4 رؤساء سابقين للجزائر.. عازفون عن الكلام ومنزوون في إقاماتهم

بوتفليقة درج على جمعهم في مناسبات وطنية.. وزروال دائماً الغائب الوحيد

TT

عندما سئل الرئيس الجزائري الأسبق، علي كافي، عن سبب اختفائه عن المشهد السياسي لأكثر من 14 سنة، قال: «حدثوني عن التاريخ، عن ثورة التحرير، إلا السياسة فقد طلقتها بالثلاث». وكان ذلك في مايو (أيار) الماضي، خلال مشاركته في مؤتمر لـ«جمعية العلماء المسلمين الجزائريين» بصفته مدعوا.

نفس الموقف تقريبا يعبر عنه بقية الرؤساء الذين بقوا أحياء، والذين نادراً ما يلتقون في مكان واحد. ودرج الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة على جمعهم في ذكرى اندلاع ثورة الاستقلال (1 نوفمبر/تشرين الثاني 1954)، وذكرى عيد الاستقلال (5 يوليو/تموز 1962)، لكن الرئيس الأسبق ليامين زروال ظل الوحيد الذي يقاطع مثل هذه المناسبات، لأسباب غير معروفة، إلا أن شخصاً قريباً منه يقول إنه يتحاشى تأويل ظهوره في لقاءات بوتفليقة، كأن يقال عنه إنه يدعم الرئيس.

ويعيش علي كافي وهو أقل الرؤساء بقاء في الحكم (عامين)، في «مربع سيدي فرج»، وهو موقع عسكري يقع في قلب منتجع سياحي بالضاحية الغربية للعاصمة، لا يدخله إلا الضباط الذين يقيمون به، وضيوف كافي القليلون. ويستقبل فيه رئيس «المجلس الأعلى للدولة» سابقا، الذي قاد البلاد سنتين بعد اغتيال الرئيس محمد بوضياف (1992)، أصدقاءه القريبين منه وهم في غالبيتهم ممن شاركوا معه في ثورة التحرير، التي يعد كافي أحد قادتها البارزين. كما يستقبل بين الحين والآخر صحافيين يتسابقون على افتكاك حوار معه، فالرجل صائم عن الكلام منذ مدة طويلة، ونظرته لوضع البلاد مهمة في أعين رجال الإعلام.

وفي آخر لقاء جرى مع صحافي ببيته، رفض كافي، 80 سنة، التعاطي مع الشأن السياسي ونقل عنه قوله: «لقد اعتزلت السياسة وأقضي معظم أوقاتي في استرجاع ذكريات حرب التحرير مع رفاق السلاح»، وهي هواية يفضل كافي ممارستها بمسقط رأسه ببلدة الحروش شرق الجزائر.

أما الشاذلي بن جديد، 79 سنة، فيقضي معظم وقته في إقامته الرئاسية ببوسفر، في وهران غرب البلاد. ويذكر قريبون منه أنه يخرج مرتين في الأسبوع إلى الشاطئ وفي الصباح الباكر، ليمارس الرياضة، وهو حسبهم، سر اللياقة البدنية الجيدة التي يتمتع بها. وعدا ذلك، يفضل الشاذلي، الذي ارتبط اسمه بالتعددية السياسية، قضاء معظم وقته بين أبنائه وأحفاده. وتميز تعاطيه مع الشأن العام منذ استقالته (أو إقالته) من الرئاسة مطلع 1992، ببعض الحوارات مع الصحف، جرى آخرها مع صحيفة «الخبر» الجزائرية نهاية العام الماضي حيث فجر قنبلة بقوله إنه يعتقد أن وفاة الرئيس هواري بومدين شبيهة بوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وألمح إلى أنه ربما قتل مسموماً.

ومن المفارقات أن أكبر الرؤساء سناً، هو أكثرهم نشاطا. فرغم سنه المتقدم، 92 سنة، يطوف أحمد بن بلة (أول رئيس بعد الاستقلال)، أرجاء العالم على رأس «لجنة حكماء أفريقيا». التقت «الشرق الأوسط» بن بلة في فيلته بحي حيدرة بأعالي العاصمة، قبل أشهر لمحاورته حول الوضع الداخلي، فرفض لكنه مع ذلك قال إنه يدعم ترشح بوتفليقة لولاية ثالثة «لأني صراحة لا أرى أفضل منه لقيادة الجزائر». وكان بوتفليقة أحد مهندسي الانقلاب على بن بلة، الذي نفذه هواري بومدين في 1965. وكان بوتفليقة يومها أحد أكثر الرجال وفاء لبومدين.

وعلى عكس بن بلة، يعيش أصغر الرؤساء فيما يشبه عزلة ببيته. ففي مدينة باتنة (400 كلم شرق العاصمة)، يقيم الجنرال المتقاعد والرئيس السابق ليامين زروال مع زوجته وأبنائه. ويتحاشى زروال، 68 سنة، الظهور في وسائل الإعلام منذ تخليه عن السلطة في 1998، ونقل صحافي التقاه وهو يدخل بسيارته إلى إقامته الثانية بمنتجع موريتي بالعاصمة، أنه رفض الرد على سؤال يطلب رأيه في موضوع تعديل الدستور، حيث قال له زروال متحاشيا السؤال: «نسأل الله العافية لهذا الشعب الذي عانى كثيرا». وفهم من كلامه أنه غير راض على الوضع.