وول ستريت يسوده التفاؤل الحذر من إدارة أوباما.. والمفتاح وزير الخزانة

الحديث عن قواعد تنظيمية قبل عام كان من المحرمات واليوم أصبح مرحبا به

TT

ليس من البساطة تجاوز القلق والترقب بعد انتخاب باراك أوباما التاريخي رئيسا للولايات المتحدة في سوق رأس المال، وول ستريت. فالسوق المالية لازالت تعاني من التقلبات وليس هناك أي مؤشر على استقرار السوق. وأشد ما يخشاه العاملون في وول ستريت هو الركود الاقتصادي والجميع ينتظر وزير الخزانة الذي سيختاره الرئيس المنتحب باراك أوباما. وشهدت أسواق الأسهم انخفاضا حيث بلغ انخفاض الداون جونز يوم أول من أمس 500 نقطة. وفي الوقت ذاته تلقى العاملون الأنباء الواردة من واشنطن عن نية الديمقراطيين بعد فوزهم في مجلسي النواب والشيوخ، بتمرير رزمة من الحوافز الاقتصادية سيقدمها الديمقراطيون لتنشيط الاقتصاد وقد تبلغ 150 مليار دولار. وتهدف الخطة إلى مساعدة سوق السيارات الأميركية وإلى مكافأة القواعد التنظيمية للشركات المالية في الولايات المتحدة. ويؤكد سام رو من سوق المال لـ«الشرق الاوسط» أن هناك ما يشبه التأييد للديمقراطيين في وول ستريت. ويقول ان استطلاعات الرأي التي جرت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بينت دعما كبيرا لمرشح الحزب الديمقراطي. ويضيف: «الآن يدرك الجميع أن نسبة 66% من الناخبين صوتوا لأوباما لأسباب اقتصادية.. فالاقتصاد هو من التحديات الكبيرة للغاية لاختبار الرئيس الجديد المنتخب». ويعرب فيل داون مدير استراتيجية السيولة عن بعض التفاؤل ويقول: «ان الشعب قد اختار أوباما وهو أمر جميل لأن نتيجة الانتخابات حسمها الشعب وليست المحكمة العليا». ويضيف «ان المستثمرين يركزون بالدرجة الأولى على الطريقة التي ستعالج بها الإدارة المنتخبة أزمة القروض والعقارات»، ويستنتج «أنه من المبكر الحديث عن أزمة أسوأ من الأزمة الراهنة». ويؤكد أيضا أن مسألة الضرائب وارتفاعها أو انخفاظها ليست بالقضية المطروحة الآن. ويعتقد الخبراء الماليون أنه بغض النظر من هو الرئيس، فالضرائب في طريقها إلى الارتفاع وبنسب معقولة. ويقول ليري براون، من شركة جيس مورغان: «إن الديمقراطيين من خلال وضع قواعد تنظيمية للشركات المالية سيتمكنون من استعادة عافية السوق المالية والطاقة والضرائب».

وبعد اليوم الذي تلا يوم الانتخابات، عادت الحياة بشكل طبيعي الى وول ستريت، والحديث عن القواعد التنظيمية للشركات المالية لم يعد حديثا مفزعا في شارع تمتع لعقود بالحرية ومن عدم وجود القواعد التنظيمية. وحتى صحيفة وول ستريت جورنال كتبت في افتتاحيتها يوم أول من أمس: «أنه أمر ممكن وضع رقابة داخلية على القواعد التنظيمة في السنوات الأربع».

ويتطلع رجال الأعمال والشركات المالية إلى دور أكبر للحكومة من أجل استعادة عافية الاقتصاد وتجاوز الأزمة وتخفيف التضخم على أمل اجتياح الركود الاقتصادي خلال السنة المقبلة. وتقول وول ستريت جورنال أيضا: «على أوباما أن لا يخيب تطلعات الملايين من الناخبين من بينهم الأقليات». ويؤكد ليري براون «ان الحديث عن وضع قواعد تنظيمية قبل عام كان من المحرمات في وول ستريت، أما الآن فهو أمر مرحب به».

والمسألة التي تستحق التسجيل هو انتظار الجميع لوزير الحزانة الذي سيختاره أوباما، ويرى البعض «أن من سيختاره أوباما سيكون في غاية الأهمية الذي سيشرف على كيفية انفاق وتنفيذ خطة الانقاذ التي صادق عليها الكونغرس بضخ 700 مليار دولار لإنقاذ المؤسسات المالية والبنوك التي أوشكت على الإفلاس». ويقول جيمس شلتون أحد الخبراء في السوق المالية إن «المفتاح بالنسبة للأسواق هو من سيكون وزيرا للخزانة».

ويتردد أكثر من اسم لهذا المنصب لكن هناك من يفضل رئيس البنك الاحتياطي لولاية نيويورك تيم بنيث. ويقول شولتون «ان الجميع يعتقد أنه أفضل من يستطيع التعامل مع الأزمة المالية في وول ستريت».

ويسود الانطباع الآن في وول ستريت بالرغم من المخاوف والقلق، أن عجلة الاقتصاد تسير بشكل بطيء وهادئ رغم التقلبات في الأسواق المالية. ويقول لاري براون «إن السوق لازال يعاني من التقلبات المفاجئة والجميع ينتظر من الإدارة الحالية رد الاعتبار إلى السوق». ويقترح «أن افضل ما يمكن عمله الآن هو أن يضمن فريق أوباما وإدارته الجديدة بالعمل مع وزير المالية الحالي بولسن عن كثب لضمان استمرار السوق في الطريقة التي تسير عليها الآن». ويبدو ان وول ستريت تسوده أجواء التفاؤل المصحوب بقلق من الطريقة التي ستعالج بها إدارة أوباما الجديدة الأزمة المالية. ويدرك العاملون في وول ستريت أن إدارة أوباما ستكون حكومة الوسط وسوف تتميز بنزعة ميكافيلية وبراغماتية قد تعيد بالنسبة لهم عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في استعادة النمو الاقتصادي للولايات المتحدة.