الميرغني سيعود إلى منفاه خلال أسبوع.. ومحاولات في الخرطوم لإبقائه

مصدر في «الاتحادي»: وجود زعيم الحزب في العاصمة السودانية ليس له أي دلالات سياسية

محمد عثمان الميرغني (وسط) يحيط به حراسه الشخصيون لدى وصوله من منفاه الاختياري الى مطار الخرطوم مع نعش شقيقه الرئيس السوداني السابق ، احمد الميرغني (أ.ف.ب)
TT

قالت مصادر مطلعة في الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني المعارض، ان زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني، الذي وصل إلى الخرطوم أول من أمس مرافقا لجثمان شقيقه احمد الميرغني، سيعود الى منفاه الاختياري في القاهرة، أو المدينة المنورة، خلال اسبوع من الآن، مؤكدة عدم وجود هدف سياسي وراء زيارته لعاصمة بلاده، التي وصلها بعد نحو 19 عاما في المنفى. فيما اشار مراقبون الى احتمال قيام الخرطوم بمحاولات لإثناء الميرغني عن مغادرة البلاد، باكمال صفقة سياسية معه تنهي معارضته الخارجية.

وقال مسؤول في الاتحادي من المقربين للميرغني لـ«الشرق الاوسط»، ان وصول الميرغني للخرطوم لا هدف سياسيا وراءه. وأضاف «ليس اكثر من انه وصل لتشييع جثمان شقيقه وتلقي العزاء في وفاته، وتعزية الآخرين في الراحل، قبل العودة مرة اخرى الى مقر اقامته، حسب ما كان مقررا».

واكد هشام كحلاوي، مقرر لجنة عودة الميرغني من منفاه، ان زعيم الحزب سيعود الى مقر اقامته بالمدينة المنورة او القاهرة بعد انتهاء مراسم العزاء في وفاة شقيقه احمد الميرغني. ولم يحدد كحلاوي موعد عودة الميرغني، لكنه كشف لـ«الشرق الأوسط» ان الحزب قرر في القاهرة ان تكون الزيارة للخرطوم لمدة الاسبوع كفترة كافية للتشييع وتلقي العزاء. ونفى ان يكون لعودة الميرغني اي بعد سياسي بالنسبة للحزب. ورداً على سؤال حول ما اذا كانت فترة وجوده في الخرطوم فرصة لبحث القضايا العالقة بين الحكومة والحزب الاتحادي الديمقراطي، قال كحلاوي «ليس بيننا اية مباحثات.. اتفاق القاهرة الذي جرى تحت الرعاية المصرية عام 2005 يحتاج الى تنفيذ من قبل الحكومة». ونفى بشدة وجود اية تقارب بين حزبه وحزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وقال «المسافة بيننا هي ذات المسافة بين الوطني (الحاكم) وبين القوى السياسية المعارضة الاخرى». كما نفى ردا على سؤال ان يكون حزبه مشاركا في الحكومة الحالية في كل مستوياتها، قائلا: المشاركة التي تمت جاءت بناءً على وجود الحزب في التجمع الوطني الديمقراطي، وليس عبر اتفاق مباشر بين الحزب والحكومة. واضاف «لا توجد اية خصوصية ولا اتفاقات ثنائية اكثر من اتفاق القاهرة المعروف الذي يحتاج الى تنفيذ». وقدر كحلاوي نسبة تنفيذ اتفاق القاهرة بأقل من 10%. وأضاف ان هذه النسبة غير مشجعة بل هي تشكل ازمة، خاصة ان الاتفاق يحتوي بنودا تتعلق بالتحول الديمقراطي وتهيئة البلاد للانتخابات، ورفع القيود المفروضة على الحريات العامة. وقال ان «للحزب اجندته الوطنية.. وخياراته مفتوحة حسبما يردد رئيسه.. فاذا ما تم تحرك في اتجاه تنفيذ اتفاق القاهرة فمرحباً بذلك». وحول عودة الميرغني النهائية للبلاد، قال كحلاوي: كما حددها بنفسه بمطلع العام الهجري الجديد. وفيما أشار أحد المراقبين السودانيين الى احتمال قيام الخرطوم بمحاولة لإثناء المهدي عن العودة الى المنفى، قال حاتم السر الناطق باسم الحزب الاتحادي في تصريحات صحافية ان «عودة الميرغني مرة اخرى الى منفاه متروكة للميرغني نفسه»، واضاف «هذا حديث سابق لأوانه»، وكشف عن اجتماع سيعقده الميرغني مع قيادات حزبه للتفاكر حول القضايا السياسية والتنظيمية، كما كشف عن محاولات لاجتماع مع هيئة التجمع السوداني المعارض الذي يتزعمه الميرغني. وكانت طائرة خاصة قد حطت ظهر اول من امس في مطار الخرطوم تحمل على متنها جثمان رأس الدولة السوداني السابق احمد الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض، برفقة شقيقه محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب، وهي اول مرة يزور فيها الميرغني، منذ مغادرته البلاد، بعد قليل من اطلاق سراحه من المعتقل السياسي، بعيد انقلاب الانقاذ الوطني الذي أتى بالرئيس البشير الى السلطة عام 1989. وتم أول من امس تشييع جثمان الفقيد أحمد الميرغني، الذي توفيَّ بنوبة قلبية مفاجئة، الاحد الماضي، في مقر اقامته بمدينة الاسكندرية، ودفن في مقبرة بجوار ضريح والده علي الميرغني، احد مؤسسي طائفة «الختمية» وهي من أكبر الطوائف الدينية في السودان، الرافد الديني لحزب الاتحادي. وأناب محمد عثمان الميرغني، ابنه جعفر الصادق، في كلمة القاها باسمه امام الآلاف المشيِّعين، عدد فيها مآثر الفقيد. وقال: إن رحيل أحمد الميرغني ليس فقداً لأسرته وحزبه بل هو فقد للأمة بأكملها.

وأضاف «ها هي الأمة اجتمعت بمؤسساتها وأحزابها وقياداتها الرسمية والشعبية والدينية على قلب رجلٍ واحدٍ». وتوجه جعفر بالشكر للقائمين على أمر البلاد لوقوفهم ومواساتهم، وخص بالشكر الرئيس عمر البشير ونائبيه وقادة الدولة والوزراء والسودانيين في دول المهجر وقادة الدول العربية والإسلامية الذين أبرقوا معزين. وكان نجل الميرغني، جعفر الصادق قد اكتفى في تصريحات للصحافيين في مطار الخرطوم لدى وصول الوفد، بالقول ان والده جاء مرافقا لجثمان شقيقه احمد الميرغني لتشييعه، وتلقي العزاء في وفاته، ويقدم العزاء لأنصار الحزب في وفاة احد قياداته. وشهدت مدينة الخرطوم بحري اكتظاظاً مرورياً غير مسبوق، وبسببه لم يتمكن عدد كبير من الموظفين في مرافق الدولة والعاملين في المحلات المختلفة من الوصول الى منازلهم في الخرطوم بحري. واضطرت مجموعات الى الذهاب الى منازلها راجلة، بعد ان توقفت المركبات العامة العاملة على خطوط المدينة خوفاً من الزحام والتغييرات التي تمت على حركة السير في بعض الشوارع لتمرير موكب جثمان الميرغني من المطار الى الخرطوم بحري. وفرضت إجراءات أمنية مشددة على العاصمة السودانية منذ الصباح الباكر امس، وشوهدت سيارات تحمل الجنودَ المدجَّجينَ بالسلاح في مواقع عديدة من العاصمة، خاصة المواقع الاستراتيجية. وأجريت جنازة رسمية للراحل بمطار الخرطوم، قبل ان تحمل النعش سيارة إسعاف، في موكب جنائزي الى حديقة علي الميرغني، في الخرطوم قبالة شارع النيل.