الديمقراطيون يكسبون مقاعد إضافية في الكونغرس.. ويفشلون في الحصول على «الرقم المقدس» في مجلس الشيوخ

محافظو الحزب الجمهوري تمكنوا من الحفاظ على مقاعدهم في ولايات الجنوب

TT

تمكن الحزب الديمقراطي من إحكام سيطرته بشكل أكبر على الكونغرس بعد أن كسب ستة مقاعد اضافية في مجلس الشيوخ، وأصبح يتمتع بأغلبية 56 مقابل 40 مقعدا للجمهوريين، ومقعدين لمستقلين، ولا يزال هناك مقعدان لم تصدر نتائجهما بعد. إلا ان الحزب الديمقراطي فشل في الحصول على «الرقم المقدس» وهو الرقم 60 الذي يضمن له إجازة كل القوانين التي يريدها من دون ان يقدر الحزب الجمهوري على استعمال حيل برلمانية لتأجيلها او رفضها.

وقفزت أغلبية الحزب الديمقراطي من 51 مقابل 49 الى 56 مقابل 40. واعترفت بذلك، صباح امس في مقابلة تلفزيونية، السناتور كي هاتشينسون، وهي جمهورية من ولاية تكساس، وقالت: «قال الشعب كلمته. ونحن نسمع ما قال الشعب. جاء وقت ان نقف خلف رئيسنا الجديد، وان نعمل معه بصورة غير حزبية لمواجهة قضايا البلاد المهمة».

وكان السناتور هاري ريد، وهو ديمقراطي من ولاية نيفادا وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، قد علق قائلا: «قاد اوباما حملة انتخابية ممتازة، وألهم ملايين الناس. وها نحن نحصد في الكونغرس كما حصدنا في البيت الابيض».

أما في مجلس النواب فقد قفزت مقاعد الحزب الديمقراطي عشرين مقعدا، بالاضافة الى الاغلبية الحالية التي كانت ثلاثين مقعدا، بينما لم تعلن نتائج ستة مقاعد. وأصبح الحزب الديمقراطي يتمتع بـ 252 من أصل 435 والجمهوري بـ 172 مقعدا. وفي مقابلة تلفزيونية امس، قالت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب: «قال الشعب الاميركي إنه يريد ليس فقط سياسات جديدة، ولكن اتجاها جديدا. قال الشعب الاميركي انه يريد من قادته ان يغيروا اميركا». لكن على الرغم من كل هذه الانتصارات، يبقى الحزب الجمهوري قادرا على خلق المشاكل للحزب الديمقراطي بسبب فشل الديمقراطيين في الحصول على ستين مقعدا في مجلس الشيوخ. ولكن السبب الأهم والأكبر هو أن المشاكل التي تواجه الحزب، سواء في البيت الابيض او في الكونغرس، ليست سهلة الحل. وأمس قال راش لمبو، مقدم برنامج اذاعي محافظ: «وقع الحزب الديمقراطي في شرك نصبه لنفسه. سيطر على الكونغرس وعلى البيت الابيض، وها نحن نعلن الهجوم عليه منذ اليوم». واضاف: «لن نتمنى الشر للحزب الديمقراطي. لكننا نتمنى ان يقتنع الشعب الاميركي، بعد سنتين فقط، ان الحزب الديمقراطي لن يقدر على حل المشاكل التي وعد بحلها. وليس السبب المشاكل، لكنه حلول الحزب الديمقراطي».

في الجانب الآخر، اعترف قادة من الحزب الجمهوري في الكونغرس بان هزيمة الحزب كانت قاسية، وانهم يجب ان يدرسوا أسبابها، ويحاولوا تفاديها في المستقبل. وقال السناتور جيم ديمنت، وهو جمهوري من ولاية ساوث كارولينا: «لا نقدر على ان ندفن رؤوسنا في الرمال. جاء اوباما ببرنامج بسيط، وهو التغيير، واستعمل تكتيكا بسيطا، وهو إلهام الناس، ونجح. الآن جاء وقتنا لننقد انفسنا انتقادات ذاتية». واضاف: «نريد اعادة بناء الحزب الجمهوري قبل ان نطلب من الشعب الأميركي ان يعيدنا الى الكونغرس والبيت الابيض». ويعتبر تعليق السناتور ديمنت مهما لان السناتور من قادة الحزب في مجلس الشيوخ. ويترأس لجنة القوانين التابعة للجنة الوطنية للحزب.

وفي مجلس النواب، أعلن آدام بوتمان وهو جمهوري من ولاية فلوريدا ان الحزب الجمهوري «ارتكب اخطاء كثيرة». واعلن استقالته من منصبه كمراقب الحزب في الكونغرس، وهو ثالث منصب في اللجنة الوطنية للحزب. وقال انه فعل ذلك «بعد تردد». وأضاف: «من جهة اريد ان ابقى لأدفع برامجنا الى الامام. ومن جهة أخرى، لا بد ان يتحمل شخص، واحد على الاقل، مسؤولية الهزائم التي اصابتنا».

ولكن، حتى لو انهزم الحزب الجمهوري، فان الجناح المحافظ فيه لم ينهزم. اذ أن الكثير من اعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين سقطوا كانوا من الجناح المعتدل. وسقطوا في ولايات شمالية معتدلة كانت تصوت للحزب الجمهوري احيانا وللحزب الديمقراطي احيانا اخرى. وحافظ الجمهوريون على أغلبية مقاعدهم في ولايات الجنوب. وهؤلاء جمهوريون محافظون. وليس سرا ان سيطرتهم على ولايات الجنوب تعود جذورها الى خطتين وضعهما الحزب الجمهوري قبل اربعين سنة. اولا: في سنة 1968، أعلن المرشح نيكسون سياسة «القانون والنظام». وكان واضحا انه يقصد مواجهة الجرائم التي يرتكب السود اغلبيتها. وكان واضحا ان الخطة عنصرية خفية. وثانيا: في سنة 1980، اعلن المرشح ريغان الحرب على «ملكة الرفاهية»، اشارة الى امرأة سوداء لا تعمل وتعتمد على مساعدات من الحكومة. ولأن اغلبية امثالها من السود، كان واضحا ان ريغان يرسل رسالة عنصرية خفية الى البيض، وخاصة في ولايات الجنوب. ولهذا، منذ خطتي نيكسون وريغان تحولت الولايات الجنوبية الى الحزب الجمهوري. كان واضحا انه تحول «ثقافي» وهذه كلمة يستعملها الاميركيون عندما يقصدون الاشارة الى المشاكل بين البيض والسود. ولهذا، في انتخابات اول من امس، فقد الحزب الجمهوري مقاعد في ولايات الشمال، واحتفط بكل المقاعد في ولايات الجنوب تقريبا، حيث لا تزال بقايا تجربة الرقيق وبقايا التفرقة العنصرية تعيش، على الاقل في عقول نسبة غير قليلة من البيض.

وفوجئ حتى قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس بسقوط زميلتهم السناتور اليزابيث دول، زوجة السناتور السابق بوب دول في ولاية نورث كارولينا. وقالت اليزابيث نفسها بعد سقوطها: «لا بد ان ننتبه الى الامر الواقع» وقصدت ان تقول ان «الولاية لم تعد جنوبية تقليدية» كما كانت. وذلك بسبب زيادة نسبة الوعي وسط السود فيها، وبسبب زيادة هائلة في عدد المهاجرين من المكسيك. وهذا يعني ان الحزب الجمهوري يجب ان يعيد نظرته الى الخلاف العرقي في اميركا، وهو انه لم يعد بين بيض وسود، ولكن انضمت اليه اقليات مكسيكية ولاتينية وآسيوية.

واوضحت احصائيات ولاية نورث كارولينا ان كاي هيغان، التي فازت على اليزابيث، وهي سياسية محلية غير مشهورة في باقي الولايات، فازت ليس فقط باصوات الاقليات السوداء والمكسيكية، ولكن ايضا بأصوات البيض، خاصة طلاب الجامعات والمتعلمين. ورغم ان الولاية اقل من المتوسط الوطني في نسبة البيض خريجي الجامعات (كانت النسبة قبل عشرين سنة عشرين في المائة، والآن ثلاثون في المائة تقريبا)، فقد زادت نسبة هؤلاء في الولاية، وساعدت على سقوط مرشحة الحزب الجمهوري.