رايس تعترف بفشل جهود التوصل لاتفاق سلام إسرائيلي ـ فلسطيني

حماس والجهاد: وزيرة الخارجية الأميركية جاءت لتخريب جهود المصالحة

TT

في أول مرة منذ انطلاق المسيرة الأخيرة لمفاوضات السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية، اعترفت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، أمس، بأن خطة التوصل إلى اتفاق سلام دائم حتى نهاية هذه السنة، التي وضعتها واشنطن في مؤتمر أنابوليس السنة الماضية، قد فشلت. وان هذه المهمة ستترك للقادة الذين سيحكمون في كل من رام الله والقدس وواشنطن في السنة المقبلة.

وجاء هذا الاعتراف بعد أن التقت رايس القادة الإسرائيليين الأساسيين في الحكم والمعارضة، حيث لم تجد إمكانية واقعية في التقدم في المفاوضات أكثر خلال الأسابيع السبعة المتبقية من السنة. وعزت هذا الفشل إلى الأوضاع الفلسطينية الداخلية من جهة والى البلبلة السياسية في إسرائيل على أثر استقالة رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، وفشل نائبته تسيبي لفني في تشكيل حكومة، وكذلك بسبب غرق الإدارة الأميركية في الانتخابات العامة. ولكنها وعدت بأن تواصل الجهود لدى الطرفين كي لا يكون هناك جمود في المسيرة. وقالت رايس إن رؤية الرئيس جورج بوش للسلام في الشرق الأوسط، التي اعتمدت بالأساس على مبدأ «دولتين للشعبين» وتمثلت في «خريطة الطريق»، لم تكن فكرة بنت ساعتها ولا مجرد اقتراح نابع عن الحماس، انما هو مسيرة متواصلة ينبغي أن تستمر من دون توقف. وبناء عليه فإنها شخصيا ستواصل العمل من أجل إنجاحها، حتى آخر يوم لها في الإدارة الأميركية.. «وحتى بعد ذلك»، حسب قولها. وأضافت انها ستوصي الإدارة القادمة في البيت الأبيض تحت قيادة الرئيس الجديد، براك أوباما، بأن تستمر الولايات المتحدة في أداء دور فاعل ومميز حتى لحظة تحقيق السلام الإسرائيلي ـ الفلسطيني.

وبالمقابل أكد لها أولمرت من جهة والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، الذي التقته في رام الله من جهة ثانية، على انهما اتفقا على مواصلة المحادثات بينهما بغض النظر عن الأوضاع السياسية في إسرائيل (الانتخابات) والسلطة الفلسطينية (التمزق ما بين قطاع غزة والضفة الغربية). وكانت رايس قد التقت خلال زيارتها لإسرائيل كلا من أولمرت ولفني ووزير الدفاع ايهود باراك ورئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو. وخلال اللقاء مع لفني حسمت موقفها بشأن لقاء وزراء خارجية الرباعية الدولية في شرم الشيخ، غدا، فتنازلت عن فكرة اصدار ورقة تفاهمات إسرائيلية ـ فلسطينية. وقالت ان الاتجاه هو الاكتفاء بإصدار بيان عام تعلن فيه الرباعية انها تدعم جهود السلام من الطرفين. ولفت النظر بشكل خاص اللقاء بين رايس ونتنياهو، الذي ما زال يعتبر أقوى المرشحين للفوز برئاسة الحكومة الإسرائيلية بين المرشحين الحاليين. فقد بدا ان وزيرة الخارجية الأميركية تريد الاطمئنان إلى توجهه نحو مفاوضات السلام، فقال لها صراحة ان توجهه سيكون مختلفا عن توجه رئيس الحكومة الحالي ووزير خارجيته وانه لا يعتقد بأن الظروف الفلسطينية تتيح الاتفاق على سلام. ولكنه طرح ما يسميه «مشروع السلام الاقتصادي»، كبديل للمقترحات الأميركية الحالية. والسلام الاقتصادي، كما طرحه نتنياهو، هو ادارة اتصالات مع السلطة الفلسطينية في مسلكين، الأول مفاوضات سلام على وتيرة هادئة جدا ترتفع بشكل اطرادي وفقا للأوضاع الداخلية الفلسطينية، حيث ان «اسرائيل تحت قيادة الليكود لن تتهاون أبدا مع حماس ولن تسمح باستمرار الوضع الحالي الذي يؤدي الى تقويتها والى تعاظم قدراتها العسكرية هي وغيرها من التنظيمات الارهابية». وأما المسلك الثاني، حسب نتنياهو فهو في المجال الاقتصادي، وهو الذي ينبغي التركيز عليه أكثر. وقال ان ما يقصده في هذا المجال هو تطوير الاقتصاد الفلسطيني بمساعدة إسرائيلية يمكن ان تصبح شراكة، إذا أراد الفلسطينيون. وفي رام الله، بدت رايس خلال مؤتمر صحافي عقدته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر المقاطعة، متفائلة، تجاه تحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلية. على اعتبار «أن المفاوضات الجارية أظهرت أن الفجوات قد تضيقت». وهو ما أكده عباس «أنه لم يتم تضييع الوقت خلال العام الأخير بل تم وضع أسس مهمة قد يتم الانطلاق منها فيما بعد مع الإدارتين الجديدتين في الولايات المتحدة وإسرائيل». وقال عباس إنه ماضٍ في المفاوضات مع الإسرائيليين كالمعتاد. وأضاف «سنستمر في لقاءاتنا مع الحكومة الإسرائيلية ومع أولمرت وسنستمر في الحديث عن القضايا جميعها». وجدد عباس التزامه بسلام شامل مع الإسرائيليين. وتمنى الرئيس، من الإدارة الأمريكية الجديدة بدء التعامل فورا مع قضية الشرق الأوسط . ومن جهتها وصفت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، زيارة رايس للمنطقة بزيارة الضعفاء، مؤكدة أن هذه الزيارة تأتي لتعكير الأجواء على الحوار الفلسطيني المزمع عقده في القاهرة. كما اعتبرت حماس أن زيارة رايس للمنطقة، واجتماع اللجنة الرباعية في هذا التوقيت، يأتيان في إطار تخريب الحوار الوطني، وقطع الطريق على جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية.

وأكد الدكتور صلاح البردويل الناطق باسم كتلة حماس البرلمانية، أن زيارة رايس «تأتي لتقوية موقف عباس الرافض للحوار، ولتعطيه مؤشرات بأن هناك المزيد من جولات التفاوض العبثية». ومن المفترض ان تحضر رايس لقاء للجنة الرباعية في القاهرة بعد غد الأحد. وقالت الوزيرة الأميركية ان الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سيقدمان ملخصا لمباحثات السلام ومواقفهما خلال اجتماع الرباعية.