معارضون مصريون يعترفون بالفشل في مواجهة الحزب الحاكم

وصفوا قيادات المعارضة بحب الظهور الإعلامي وعدم التأثير الشعبي

TT

«أين ذهب كل ذلك الصراخ الذي بدأ يطالب بالتغيير منذ عام 2005.. وأين ذهب كل هؤلاء المعارضين.. كل هذا انهار الآن؛ فالواقع السياسي للإخوان مرتبك ومعاد لحركة كفاية، ويحاور بهدوء الإدارة الأميركية.. قوى اليسار تتفتت وتتناحر، وغالبية قيادات المعارضة الداعية للإصلاح ليس لها تأثير شعبي يذكر وتحرص على الظهور الإعلامي أكثر من أي شيء آخر.. إن المستفيد من كل هذا هو الحزب الحاكم؛ إنه يلمِّع نفسه».

بهذه الطريقة وجّه معارضون مصريون من توجهات إخوانية وليبرالية ويسارية وناصرية، انتقادات شديدة اللهجة لزملائهم من معارضي الحزب الحاكم في البلاد، وقاموا بتوثيقها، قائلين لـ«الشرق الأوسط» إن من يريد، من قوى المعارضة، أن يزعل من انتقاداتهم القاسية فليزعل.. ووصف الإخواني تيسير عمر الواقع السياسي للإخوان المسلمين بأنه «لزج»، وقال: «أصدق وصف لواقع وملابسات دور الإخوان (أنه) واقع لزج ودور رجراج مرتبك يشوبه قدر كبير من السيولة». وكشف عمر عما قال إنه محاولة الإخوان تحجيم حركة كفاية حتى لا تسحب البساط من تحت أقدامها، موضحاً أنه «.. منذ نشأة حركة كفاية (2004) واندلاع تحركاتها، شاب علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين، تحفُّزٌ وتحفظٌ وتوجسٌ واضح (لأن) الإخوان، بحكم ثقافتهم وتجربتهم، وخصوصا خبرتهم السلبية مع الحكم الناصري، لفظوا من أدبياتهم وبرنامجهم السياسي فكرة الصدام السافر مع السلطة أو الدعوة إلى خلعها».

وقال عمر إن الإخوان عقدوا العزم على الاحتفاظ بمسافة كبيرة نسبيا من حركة كفاية وتمترسوا وراء مبررات أخلاقية وسياسية، منها أن «حركة كفاية تُشخِّصُ الخلافَ مع النظام في الرئيس المصري حسني مبارك ونجله جمال، من خلال دعوتها لرفض التجديد لمبارك في حكم مصر، ورفض توريث جمال كرسي الرئاسة». وأضاف أن من مبررات الإخوان للابتعاد عن كفاية أيضا أن «متظاهري حركة كفاية يستخدمون ألفاظا نابية وهتافات سوقية في التعبير عن مطالبهم وهو ما لا تقبله المرجعية الأخلاقية الإسلامية للإخوان».

وأشار تيسير إلى أن الإخوان أقروا خطة عمل في ثلاثة اتجاهات، للتعبير عن أنفسهم وسط تنامي الحركات المطالبة بالإصلاح في الفترة من 2005 إلى 2007، مشيرا إلى أن خطة الإخوان والتي «تيبَّست» كانت هي النزول في مظاهرات حاشدة بمفردهم، والاحتفاظ بحاجز بينهم وبين مظاهرات حركة كفاية وغيرها، وتكثيف ظهور رموز الجماعة في الفعاليات والمحافل السياسية والفكرية والثقافية، إضافة إلى «دخول الإخوان بهدوء وحساب دقيق في حوارات مع أطراف خارجية على رأسها الإدارة الأميركية».

وتساءل الناشط اليساري محمد الأقطش، وهو كاتب قصصي وشاعر ويعمل بهيئة قناة السويس (شرق القاهرة): «لماذا لم يصل المصريون إلى ما يريدون من إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي».. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أرى أن السبب الأساسي وراء عدم وصول اليسار للشارع هو تفتت قواه وتناحرها وغياب التنسيق (..)». فيما قالت الناشطة الناصرية بدر العبيدي، وهي باحثة من بورسعيد: «حتى الآن ما زال خطاب قيادات اليسار نخبوياً لا يتصل بالشارع.. أستطيع أن أقول إن المصريين يساريون بالفطرة لكن لا توجد كتلة يسارية قادرة على استثمار هذه الأجواء لتحقيق مكاسب سياسية وحشد جماهير تحت رايتها».

وقالت أيضاً: «لا يوجد تأهيل أو تثقيف لكوادر الشباب المنخرطين في الأحزاب اليسارية، ومن النادر أن تجد قيادة شابة.. القيادات الحالية هي نفسها التي شاركت في انتفاضة الخبز سنة 1977».

وحصلت «الشرق الأوسط» أمس على نسخة من كتاب سيبدأ توزيعه بالقاهرة والمحافظات خلال أيام يتضمن شهادات لعمر والأقطش والعبيدي، إضافة إلى داليا زيادة، وهي ليبرالية ومنسقة مشروع تقديم شهادات الناشطين المعارضين في كتاب، والتي قالت إن «القائمين على كل تلك التحركات الإصلاحية بنوها على غير أساس علمي.. مصريون كثيرون فرحوا بصراخ المعارضة خاصة منذ عام 2005، لكن أحدا من المعارضين لم يفكر في حلول». وأضافت زيادة: «هناك حرص من جانب قيادات لحركات تدعو للإصلاح على الظهور الإعلامي، أكثر من أي شيء آخر.. لم يكن لأي منهم تأثير شعبي.. في رأيي أنه لم تحدث أي مظاهرة جادة إلا في المحلة (مدينة عمالية شمال القاهرة)». وعما إذا كانت تتوقع غضب المعارضة مما قامت به وزملاؤها، قالت زيادة: «هم أحرار.. اللي عايز يزعل يزعل.. الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية». وعن عدم وجود وجهة نظر لأي من المنتمين للحزب الحاكم، قالت زيادة: «الشهادات منطلقة من موقف الشباب المعارض المشارك في حركة الإصلاح على اختلاف توجهاتهم، والموضوع ليس له علاقة مبـاشرة بالحزب الحاكم».