الديمقراطيون يبدأون صياغة تفاصيل الخطة الاقتصادية وسط توقعات باستمرار ارتفاع معدل البطالة

أوباما لن يشارك بالقمة الاقتصادية العالمية في واشنطن الأسبوع المقبل

TT

بعد سيطرتهم على مقاليد السلطة في البيت الابيض والكونغرس، بدأ الحزب الديمقراطي بالتحرك بسرعة لوضع خطة اقتصادية قد تتضمن ما يزيد على 100 مليار دولار، في إطار جهود التشجيع الفوري على الإنفاق، والتخفيضات الضريبية الجديدة للطبقة المتوسطة في بداية العام المقبل. وفي شيكاغو، كان الرئيس المنتخب باراك أوباما يضع خططا من أجل المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، بالتنسيق مع فريقه الاقتصادي. وفي واشنطن، عقد كل من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد مشاورات منفصلة مع كبار رؤساء شركات السيارات في ديترويت في ولاية ميشيغان، والذين كانوا استغاثوا طلبا لمزيد من المساعدة الحكومية من أجل إنقاذ قطاع صناعة السيارات في الولاية من الانهيار.

وجاءت هذه الاجتماعات على خلفية النزيف الاقتصادي المستمر، في الداخل والخارج. ففي وول ستريت، شهدت الأوراق المالية هبوطا آخر مفاجئا، لثاني يوم على التوالي، ما كبدها فيه خسائر فادحة. وبعد أن خسر مؤشر داو جونز الصناعي حوالي 500 نقطة يوم الأربعاء الماضي، هبط بنسبة 4,9 في المائة، أي حوالي 443,48 نقطة اول من أمس، ليتكبد أكبر نسبة انخفاض على مدار يومين منذ أكثر من 20 عاما.

وقد ازداد قلق المستثمرين من الضعف المستمر في قطاع السيارات، بعد صدور التقرير الحكومي أمس حول معدل البطالة والذي أظهر ان 240 الف شخص فقدوا وظائفهم خلال شهر أكتوبر (تشرين الاول) وان نسبة البطالة ارتفعت الى معدل 5،6 في المائة، وهي الاعلى منذ مارس (آذار) 1994. وكان المحللون يتوقعون خسارة 200 الف وظيفة وارتفاع معدل البطالة الى 3،6%.

وتوقع المحللون أن ترتفع نسبة البطالة اكثر خلال العام الاول من حكم اوباما بغض النظر عن الخطوات التي سيتخذها.

ومن المقرر أن يجتمع أوباما يوم الاثنين المقبل مع الرئيس بوش في البيت الأبيض، وهو الاجتماع المزمع عقده لإظهار رغبتهما في تأمين فترة انتقالية سلسة. وصرح مسؤول رفيع المستوى أن أوباما لن يحضر القمة الاقتصادية العالمية التي من المقرر عقدها في واشنطن في نهاية الأسبوع المقبل، في إشارة إلى أن الرئيس المنتهية فترة ولايته وخلفه مازالا يتفاوضان حول حدود العلاقة الحساسة بينهما طوال الشهرين المقبلين. وحتى الوقت الحالي، لم يعط بوش إشارة الى أنه يخطط لأن يسمح لنتائج الانتخابات بتغيير مساره في الأشهر الأخيرة من فترته الرئاسية. وصرحت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، للصحافيين أول من أمس بالقول ان «الرئيس لا يغير مبادئه أو سياساته». وأضافت بيرينو: إن هذا الموقف يمتد ليشمل مقترحات تحفيز الإنفاق التي تتضمن شروطا يعارضها البيت الأبيض، مثل الإنفاق من جديد على مشروعات الأشغال العامة. وعلى الرغم من أن البيت الأبيض يُبقي الباب مفتوحا أمام خطة لتحفيز الإنفاق، إلا أن عليه التباحث مع الديمقراطيين. وصرحت بيرينو بأنه: «لطالما قلنا إن الخطة التي اقترحوها حتى الآن ليست الخطة التي نعتقد أن في إمكاننا مساندتها». وأضافت أيضا ان فريق عمل بوش في البيت الابيض يتعاون مع فريق اوباما ويساعده بالملفات التي يحتاجها، مشيرة الى انه قد حدد مكان لفريق الرئيس المنتخب في البيت الابيض، لكي يعمل أعضاؤه فيه. ويعمل الديمقراطيون على خطة إنفاق يبلغ حجمها 100 مليار دولار، من الممكن النظر فيها في الشهر الحالي إذا أوقفت إدارة بوش معارضتها ووافقت على إجراء يوقعه الرئيس. ومن المرجح أن تتضمن تلك الخطة تخصيص أموال من أجل مشروعات الأشغال العامة من أجل إيجاد فرص عمل، وتمديد إعانات البطالة لمدة 13 أسبوع، وأموال إضافية من أجل الإعانات الغذائية ومساعدة حكومات الولايات المتعثرة ماليا والتي تحاول تغطية ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية للفقراء.

وتأمل شركات السيارات في أن تحتوي الخطة على منحها مجموعة أخرى من القروض بسعر فائدة مخفض من أجل إعادة تزويد المصانع بالمعدات لأجل إنتاج سيارات موفرة للوقود. وقد أقر الكونغرس بالفعل خطة لإقراض تلك الشركات 25 مليار دولار. ويدرس المشرعون أيضا الائتمانات الضريبية على مشتريات السيارات التي تهدف إلى زيادة الطلب في أسوأ هبوط تشهده مبيعات السيارات منذ حوالي ربع قرن. وصرح الديمقراطيون أول من أمس أنه من الممكن أن يصل حجم خطة تحفيز أخرى من المقرر وضعها بعد تولي أوباما مهام منصبه في يناير (كانون الثاني)، إلى ما يزيد على 100 مليار دولار، وأن تحتوي على تخفيض ضريبي دائم للأسر متوسطة ومحدودة الدخل. بيد أن تفاصيل الخطة لم يتم تحديدها بعد، ولكن قال مساعدون ديمقراطيون إن التخفيض الضريبي من المخطط له أن يظهر على الفور في رواتب العاملين.

ويقول بعض المشرعين البارزين إن الديمقراطيين يجب أن يتجاوزوا التخفيض الضريبي السريع لتشجيع النشاط الاستهلاكي، وأن تنفذ سريعا جميع مقترحات أوباما من أجل تخفيف العبء الضريبي على الطبقة المتوسطة. وذلك يتضمن مجموعة من الائتمانات الضريبية الموجهة للأسر العاملة، وكبار السن، وطلاب الجامعات، بالإضافة إلى تشريع يمد من التخفيضات الضريبية التي قررها بوش إلى ما بعد موعد انتهائها في 2010 لصالح الأسر التي تحصل على دخل سنوي يقل عن 250 ألف دولار.

وقال عضو مجلس النواب الديمقراطي عن ولاية ماريلاند كريس فان هولين، وهو عضو مؤثر في قيادة المجلس وقد قاد جهود الحزب من أجل زيادة الأغلبية الديمقراطية: «سوف يتم تمرير أجزاء كبيرة من مقترحاته لتخفيف الضرائب، إن لم يكن جميعها، كجزء من خطة التعافي الاقتصادي وذلك بعد اجتماع الكونغرس الجديد في يناير (كانون الثاني) بوقت قصير». وأضاف: «كان ذلك جزءا كبيرا من الحملة، وقد جذب اهتماما كبيرا. والتصرف الآن هو أفضل قرار يجب اتخاذه من وجهة النظر العملية والسياسية». وعلى الرغم من ذلك، قد يواجه هذا الاتجاه مشاكل بين المحافظين الماليين في الحزب الديمقراطي، الذين يريدون أن يغطي الكونغرس تكاليف أية برامج دائمة، سواء كان الإنفاق على الرعاية الصحية أو تخفيض الضرائب على الطبقة المتوسطة، من خلال زيادة الضرائب على آخرين أو تخفيض الإنفاق. وكذلك برنامج أوباما الضريبي ليس زهيدا، ويقدر مركز السياسات الضريبية غير الحزبي أن تلك الخطة ستضيف حوالي 3 ترليون دولار إلى العجز في الموازنة على مدار العقد المقبل.

وعلى الرغم من أن تمديد تخفيضات بوش الضريبية سيجذب أصوات الجمهوريين، إلا أن الديمقراطيين يريدون إلغاء التخفيضات على الأسر التي يزيد دخلها السنوي على 250 ألف دولار، وهو الإجراء الذي يعارضه الجمهوريون، ويقول أحد الاقتصاديين إنه قرار غير حكيم إذا تم اتخاذه في فترة ركود. وقال فان هولين إن زيادة الضرائب المفروضة على الأسر الثرية من الممكن ان يتم تأجيله لعام أو أكثر، ولكن يقول بعض المحللين في مجال الضرائب إنها ستكون مفاجأة إذا شجع أوباما المشرعين على الانغماس مباشرة في ذلك الجزء من برنامجه.

وصرح الديمقراطيون أنهم لا يخططون لإدراج التخفيضات الضريبية في خطة التحفيز التي من الممكن أن يتم تناولها في الشهر الحالي، على الرغم من ان مجموعات الشركات تضع قائمة طويلة من الأمنيات. وفي الاجتماعات التي عقدت يوم أول من أمس مع بيلوسي وريد ومشرعين آخرين، انضم إلى رؤساء شركات السيارات رئيس اتحاد عمال مصانع السيارات رون غيتلفينغر. وكان المقصود من وجوده التذكرة بأن الأوقات الصعبة التي تواجهها شركات السيارات من الممكن أن تهدد مصادر رزق آلاف من عمال الاتحاد الذين كان لهم دور مؤثر في مساعدة الديمقراطيين على العودة إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء. وقد أصدرت شركة جنرال موتورز بيانا ذكرت فيه أن شركات السيارات عقدت «مباحثات صريحة وبناءة» مع بيلوسي.

ولكن لم يقدم أي من ريد أو بيلوسي أية وعود، وقد أصدر ريد تصريحا يدعو فيه إدارة بوش إلى «ممارسة السلطة الحالية لتقديم مساعدة إضافية لتلك الشركات».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الاوسط»