الولاية الذهبية تبرعت بسخاء لحملة أوباما وجمعت له 84 مليون دولار

المرشح الديمقراطي اجتذب غوغل.. وهوليوود وشركات العقارات والاستثمار والاتصالات تبرعت لماكين

TT

ساهمت ولاية كاليفورنيا في الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، باراك أوباما، بـ84 مليون دولار، ما يعادل 20% من تبرعاتها المجدولة. أما المرشح الجمهوري، جون ماكين، فلم يحصل سوى على أقل من ثلث هذا المبلغ من الولاية ذاتها.

يصف البعض كاليفورنيا بأنها آلة الصرف الخاصة بالسياسيين بمختلف أنحاء البلاد. وقد أغدقت الولاية المال على باراك أوباما بصورة غير عادية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن دولاراً واحداً من بين كل خمسة جمعها أوباما في إطار التبرعات المجدولة جاء من كاليفورنيا، المعروفة باسم الولاية الذهبية.

وطبقاً لأحدث الإحصاءات، والتي صدرت في منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، حصد المرشح الرئاسي الديمقراطي 84 مليون دولار من كاليفورنيا وحدها، ما يعادل 20% من إجمالي التبرعات التي جمعها وتجاوزت حد الـ200 دولار للتبرع، وهو الحد الذي ينبغي عنده أن يكشف لدى الوصول إليه المرشح عن مصدر التبرعات التي تلقاها.

ويزيد مبلغ الـ84 مليون دولار عن ثلثي ما جمعه أوباما من أكثر ثاني الولايات سخاءً تجاهه، نيويورك. كما يفوق هذا المبلغ إجمالي ما تم جمعه من تبرعات داخل كاليفورنيا في إطار جميع التنافسات الانتخابية الفيدرالية منذ عقد مضى والبالغ إجمالي حجمها 83.7 مليون دولار، وبذلك ظهرت الولاية كأغنى مصدر لأموال الحملات الانتخابية.

على الجانب الآخر، حصل ماكين على تبرعات أقل بكثير من كاليفورنيا، التي كان من المتوقع أن تصوت بأغلبية كبيرة لصالح أوباما. وقد جمع المرشح الرئاسي الجمهوري من الولاية 25 مليون دولار فقط.

وتوصل تحليل وضعته صحيفة لوس انجليس تايمز لدور كاليفورنيا في تمويل الحملات الانتخابية الفيدرالية إلى أن الولاية أسهمت بنصيب أكبر في تبرعات الحملات الخاصة بالمرشحين عن الأحزاب الكبرى عما كان عليه الحال عام 2004، حيث حصل أوباما على خمس تبرعاته المجدولة من الولاية، بينما وقفت هذه النسبة بالنسبة لجون كيري عند 17%. على الجانب الآخر، حصل ماكين على 12% من تبرعاته المجدولة من الولاية، بينما بلغت النسبة ذاتها بالنسبة لجورج دبليو. بوش 10%.

وتكشف السجلات الخاصة باللجنة الانتخابية الفيدرالية عن أن أبناء كاليفورنيا أسهموا بـ13% من إجمالي 2.6 مليار دولار هي إجمالي التبرعات المجدولة التي جمعها المرشحون للرئاسة وعضوية الكونغرس وكلا الحزبان الكبيران. وقد تم إرسال الملايين من الدولارات إلى المرشحين الطامحين في الوصول إلى مقاعد في الكونغرس بمختلف أنحاء البلاد، خاصة الديمقراطيين الآملين في الحصول على مقاعد بمجلس الشيوخ، ومنهم آل فرانكين في مينيسوتا ومارك أودال في كولورادو وجين شاهين في نيوهامبشير، كما بعث أبناء كاليفورنيا بـ33 مليون دولار إلى الحملات الانتخابية المستقلة.

وتشير الأرقام إلى أن قرابة 126 الفا من سكان كاليفورنيا قدموا تبرعات لصالح أوباما وماكين. وجاءت النسبة الأكبر من الأموال من قبل أفراد أشاروا إلى مهنتهم باعتبارها أعمالا حرة أو متقاعدين أو طلابا أو عاملين بمجال بناء المنازل.

وقد تمكن أوباما من الحصول على تبرعات من جانب موظفي شركات سيليكون فالي واستوديوهات هوليوود وشركات المحاماة والجامعات والموظفين بالمؤسسات المحلية والأخرى التابعة للولايات، وغيرهم الكثيرون.

من بين جهات التوظيف، تمثل المصدر الأكبر للتبرعات لصالح أوباما في جامعة كاليفورنيا، حيث تبرع الأساتذة والموظفون الآخرون بـ1.3 مليون دولار. ومن بين الشركات التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، كان موظفو غوغل أكبر مصدر للتبرعات للمرشح الديمقراطي، حيث أسهموا بـ562.000 دولار.

على الصعيد الوطني، كاد موظفو غوغل أن يصلوا إلى مستوى موظفي مايكروسوفت باعتبارهم أكبر مصدر للتبرعات من شركة واحدة لصالح أوباما، حيث قدم موظفو غوغل 727 الف دولار، بينما أسهم موظفو مايكروسوفت بـ729 الف دولار.

على الجانب الآخر، جاءت غالبية المتبرعين لصالح ماكين من الشركات العاملة بمجالات العقارات والاستثمار والمحاماة والاتصالات عن بعد والنفط وغيرها. وكان موظفو شركة إرفين كو المصدر الأكبر لتبرعات ماكين بإجمالي تبرعات بلغ 67 الف دولار.

جدير بالذكر أن الكثير من العاملين بهذه المجالات لهم مصالح كبرى داخل العاصمة واشنطن، ويتوقعون أن يتمتعوا بصلات وثيقة مع الإدارة القادمة، لكن هناك كثيرين آخرين يؤمنون بحق بمبادئ فكرية بعينها، مثل ويليام بلومفيلد وجامي ألتر لينتون. ولا تتوافر معلومات مؤكدة لدى أي من بلومفيلد ولينتون حول حجم الأموال التي أسهما بها لصالح المرشحين الرئاسيين، لكن المؤكد أن تبرعاتهما وصلت إلى مئات الآلاف من الدولارات.

من المعروف أن لينتون، والتي يترأس زوجها، مايكل، شركة سوني بكتشرز انترتيمنت، تنتمي لعائلة تتميز بنشاطها السياسي، كما اعتادت لينتون العمل لحساب محطة سي إن إن. لكن حتى ظهور أوباما على الساحة السياسية، لم يسبق لها المشاركة بمثل هذه القوة في حملة انتخابية سياسية. وربما ساعدت لينتون في كسب تأييد عشر جهات لجمع التبرعات لصالح سيناتور ولاية إلينوي وقضت 30 ساعة من العمل التطوعي في خدمة حملة أوباما، الذي تؤمن لينتون أن باستطاعته إحداث تحول بالمشهد السياسي الأميركي، وتأمل في أن يتمكن من استعادة السمعة الطيبة للبلاد.

أما بلومفيلد فيبدي حماساً بالغاً تجاه ماكين. وقد سبق له الإسهام بتبرعات متواضعة في الانتخابات السابقة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها تأييده القوي لمرشح معين. وقد أقدم بلومفيلد على بيع شركته التجارية، وانتقل من مانهاتن بيتش إلى أرلنجتون بفيرجينيا، حيث يوجد المقر الرئيسي لماكين.

والآن، تطوع بلومفيلد للعمل كل الوقت لصالح حملة ماكين، لإيمانه بأن المرشح الجمهوري بمقدوره أن يكون إبراهام لينكولن هذا القرن.

من ناحية أخرى، عند النظر إلى سجلات اللجنة الانتخابية الفيدرالية المرتبطة بجمع التبرعات يتضح أن أوباما يتمتع بشعبية خاصة في أوساط الشباب، حيث تمكن من جمع 820 الف دولار من سكان كاليفورنيا الذين وصفوا أنفسهم باعتبارهم طلابا، مقابل 56 الف دولار حصل عليها ماكين.

وعلاوة على ما يزيد على مليون دولار جمعها أوباما من أفراد يعملون في نظام الجامعات التابع للولاية، حصل المرشح الديمقراطي على 475.309 دولار من موظفي جامعة ستانفورد، و193.173 دولار من موظفي جامعة ساوث كاليفورنيا. أما ماكين فقد جمع ما يقل عن 57.000 دولار من العاملين بجامعات ساوث كاليفورنيا وكاليفورنيا وستانفورد مجتمعة. ومن أحد الأسباب التي حملت غوغل على أن تصبح مصدر أموال كبيرا لصالح أوباما هو إريك شاميدت ـ المدير التنفيذي للشركة ـ فهو من أشد المؤيدين النشطين لأوباما، وشارك في إعلان دعائي خاص بأوباما يستغرق ثلاثين دقيقة. وبصورة إجمالية، منح سكان ولاية كاليفورنيا العاملين في شركات التقنية المتقدمة 1.9 مليون دولار لأوباما.

على الجانب الآخر، منح موظفو غوغل 12.000 دولار فقط لماكين. في المقابل، قدمت شركة إيرفين كو. ـ أكبر الشركات إسهاماً بالتبرعات لصالح ماكين ـ أقل من 9000 دولار لأوباما.

وأنفقت شركة إيرفين كو. مبلغ قوامه 80.000 دولار على نشاطات ممارسة الضغوط وحشد التأييد خلال التسعة شهور الأولى من العام فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالإسكان والتأمين والتغلب على الكوارث. تجدر الإشارة إلى أن الشركة في الماضي خاضت حربًا مع الحكومة بسبب قانون حماية الكائنات الحية المهددة بالانقراض.

أما شركة غوغل، فقد أنفقت أكثر من 3.1 مليون دولار على جهود ممارسة ضغوط داخل واشنطن في الشهور التسعة الأولى من عام 2008. وكانت تهتم بقضايا مثل حقوق الطبع وإمكانية الدخول على الانترنت بسرعات فائقة والطاقة والهجرة والسرية والقضايا المتعلقة بالأفلام الإباحية حول دعارة الأطفال وقضايا أخرى. وتعتبر هوليوود أحد المصادر الكبرى الأخرى لأموال التبرعات لصالح أوباما، فسكان كاليفورنيا الذين أشاروا إلى جهات التوظيف التي يعملون لديها باعتبارها استوديوهات ضخمة، علاوة على أصحاب العمل أنفسهم، قدموا أكثر من 1.8 مليون دولار لأوباما خلال الحملة الانتخابية.

وعليه، نجد أن أوباما حصد غنيمة كبيرة للغاية من الصناعة الترفيهية بالبلاد. وقدر مركز سياسات الاستجابة التبرعات القادمة من صناعة الأفلام والبرامج التلفزيونية عبر جميع أرجاء البلاد بـ14 مليون دولار.

وبالرغم من أن الكثير من المشاهير الذين تبرعوا بالأموال لصالح أوباما كانت الايديولوجية هي المحرك الأساسي وراءهم، تعد صناعة الترفيه والأفلام نفسها قوة ضغط كبيرة. فقد أنفقت «ذا موشن بيكتشر آسن. أوف أميركا» أكثر من 32 مليون دولار على جهود ممارسة الضغط هذا العام. وكان المحامون في شركة أكين غامب ـ من كبار المتبرعين لأوباما، حيث منحوه أكثر من 160.000 دولار، منها 45.000 دولار فقط جاءت من كاليفورنيا.

* خدمة «لوس انجليس تايمز»

خاص بـ «الشرق الأوسط»