زيادة عدد الناخبين وعدد مراكز الاقتراع التي انتشرت في كل مدينة نيويورك والتي اتسمت بالحماس وبالازدحام وبالانتظار الطويل. وقد وصف عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ ما حدث يوم الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) باليوم المهم وقال بعد أن أدلى بصوته «لم أر مثل هذا اليوم في حياتي وأن الديمقراطية تلعب دورها اليوم في أميركا».