براون : علينا الاعتراف بأن لدول الخليج دورا أكبر في تسيير الاقتصاد العالمي

قال لـ«الشرق الأوسط»: في المراكز السعودية لتأهيل المتطرفين رأينا أناسا كانوا في غوانتانامو والآن يرفضون الفكر المتطرف

غوردن براون متحدثا لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: جاك جابور)
TT

شدد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون على اهمية تمثيل كافة قارات العالم في تحديد مستقبل الاقتصاد العالمي، مؤكداً على دور دول الخليج في هندسة الاقتصاد العالمي. وقال براون في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» في أبو ظبي في نهاية جولته الخليجية: «علينا الاعتراف بأنه يجب أن يكون للسعودية والإمارات وقطر والكثير من الدول هنا دور اكبر في تسيير نظام الاقتصاد العالمي في المستقبل ولكن في نفس الوقت حينما توجد دول لديها الاحتياطي المالي يمكنها أن تساهم في جعل كل الأسواق الدولية أقوى». وأبدى براون ارتياحه لنتائج زيارته الى الخليج التي استغرقت 4 ايام وانتهت اول من امس، وجاءت ضمن جهوده لحشد العالم للتصدي للازمة الاقتصادية العالمية. ومن ابرز الرسائل التي اوصلها براون الى القادة الخليجيين هي اقراره بضرورة اصلاح النظام العالمي ليمثل جميع الركائز الاساسية في الاقتصاد العالمي. ولفت الى ان التعاون غير منحصر فقط في مجال الاقتصاد، مشدداً على اهمية التعاون لمكافحة الارهاب بناء على «الحوار الثقافي والسياسي والديني». وأضاف: اذا تمكنا من جعل التغيير العالمي، العولمة نفسها، اكثر شمولية وقادرة على الاستمرارية اعتقد انه يمكننا ان نسحب من الجماعات المتطرفة اولئك الاشخاص الذين يعتقدون ان الحل الوحيد هو العنف». وتحدث براون عن ضرورة التوصل الى حل للنزاع العربي ـ الاسرائيلي رغم الصعوبات التي تواجه هذه العملية من حيث عدم الاستقرار السياسي في اسرائيل والوضع الاقتصادي الصعب للسلطة الفلسطينية، وسط انشغال الولايات المتحدة بمرحلة الانتخابات الرئاسية والفترة الانتقالية التي تعقبها قبل تنصيب الرئيس الجديد. وعبر براون عن تفاؤله للتوصل الى اتفاق امني مع العراق، مؤكداً ان الاولولية البريطانية في هذه البلاد هي تدريب قواته ودعم التنمية الاقتصادية في البصرة. وفي ما يلي نص الحوار:

* زرت الخليج وسط ازمة مالية متصاعدة، ماذا يمكن للخليج والعالم العربي ان يقدم للمساعدة في معالجة الازمة، وماذا يمكن لدول الخليج ان تجني من هذا التعاون؟

ـ اعتقد ان الامر الاول هو الاعتراف بأن هذه ازمة عالمية بحاجة الى حل عالمي ولا يمكن حلها من دون عمل جميع الدول سويا. فبغض النظر عن سبب الازمة الحالية، يجب حلها من خلال عملنا جميعاً بتناغم.

اعتقد ان علينا الاعتراف بأنه يجب ان يكون للسعودية والامارات وقطر والكثير من الدول هنا دور اكبر في تسيير نظام الاقتصاد العالمي في المستقبل ولكن في نفس الوقت حينما توجد دول لديها الاحتياطي المالي يمكنها ان تساهم في جعل كل الاسواق الدولية اقوى. فهناك مقترح لالية تابعة لصندوق النقد الدولي حيث يمكن لدول تعاني مثل المجر وباكستان ان تحصل على دعم واعتقد بأنه من الممكن لنا جميعاً ان نلعب دوراً في جعل ذلك ممكناً.

* هل انت راض عن الردود التي حصلت عليها لمقترحاتك اثناء هذه الزيارة؟

ـ كان لدي اجتماع ممتاز مع العاهل السعودي (خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز) والتقيت بالامير (امير قطر) والرئيس (الاماراتي) وولي العهد. واعتقد ان هناك تفاهما مشتركاً بأن ما جرى في السنوات الاخيرة الماضية اننا نبني اقتصاداً عالمياً حيث يمكنك التجارة حول العالم وحيث توجد تحركات مالية عالمية ومصادر عالمية للمنتجات التي تشتريها ولكن مازال علينا بناء الهندسة التي تجعل هذا الاقتصاد العالمي يعمل. واعتقد بأن الدول التي زرتها يمكن ان تلعب دوراً في تحقيق ذلك.

* هناك الكثير من الاهتمام بمقترح اصلاح النظام المالي العالمي واعطاء دول الخليج مقعداً على طاولة اتخاذ القرارات. هل تعتقد ان هذا امر يمكن تحقيقه في المستقبل القريب وهل تدعمه؟

ـ نعم، عندما سيجتمع القادة في واشنطن (في القمة الاقتصادية يوم 15 الجاري)، العاهل السعودي سيحضر مع وزير ماليته السيد العساف. واعتقد ان هناك اعترافاً متنامياً بأن مؤسسات العالم يجب ان تعكس التغييرات التي طرأت على العالم. وعندما تتحدث عن الاقتصاد العالمي لا يمكنك الجلوس فقط مع ما كان يسمى بمجموعة السبع أو الثماني دول القديمة، لأن هناك دولاً كثيرة الان لديها دور بارز في الاقتصاد العالمي التي يجب ان تجلس على الطاولة عندما تناقش المستقبل.

* هناك قلق في المنطقة من طريقة التعامل الغربي مع صناديق الثروة السيادية، خاصة في الولايات المتحدة وما حدث مع سلطة موانئ دبي. هل تعتقد ان هذه الامور تغيرت؟

ـ نحن في بريطانيا دائماً رحبنا بالاستثمار من صناديق الثروة السيادية وانا تحديداً رحبت باستثمارها في بلدنا والكثير منها فعل ذلك. اعتقد ان نظرة بعض الدول الى صناديق الثروة السيادية تغيرت خلال الوقت واعتقد انهم اكثر استعداداً للاستفادة من الاستثمار الذي يمكن لهم ان يحققوه، ولكن نحن بالتأكيد كنا اول من رحب بهذا الاستثمار ومازلنا هكذا.

* في ما يخص القيادة الدولية خلال الازمة الحالية، هناك الكثير من الخوف من انشغال الولايات المتحدة مع الانتخابات الرئاسية وانتقال الادارة خلال الاشهر المقبلة. اي دور يمكن لك ان تعلبه في هذه القيادة العالمية؟

ـ اعتقد انه من المهم ان جميع القارات تشعر بأنها مشاركة. فاحد الامور المهمة في هذه الزيارة هي تشديدي على ان للدول الخليجية دوراً مهماً يجب ان تلعبه. وتحدثت امس مع الرئيس دميتري ميدفيديف في روسيا وسأواصل الحديث مع اصدقائنا والمشاركين الاخرين في الهندسة الاقتصادية العالمية في كل قارة من هذا العالم. اعتقد ان علينا الاعتراف بدور الصين واسيا وعلينا الوعي دوماً بأن هناك مشاكل في افريقيا يجب ان نساهم في حلها.

ومن فوائد نقاشات الناس خلال الاسابيع المقبلة القليلة هي استقرار النظام المصرفي بشكل افضل وبامكاننا جعل الاقتصاد العالمي ينمو بوتيرة اسرع من نموه الآن ويمكننا التوصل الى اتفاقية تجارية دولية التي امل ان تتحقق لمواجهة السياسات الحمائية التي اذا فرضت ستؤذي العالم، وبالطبع امل ان الولايات المتحدة واوروبا ودولا اخرى تعمل سوياً من اجل التوصل الى اتفاق سلام في الشرق الاوسط.

* لننتقل الى موضوع الارهاب، ما هي سبل التعاون الاضافية التي يمكن ان تطور بين بريطانيا والخليج. وماذا وجدت انه من الممكن ان تتعلمه بريطانيا اثناء زيارتك مركز الاصلاح للذين ارتبطوا سابقاً مع مجموعات ارهابية في السعودية؟

ـ ان نهج المجموعات المتطرفة يجب ان يحارب على كافة الاصعدة وان هناك نقاشاً ثقافياً وسياسياً ودينياً دائراً وان علينا الاعتراف بأنه على المدى البعيد علينا كسب قلوب الناس وعقولهم، علينا ان نكسب دعمهم المتحمس للقيم التي نمثلها. اذا تمكنا ان نجعل التغيير العالمي، العولمة نفسها، اكثر شمولية وقادرة على الاستمرارية اعتقد انه يمكننا ان نسحب من الجماعات المتطرفة اولئك الاشخاص الذين يعتقدون ان الحل الوحيد هو العنف. يجب ان نرفض العنف والتطرف واقناع الشباب بأن هناك فرصاً في هذا المجتمع العالمي التي يمكن ان تفيدهم، ولكن يجب ان نظهر بأننا نخلق مجتمعاً اكثر شمولية.

* وهل جاءت زيارتك الى المركز في السعودية بطلب منك؟

ـ نعم، اعتقد ان التعاون ضد الارهاب امر مهم جداً جداً واعتقد ان هناك تحريفاً لديانات عظيمة ويمكن التصدي لذلك من خلال الحوار والعمل المضاد. لقد التقيت برجال كانوا في معتقل غوانتانامو والان يرفضون الفكر المتطرف ويلعبون دوراً في المجتمع.

* بالنسبة الى العراق، هل تعتقد ستكون هناك اتفاقية امنية بين العراق وبريطانيا قبل نهاية العام؟

ـ نعم اعتقد ذلك، واعتقد انه من الضروري ان نقر بأن تفويض الامم المتحدة ينتهي في نهاية العام واننا نتقدم في هذه القضية.

* لقد اعلنت تغير مهمة القوات البريطانية في العراق العام المقبل، الا ان الجنود انتقلوا الى دور تدريبي ولا يشاركون في عمليات قتالية على اساس يومي. فماذا سيكون التغيير في مهمتهم، الى ماذا تتطلع؟

ـ المهمة التي علينا اتخاذها في البصرة، وانا فخور جداً بالتعاون بين قواتنا البريطانية المهنية جداً والقوات العراقية النامية، هي التدريب. علينا تدريب اعداد كبيرة من القوات وهذا ما نقوم به ـ فهذه مهمة مستمرة. وعلينا الاسهام في التنمية الاقتصادية للبصرة ونحن نقوم بذلك الآن. نحن نعمل مع رجال اعمال قياديين عراقيين ونحاول اعطاء الناس ملكية اكبر في مستقبل البصرة والمناطق المجاورة. وعلينا اكمال الانتخابات المحلية المقبلة في البصرة. يجب ان نتأكد من تنفيذ هذه الامور وتنفيذها بشكل جيد. وهذا ما نتحدث الى رئيس الوزراء نوري المالكي بشأنه.

* عملية سلام الشرق الاوسط موضوع مهم اخر للمنطقة. كان من المأمول ان تكون هناك دولة فلسطينية قبل نهاية العام بعد اجتماع انابوليس ولكن لم يحدث ذلك. ماذا يمكن ان يحقق الآن، خاصة مع انشغال الولايات المتحدة بتغيير الادارة.

ـ انك على صواب كامل، هذه هي القضية المهمة في المنطقة التي يجب حلها. اعتقد ان الناس يفهمون اكثر فأكثر شكل التسوية التي يمكن التوصل إليها، أو بعبارة أخرى الناس تفهم الآن ما هي أسس التوصل إلى اتفاقية سلام بين الأطراف المختلفة. واعتقد بأن علينا خلق البيئة التي تسهل التوصل إلى مثل هذه الاتفاقية. وبالطبع هناك عدم وضوح سياسي في اسرائيل وبالطبع هناك الانتخابات الاميركية والمصاعب المالية للسلطة الفلسطينية. كل هذه الأمور تساهم في صعوبة التوصل الى القرار النهائي ولكن اعتقد ان الأطراف تعرف ما يجب القيام به واعتقد ان هناك تطوراً لدعم ذلك. وانا بالطبع سأقوم بدوري وبريطانيا ستقوم بدورها في تحقيق ذلك.

* كيف ترى الولايات المتحدة مع هذه الانتخابات التاريخية والشخصيات التي ظهرت على الساحة السياسية؟

ـ اعتقد ان الناس دائماً ينظرون الى الولايات المتحدة لدورها القيادي في قضايا مختلفة عدة. واعتقد خلال الاشهر الماضية ابدى الرئيس (جورج) بوش دوراً قيادياً في تنظيم اجتماع 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري. ولكن اعتقد ان مشاركة الولايات المتحدة ستكون ضرورية بشكل اكبر مع مواجهتنا للتحديات، اذا كان استقرار النظام المالي الدولي أو خلق الوظائف والنمو حول العالم او التوصل الى اتفاق تجاري لوقف السياسات الحمائية أو معالجة مشاكل السلام القائمة في مناطق عدة، بما فيها الشرق الاوسط. اعتقد ان الولايات المتحدة وأوروبا سيعملان سوياً بشكل اكبر في معالجة هذه القضايا مع ظهور التحديات. اعتقد ان الولايات المتحدة لديها دور كبير في المستقبل... ونحن نتطلع للعمل مع الرئيس الجديد.