طاولة الحوار اللبناني عقدت جلستها الثانية.. والمتحاورون تعهدوا «التزام التهدئة وتشجيع المصالحات»

وعكة ألمت بالنائب تويني علقت الاجتماع فأرجئ إلى 22 ديسمبر

TT

تسببت وعكة ألمت بالنائب غسان تويني بتعليق أعمال الجلسة الثانية لطاولة الحوار اللبناني التي عقدت أمس في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومشاركة القادة الـ14 الممثلين لمختلف الفرقاء السياسيين في قوى «14 آذار» و«8 آذار». وأعلن الرئيس سليمان إرجاء الجلسة إلى 22 ديسمبر (كانون الاول) المقبل «إفساحاً في المجال لمزيد من الاتصالات والمشاورات» لتقريب وجهات النظر بين الافرقاء وفقاً لما جاء في البيان الصادر عن الجلسة. وقد تعهد المتحاورون بـ«التزام التهدئة السياسية والاعلامية وتشجيع المصالحات ونبذ الاستفزازات واستكمال البحث في الاستراتيجية الدفاعية».

وكان النائب تويني، الذي سهر حتى الصباح في جريدته «النهار» لمواكبة مسار الانتخابات الرئاسية الاميركية، أصر على تأدية واجبه الوطني بالمشاركة في الجلسة الثانية لطاولة الحوار، إيماناً منه بالحوار ورغم وضعه الصحي غير المستقر. وفي خضم المناقشات الدائرة أصيب بوعكة مفاجئة فاستدعي فريق طبي على الفور لتحديد سبب التوعك. وأجريت له الاسعافات الاولية ثم نقل في سيارة الاسعاف التابعة لرئاسة الجمهورية الى مستشفى الجامعة الاميركية.

ونتيجة هذا الحادث تقرر تعليق أعمال طاولة الحوار، بعدما كانت النقاشات في المواضيع المطروحة بدأت بين المشاركين فيها. وقال مصدر مطلع أن «فريق المعارضة طرح موضوع توسعة الحوار. وجرى نقاش معمق من دون التوصل الى نتيجة وسط تباين المواقف بين الموالاة والمعارضة حول الموضوع. فما كان من المتحاورين إلا أن أحالوا الامر على رئيس الجمهورية لاجراء المشاورات لتقريب وجهات النظر». وأضاف أنه «عند طرح موضوع الاستراتيجية الدفاعية تولى رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون تقديم تصوره في هذا المجال ووزعه مكتوباً على المتحاورين. وتحدث أكثر من قطب على الطاولة من دون إحداث اختراق نوعي وسط انقسام حول الأمر. فأحيل أمر تقريب وجهات الى رئيس الجمهورية أيضاً».

وتوقف المصدر عند غياب الجامعة العربية عن الجلسة الثانية للحوار «علماً أن نص اتفاق الدوحة واضح في هذا المجال لجهة التأكيد على أن الحوار يتم بمشاركة الجامعة العربية، الامر الذي ترجم في الجلسة الاولى بحضور الامين العام للجامعة عمرو موسى». ورأى في هذا التطور «مؤشراً سلبياً ينم عن عدم إقتناع عربي بوصول الحوار الى نتائج في المدى المنظور».

هذا، وصدر عن المجتمعين البيان الآتي: «عقد أفرقاء طاولة الحوار الاربعة عشر اجتماعهم الثاني في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم (أمس) في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لاستكمال البحث في المواضيع المطروحة أمامهم. وفي نهاية الاجتماع، قرابة الثانية والنصف من بعد الظهر، صدر عن المجتمعين البيان الآتي: «استأنفت طاولة الحوار أعمالها في مقر رئاسة الجمهورية برئاسة رئيس الجمهورية وبمشاركة جميع أفرقاء الحوار بتاريخ 5/11/2008. افتتح فخامة الرئيس الجلسة بكلمة ذكَّر فيها بما تم التوافق عليه في البيان الصادر عن الجلسة السابقة، وخصوصا بشأن تعزيز أجواء التهدئة والمصالحات وتأكيد تنفيذ ما تبقى من مقررات مؤتمر الحوار الوطني والمسائل التي ما زالت بحاجة لمزيد من التشاور والجهد. وعرض فخامة الرئيس نظرته لمستلزمات وعناصر الاستراتيجية الدفاعية الوطنية الشاملة، وخصوصا على الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، مشيرا الى أهمية تحسين عمل مؤسسات الدولة واصلاح الادارة. كذلك لفت الى أهمية الدعم الخارجي الذي تلقاه مسيرة الحوار الوطني في لبنان، داعيا للافادة من ايجابياته. وناقش المتحاورون إمكان توسيع طاولة الحوار من حيث المبدأ والمعايير، وموضوع الاستراتيجية الدفاعية. وتم الاستماع الى تصور للعماد ميشال عون في هذا المجال. وبنتيجة المداولات توافق المجتمعون على الأمور الآتية: 1ـ الإفساح في المجال لمزيد من الاتصالات والمشاورات يجريها رئيس الجمهورية لتقريب وجهات النظر، 2ـ التزام الاستمرار في نهج التهدئة السياسية والاعلامية وتشجيع المصالحات والابتعاد عن أي مظهر من مظاهر الاستفزازات، 3ـ استكمال البحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية، 4ـ تحديد الساعة الحادية عشرة من الثاني والعشرين من كانون الأول المقبل موعدا للجلسة الثالثة في قصر بعبدا».

وكان المتحاورون الـ14 وصلوا تباعاً الى القصر الجمهوري قبل ظهر امس وهم النواب وليد جنبلاط وبطرس حرب وميشال المر ومحمد رعد، وآغوب بقرادونيان، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس امين الجميل، والنائب الياس سكاف، ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، والنائب ميشال عون، ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقد وصل في سيارة واحدة النواب سعد الحريري وغسان تويني ومحمد الصفدي.

وبعد ساعات من إدخال النائب تويني الى مستشفى الجامعة الاميركية، نقلت «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية عن اطباء يشرفون على علاجه ان «وضعه جيد ومستقر. وقد نقل من غرفة العناية الفائقة الى غرفة عادية».

واثناء انعقاد جلسة الحوار، صدرت مواقف عدة حولها. فقال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب اكرم شهيب انه كان هناك «قرار واضح بعد اجتماع لقيادات 14 اذار ان لا للتوسيع ونعم لاتفاق الدوحة. وبالتالي نحن متمسكون بمضامين اتفاق الدوحة. واعتقد ان اللقاء الذي حصل بين النائب سعد الحريري والسيد حسن نصر الله (امين عام حزب الله) تم خلاله التأكيد على اتفاق الدوحة. ولا يجوز ان نضرب اتفاق الدوحة بتوسيع أفقي أو عمودي. أما بالنسبة الى الاستراتيجية الدفاعية فهي مسار طويل وستستغرق وقتا في الظروف الحالية. والمهم في النهاية ان نصل لتكون الدولة وحدها الحامية للجميع والتي تمتلك السلاح في المستقبل».

وعن نظرة «القوات اللبنانية» الى توسيع طاولة الحوار والى بند الاستراتيجية الدفاعية، قال وزير البيئة طوني كرم: «موقفنا من التوسيع كان واضحاً، فنحن نلتزم ما تقرر في الدوحة من دون الغرق في التفاصيل. فلنستكمل الطاولة بالاشخاص انفسهم ومن دون توسيع. .. والحوار هو للبحث في مصير السلاح وكيف ستكون طريقة الدفاع من الآن فصاعدا والعلاقة بين المقاومة والدولة. لكننا نعتقد انه يجب ان يكون كل السلاح بيد الدولة وتحت ادارتها واشرافها».

في المقابل، أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن «اصرار حزب الله والمعارضة الوطنية على توسيع طاولة الحوار» فيما اعتبر النائب عن حزب «الرامغافار» الأرمني اغوب قصارجيان «ان الطائفة الارمنية غير ممثلة فعلياً وبشكل كامل في الحوار... لان حزب الطاشناق ليس هو من يختصر التمثيل الحزبي الارمني».