بوش.. الرئيس الخفي

أدلى بصوته عبر البريد لتفادي الظهور

بوش يلتقط صورة تذكارية مع موظفي البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

لم يظهر الرئيس الاميركي جورج بوش طوال الحملة الانتخابية مع مرشح حزبه جون ماكين، لا بل أن ماكين نفسه حاول ان يبعد نفسه عنه وانتقده أكثر من مرة خلال الحملة. وحتى انه في اليوم الاول لمؤتمر الحزب الجمهوري في بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما اعتذر بوش عن حضور المؤتمر بحجة أنه يريد متابعة اعصار غوستاف خوفا من تكرار كارثة اعصار كارتينا، قال الكثيرون ان ماكين اتخذ الاعصار ذريعة ليطلب الى بوش عدم حضور المؤتمر.

واقتصر دور بوش على عدد محدود من حملات جمع التبرعات وكانت خلف الابواب المغلقة. وبينما كانت الحملة الانتخابية تلفظ أنفاسها الاخيرة مطلع الاسبوع وكان ماكين منهمكا في جهوده لتضييق الفجوة مع المرشح الديمقراطي باراك اوباما، كان بوش يمضي وقته في منتجع كامب ديفيد الرئاسي بعيدا عن الاضواء. وحتى أمس، يوم التصويت، لم يظهر بوش في تصويت علني بل اكتفى بارسال صوته لصالح ماكين عبر البريد بدلا من الادلاء بصوته شخصيا في أحد مراكز الاقتراع بولاية تكساس. وقالت دانا بيرينو المتحدثة باسم البيت الابيض، إن بوش يتابع الحملة الرئاسية عن كثب كما يتابع بنفس القدر من الاهتمام السباقات التي ستجرى على بعض مقاعد الكونغرس لكنه مستريح لعدم لعب دور بعد اشتراكه في حملات انتخابية على مدى 14 عاما منذ أن كان حاكما لولاية تكساس مسقط رأسه.

وأضافت: «نحن واقعيون بشأن المناخ السياسي الذي نعيشه حاليا.. لسنا محصنين ضد الاسئلة التي تسألونها يوميا تقريبا عن معدلات الشعبية (الرئيس). إننا على دراية بالامر». وأشارت الى ان الرئيس يركز على خطط الانتعاش الاقتصادي كي يضمن تسليم مقاليد الحكم والبلاد في أفضل وضع ممكن، مشيرة إلى أنه يعكف على الاعداد لقمة تعقد هذا الشهر مع قادة 20 بلدا للتصدي للازمة المالية العالمية. ويتعايش بوش مع الارقام المتدنية لشعبيته في استطلاعات الرأي عبر قناعات بأنه متمسك دائما بقيمه في أن يفعل ما يعتقد انه الأفضل للولايات المتحدة وأمنها القومي حتى لو لم يكن لـ«القرارات الصعبة» التي اتخذها وقع طيب لدى الرأي العام الاميركي. وقالت بيرينو: «كل إنسان يود أن يحظى بالشعبية .. لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه».

ودارت شعبية بوش حول 25 في المائة على مدى العام الماضي بفعل الحرب في العراق برغم الدلائل القوية على حدوث تقدم هناك ثم الازمة الاقتصادية التي أدت لاشاعة حالة من الفوضى في الولايات المتحدة والعالم بأسره قبل الانتخابات. وهكذا تدنت شعبية بوش إلى أدنى مستوى لرئيس أميركي منذ ريتشارد نيكسون.

وكان بوش محورا لهجمات الديمقراطيين طوال موسم الحملة الانتخابية. فقد ربط اوباما سياسات ماكين بالرئيس الحالي. كما استغل الديمقراطيون الذين ينافسون الجمهوريين على مقاعد الكونغرس في انتخابات تجرى بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية سجل خصومهم التشريعي في التصويت بما يتماشى مع موقف البيت الابيض.

وفي المقابل وجه ماكين انتقادات أيضا لإدارة بوش سعيا منه للنأي بنفسه عن البيت الابيض لدرجة أنه وبخ اوباما في المناظرة الرئاسية الاخيرة في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي لالحاحه في الربط بين بوش وماكين وتصويرهما على انهما وجهان لعملة واحدة.

ووجه ماكين كلامه للمرشح الديمقراطي خلال المناظرة قائلا: «سيناتور اوباما، أنا لست الرئيس بوش .. لو كانت لديك نية الترشح ضد الرئيس بوش، لكان عليك أن تفعل ذلك قبل أربع سنوات».

ولم يحدث مطلقا من قبل أن تحاشى رئيس حالي توشك فترته الرئاسية الثانية على الانتهاء الظهور العلني في الحملة الانتخابية تأييدا لمرشح حزبه، باستثناء بيل كلينتون الذي قلل من ظهوره العلني مع المرشح الديمقراطي جون كيري بعد فضيحة مونيكا لوينسكي، الا انه لم يحتجب عن الانظار بالطريقة ذاتها التي احتجب فيها بوش.