4 ولايات حسمت السباق.. وأوباما بدأ يومه غداة الفوز بتمارين رياضية

ماكين: نمر بأوقات صعبة.. وأتعهد العمل بكل ما بوسعي لمساعدته في التحديات

TT

حسم المرشح الديمقراطي باراك اوباما السباق الرئاسي حتى قبل اعلان نتائج الساحل الغربي للولايات المتحدة الذي يضم كاليفورنيا، وهي أعلى ولاية من حيث عدد المندوبين (55 مندوباً)، وذلك بعد ان نجحت استراتيجيته الانتخابية في غزو ولايات جمهورية تقليدية والتركيز عليها، واستطاع أوباما ان يفوز بأربع ولايات كانت هي الحاسمة، وهي بنسلفانيا (21 مندوباً) وفرجينيا (13 مندوباً) واوهايو (20 مندوبا) وفلوريدا (27 مندوبا). وتخطى اوباما بسرعة حاجز 270 صوتاً من أصوات الهيئة الانتخابية، وهو العدد المطلوب لتولي رئاسة البيت الابيض. واعلنت حملة اوباما فور الإعلان عن فوز اوباما بولاية بنسلفانيا ان الأمر حُسِمَ، وذلك ان فرجينيا وفلوريدا وأوهايو تأخر فرز اصوات منخبيها. وقال ريتشارد وايتز، المدير بمركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن لـ«الشرق الاوسط» ان التي حسمت عملياً التنافس لصالح اوباما هي اصوات الشباب حيث نال 70 في المائة منها في حين حصل منافسه جون ماكين على 29 في المائة من هذه الاصوات».

واضاف وايتز «إن نسبة البيض الذين صوتوا لأوباما متقاربة مع نسبة النساء وهي تتراوح طبقاً لاحصاءات مؤقتة ما بين 54 الى 60 في المائة مع نسبة خطأ 1 في المائة، في حين بلغ صوت 75 في المائة من اللاتينو (هسبانيك) لصالح اوباما. يشار الى ان نبرة اوباما بعد اعلان النتائج كانت تصالحية، حيث قال في خطاب النصر بشيكاغو «اميركا أرسلت رسالة للعالم، وهي اننا كنا وسنبقى الولايات المتحدة»، مركزا على اهمية الوحدة لا الفرقة بين ديمقراطي وجمهوري او بين ابيض وأسود. يذكر ان معظم الصحف الاميركية الصادرة أمس استعملت عبارة «تاريخي» لوصف فوز اوباما. في المقابل، القى المرشح الجمهوري المنهزم ماكين ايضاً خطاباً تصالحياً قال فيه «هذه انتخابات تاريخية».

واقر بما تحمله من مؤشرات واضحة للافارقة الاميركيين وبالفخر الذي «سيشعرون به في ليلتهم هذه». وقال إن «الفشل فشله هو وليس فشل انصاره».

واضاف «كنت دائماً اعتقد ان اميركا توفر فرصاً للجميع والسيناتور اوباما يؤمن بذلك ايضاً». وقال ماكين مخاطباً انصاره الليلة قبل الماضية بمدينة فنيكس بولاية اريزونا «وصلنا الآن الى نهاية الرحلة لقد تحدث الاميركيون بوضوح، قبل قليل كان لي الشرف للحديث مع اوباما لتهنئته بانتخابه الرئيس المقبل لبلد نحبه معاً». وقال إن اوباما «حرك الآمال في نفوس الملايين الذين كانوا يعتقدون ان تأثيرهم محدود في الانتخابات وهو أمر اثار اعجابي». وأوضح أن اميركا ابتعدت كثيراً عن ذكرياتها المريرة، «ولا توجد اشارة افضل من انتخاب افريقي اميركي رئيساً للولايات المتحدة». وتابع قائلاً «حقق السيناتور اوباما شيئاً عظيماً لنفسه ولبلده، وأصفق له من اجل ذلك، وأعبر له عن تعاطفي المخلص لأن جدته لم تعش لترى هذا اليوم.. ولا شك انها كانت ستكون فخورة بتربيتها لرجل جيد». وأكد ماكين وجود خلافات بينه وبين اوباما، مشيراً الى أن هذه الخلافات ستبقى. ومضى قائلاً «هذا وقت صعب لبلادنا، وأتعهد له هذه الليلة العمل بكل ما في وسعي لمساعدته من اجل ان يقودنا لمواجهة التحديات التي نواجهها».

وزاد «أنني احث جميع الاميركيين الذين ساندوني على الانضمام لي، ليس فقط لتهنئته، بل لأن نمنح رئيسنا المقبل ارادتنا الحسنة وجهدنا لنجد الطريق من أجل العمل معاً لتضيق هوة الخلافات بيننا والمساعدة على إعادة الازدهار وحماية أمننا في عالم خطر ونترك لاطفالنا واحفادنا بلداً أفضل». وقال ماكين «من الطبيعي ان نشعر هذه الليلة بخيبة أمل لكن في الغد لابد من تجاوز ذلك للعمل معاً حتى تتحرك بلادنا من جديد». ونوه ماكين باسرته وبالذين عملوا معه في الحملة وبالمرشحة معه ساره بالين، وقال إنها افضل مرشحة عرفها حتى الآن وقامت بحملة غير مسبوقة. وختم ماكين خطابه قائلاً «الاميركيون لا ينسحبون او يستسلمون، ولا يختبئون من التاريخ بل يصنعون التاريخ». من جهة اخرى، بدأ امس اوباما يومه الاول كرئيس بتناول الافطار مع اسرته. ثم خرج بعد ذلك في ملابس رياضية يحمل الصحف اليومية بنفسه حيث ذهب الى شقة أحد اصدقائه في شيكاغو. ومن هناك الى ناد للتمارين الرياضية. ثم انتقل الى مقر حملته الرئيسية في المدينة وشكر الفريق الذي عمل معه؛ وعلى رأسهم ديفيد بلوف مدير الحملة. وسيقضي اوباما عطلة نهاية الاسبوع مع اسرته. وقالت مصادر مقربة منه في تصريحات نقلتها شبكات التلفزيون الرئيسية انه ليس متعجلاً على تشكيل إدارته المقبلة. وحذر جون بيتناي استاذ العلوم السياسية في معهد كليرمون ماكينا (كاليفورنيا) من ان «على الديمقراطيين ان يأملوا في تحسن الاقتصاد بحلول 2010، وإن لم يحصل ذلك، فان الجمهوريين سيعودون بقوة». بحسب ما قال امس لوكالة الصحافة الفرنسية. وعلى اوباما ان يواجه عجزا ضخما في الميزانية بلغ مستوى قياسيا قدره 455 مليار دولار في ميزانية عام 2008 التي انتهت في سبتمبر (أيلول) الماضي. ويمكن ان يبلغ العجز الف مليار دولار خلال ميزانية 2009 التي بدأت في اكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما ان النمو في تراجع (تراجع اجمالي الانتاج الداخلي بنسبة 0.3 في المائة وفقا للوتيرة السنوية في الفصل الثالث من العام الحالي) ولا تملك العائدات الضريبية الكثيرَ من الفرص لمساعدة الادارة المقبلة. وبذلك، يجد الرئيس الاميركي الجديد وقادة الاغلبية في الكونغرس انفسهم امام واجب النجاح سريعا. واوضح اندرو تايلور، استاذ العلوم السياسية في جامعة كارولاينا الشمالية «هناك في السياسة الاميركية ما نطلق عليه ظاهرة «شهر العسل» يكون خلالها الدعم للرئيس المنتخب حديثا قويا. غير انه لا أحد يعرف كم يستمر شهر العسل هذا». ووعد اوباما بخفض الضرائب لأصحاب المداخيل التي تقل عن 250 الف دولار سنويا مما يشكل 95 في المائة من الاسر. غير انه في حال تواصلت الازمة واجبرته على زيادة النفقات والضرائب دون تحسن الوضع الاقتصادي للاميركيين، فان ذلك قد يشكل مآخذ عليه خلال انتخابات منتصف ولايته المقررة عام 2010.

واخذ المرشح الجمهوري ماكين خلال حملته على اوباما موقفه السياسي «الاكثر ميلا الى اليسار»، محذرا من انه اكثر راديكالية من الرئيسين الديمقراطيين الاسبقين جيمي كارتر وبيل كلينتون. وهذان الرئيسان كانا من الجنوب، وهي مناطق اكثر محافظة تاريخيا. وخلال فترتي رئاستهما تبنيا الخط الايديولوجي التقليدي لليسار الاميركي. وكان كلينتون قد أعلن اثر فشل خطته للتأمين الصحي، ان «عهد الدولة القوية ولى». وفي حال لم يحصل تحسن في الوضع الاقتصادي، فقد يضطر اوباما على غرار هذين الرئيسين الديمقراطيين السابقين، الى «مراجعة طموحاته للحد منها، خصوصا حين يتعلق الامر بنفقات» اضافية، بحسب بيتناي. اما تايلور، فيرى ان اوباما سيحكم البلاد «من موقع وسط اليسار كما سبق ان اعلن، غير انه يملك من البراغماتية ما يمكنه من التأقلم»، على حد قوله.