الرئيس المنتخب يدافع عن اختيار إيمانويل رئيساً لموظفي البيت الأبيض.. والجمهوريون ينتقدون

رئيس الموظفين هو أقرب العاملين للرئيس ودوره محوري رغم بعده عن الأضواء

اوباما والى يمينه نائبه جو بايدن مجتمعان بالفريق الاقتصادي تحضيرا للمؤتمر الصحافي (أ. ف. ب)
TT

خصص الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما أمس، اول اجتماعاته غير الرسمية لبحث الوضع الاقتصادي في البلاد، وحضر الاجتماع الذي عقد في شيكاغو حيث يقيم الآن اوباما خبراء اقتصاديون ورجال أعمال واكاديميون، كما حضره الى جانب اوباما رام ايمانويل الذي كان اول شخص يرشحه الرئيس المنتخب لواحد من أهم المناصب داخل إدارته، وهو منصب كبير موظفي البيت الابيض. وقال لورانس سمرز وزير الخزانة في عهد الرئيس بيل كلينتون وأحد مستشاري اوباما «ظل الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية يتحدث عن ما هو مطلوب، لذلك علينا ان نضع الطبقة الوسطى في قلب سياساتنا».

الى ذلك، توالت ردود الفعل المتباينة بشأن اختيار اوباما رام ايمانويل وهو شخصية مثيرة للجدل لمنصب رفيع داخل إدارته. وانتقد الجمهوريون اختيار ايمانويل عندما تسرب خبر احتمال تعيينه في المنصب في خضم الحملة الانتخابية، وواصلوا انتقاداتهم بعد ان تأكد اختياره للمهمة وقالت ليندسي غراهام عضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية جنوب كارولاينا: «لن يكون سوى حزبي متشدد».

لكن اوباما دافع امس عن ايمانويل وقال للمراسلين: «لا أحد اعرفه يمكن ان ينجز ما هو مطلوب أكثر من رام ايمانويل». ومن جهته حاول ايمانويل تهدئة مخاوف الجمهوريين، وقال امس: «نحن في الغالب لا نتفق (مع الجمهوريين) لكنني احترم دوافعهم، هذا وقت للتوحد... انا سأقوم بكل ما في وسعي من أجل رتق سياساتنا وتوحيد رؤية الحزبين حول القضايا المشتركة». ونوه الديمقراطيون باختيار ايمانويل، وقال السيناتور الديمقراطي تشارلز سشمر: «إنه الاختيار الصائب، انه يعرف الكونغرس وهو يعرف جوهر الامور ويعرف السياسة، والاهم ان بامكانه القيام بالمهمة».

وخصصت صحيفة «واشنطن بوست» امس تقريراً مطولاً عن أساليب رام ايمانويل، وقالت إنه سيكون بمثابة «العنصر الساخن لرئيسه البارد» في اشارة الى هدوء أعصاب اوباما. واشارت الصحيفة الى ان ايمانويل لعب دوراً اساسياً في تعديل خطة الانقاذ التي اقترحتها إدارة الرئيس الحالي جورج بوش لضخ مبلغ 700 مليار دولار في الاسواق من أجل تجاوز الأزمة المالية، وقالت إن ايمانويل تدخل في محادثة بين رئيس الاغلبية في مجلس نانسي بيلوسي ورئيس قسم الموظفين في البيت الابيض جوشوا بلتون، وراح يصرخ فيه عبر مكبر الصوت في الهاتف لاقناعه بضرورة تمرير الخطة. ويقول بول بيغالا صديق ايمانويل وأحد الذين عملوا في إدارة بيل كلينتون: «اول مرة سمعت باسم باراك اوباما كان ذلك من ايمانويل، وعندما كان اوباما يفكر في الترشح للكونغرس ضد بوبي رش قال لي ايمانويل، هذا الرجل هو مستقبل الحزب الديمقراطي». وقال اوباما في حوار مع الصحيفة قبل سنتين عن ايمانويل «إنه سياسي يتحدث بسرعة، ولدينا عدد قليل من هذا النوع من السياسيين في شيكاغو».

وقيل ان ايمانويل تردد طويلاً قبل ان يقبل اقتراح توليه منصب رئيس موظفي البيت الابيض، إذ كان يفكر في تربية ابنائه (9 و10 و11 سنة) في شيكاغو، ويتطلع الى منصب رئيس الاغلبية في مجلس النواب. ويقول اخيه ازيكيل ايمانويل، ان رام وافق على العرض بناء على نصيحة استمعوا اليها من جدهم حيث قال: «عندما يطلب منكم تحمل مسؤولية كبيرة ربما لا ترغب فيها، ولكن عليك ان تترك كل شيء وتقوم بها». ولدى رام ايمانويل شقيقين آخرين، وكانت والدتهما تصطحب الاطفال الثلاثة خلال سنوات الستينات الى المظاهرات والتجمعات التي تطالب بالحقوق المدنية.

وسيعتمد باراك اوباما بالدرجة الاولى على ايمانويل في العلاقة مع الكونغرس واوساط المال في نيويورك، وذلك على الرغم من تضخم الذات الذي يتصف به وجلبت له خلافات مع أعضاء آخرين في الكونغرس. وكان ايمانويل وهو مهندس حصول الديمقراطيين عام 2006 على الاغلبية بعد 12 سنة من بقائهم أقلية، بيد ان هذا الانجاز كان ثمنه خلافات مريرة مع هوارد دين رئيس اللجنة الوطنية للحزب، وعدة شخصيات اخرى. ومعظم هؤلاء اعضاء الآن في مجموعة ديمقراطية محافظة داخل الحزب الديمقراطي لها رؤية متشددة في المجال الاقتصادي، ويحتاج اليهم اوباما بشدة لتمرير خططه الاقتصادية.

ويمتلك ايمانويل علاقات وثيقة في «وول ستريت» في نيويورك، بل يعتبر من المحبوبين داخل شارع المال والاعمال وهو كان عمل في الماضي في هذا القطاع لفترة قصيرة. وكان خلال عمله السابق في البيت الابيض ربط علاقات قوية مع «وول ستريت»، ونقطة ضعف ايمانويل التي يعرفها اوباما انه يعد واحداً من 25 من اعضاء الكونغرس الذين تلقوا تبرعات ضخمة من مؤسستي الرهون العقارية «فاني ما» و«فردريك ماك»، كما ان براعته في «وول ستريت» تحولت الى سيولة مالية خلال حملته الانتخابية، حيث حصل على اموال طائلة من قطاع التمويلات المالية أكثر من أي مصدر آخر. وستكون مهمة أيمانويل اساسية في البيت الابيض الى جانب اوباما، ويقول كنيث دبرستين الذي عمل كرئيس موظفي البيت الابيض في عهد الرئيس السابق رونالد ريغان إن «من يشغل المنصب عليه ان يبلغ الرئيس ما هي الامور التي يجب عليه ان يعرفها، وليس ما يريد ان يعرفه، وبسبب علاقته وصداقته مع الرئيس المنتخب فإن ايمانويل يمكنه ابلاغه ليس فقط بالاخبار الطيبة بل ايضاً بالاخبار الصعبة». ويضيف: «إن (شاغل المنصب) لديه القدرة على المداواة داخل البيت الابيض».

وفي السياق نفسه يقول ماك ماكلارتي اول رئيس لموظفي البيت الابيض في عهد بيل كلينتون: «انطباعي ان لديهما (ايمانويل واوباما) علاقة واقعية وهذا ما يمنحهما قدراً مهماً من الثقة، واظن ان طاقته وشخصيته البارزة ستساعده كثيراً». ويعتقد ماكلارتي إن ايمانويل سيتستفيد من خبرته السابقة في البيت الابيض. ويعتبر منصب موظفي البيت الابيض بمثابة رئيس الحكومة الذي ينسق ويضبط علاقات رئيس البيت الابيض مع حكومته والكونغرس واوساط الاعمال. والمنصب ليس في الواجهة الاعلامية غير انه بالغ الاهمية، وتتفاوت امتيازات رئيس موظفي البيت الابيض بحسب ما ينوطه به الرئيس من صلاحيات وما يتمتع به الشخص المعين نفسه من مواصفات. غير ان احد اعضاء الادارة الحالية اشار الى ان هجمات 11 سبتمبر (أيلول) هي المثال الاكبر على السلطة الفريدة المنوطة بهذا المنصب للوصول الى الرئيس. وقال المسؤول طالبا عدم كشف اسمه «انه يتمتع في هذه الادارة بما يدعى امتياز الوصول» الى الرئيس موضحا «هذا يعني انه كلما احتاج الى مقابلة الرئيس، يمكنه الاتصال بمكتب امانته وترتيب موعد لم يكن على جدول الاعمال». واضاف ان عدد الذين يتمتعون بمثل هذا الامتياز «لا يتعدى عشرة اشخاص وربما اقل». وتعاقبت شخصيات متعددة الافاق والمواصفات في هذا المنصب بينها وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس الحالي ديك تشيني ويتراوح دور رئيس الموظفين بين تقديم المشورة للرئيس والحرص على غذائه وصحته. وقال كارلتون كارول المتحدث باسم الادارة الحالية ان «رئيس الموظفين يلعب دورا بالغ الاهمية في ما يتعلق بالاشراف على فريق البيت الابيض وعلى الادارة والسهر على حصول (الرئيس) على المعلومات والنصائح التي يحتاج اليها لاتخاذ القرارات الواجبة». ورئيس الموظفين الحاليين يتحكم بجدول اعمال الرئيس ويقرر من يقابل الرئيس ويشرف على اعلام البيت الابيض، كما يلعب دورا في تحديد السياسات الواجب اتباعها وقد عين له لهذا الغرض مساعد مكلف تحديدا وضع هذه السياسات. وصلاحيات رئيس الموظفين تمضي ابعد من ذلك وقد لمح عضو في الادارة طلب عدم كشف اسمه الى انه يرتب جدول اعمال الرئيس جورج بوش بحيث يتيح له وقتا لممارسة هوايته وهي ركوب الدراجة الهوائية.  ويبقى ان هذا المنصب هو الذي يتطلب اكبر قدر من الطاقة والوقت بين جميع مناصب الادارة الاميركية. وقال عضو الادارة انه في الفترة الانتقالية كالفترة الحالية يلعب رئيس الموظفين «دورا اساسيا في اختيار المعاونين وتنظيم البيت الابيض وتشكيل الادارة».