تحسن نسبي في أمن الجامعات العراقية .. لكن التأثيرات الحزبية باقية

أستاذ لـ«الشرق الأوسط» : نسير نحو الهاوية بعد قرار إحالة الأساتذة على التقاعد في سن الـ 63

طالبات عراقيات يسرن في جامعة بغداد بالقرب من جندي عراقي ينفذ مهامه الأمنية في نقطة تفتيش (أرشيف «الشرق الاوسط»)
TT

التفكير في اليوم الذي يلازم فيه استاذ في الجامعة المستنصرية ببغداد بيته ولن يسمح له بدخول جامعته ليمنح طلبته تجربته التي تعلمها خلال الستين عاما من عمره، مشكلة بدأت تؤثر عليه أخيرا وخاصة بعد ان اصدرت الحكومة العراقية قرارا بإلزام اساتذة الجامعات ممن يتجاوز عمرهم 63 عاما بالتقاعد. وهذا القرار وبحسب الاستاذ الذي طلب الاكتفاء بالإشارة اليه بالحرف الأول من إسمه (ع) يؤرق جميع اساتذة الجامعات ويدفع بالتعليم الجامعي نحو الهاوية.

وبين هذا الاستاذ لـ«الشرق الأوسط» ان قرار الحكومة نتج عنه تذمر كبير داخل الوسط الأكاديمي، محذرا من أن هذا «سينعكس سلبا على التعليم في العراق وهناك دول عربية وأجنبية بدأت تتحرك لاستقطاب هذه الكفاءات من الآن، لأنهم وللأسف مركونين على الرف في بلدهم». الحكومة العراقية بينت وعلى لسان متحدثها الرسمي علي الدباغ، ان هناك محددات عمرية يمكن قياس مدى نشاط وكفاءة الافراد من خلالها. واضاف لـ«الشرق الاوسط» ان الانسان يمتلك طاقات معينة «ترتفع مثلا في فترة معينة وتبدأ بالانخفاض بعد بلوغه عمر اعلى رغم ان هناك اناس يبلغون من العمر 70 عاما لكنهم يستمرون بالعطاء لكن لا يمكن ابقائه في الخدمة والعمل حتى يتوفاه الله، ولهذا وجدنا ان احالة الشخص في هذا العمر مناسب جدا لراحته وايضا لاعطائه فرصة لمزاولة نشاط آخر خاص مستفيدا من راتبه التقاعدي .. كذلك هناك الدماء الجديدة والكفاءات الشابه التي يجب ان نعطي لها الفرصة فهو واقصد الشاب ايضا اجتهد ودرس وعمل لينال شهادة عليا ومن حقه ايضا ممارسة دوره الطبيعي في الكليات كاستاذ». زيد محمد طالب دراسات عليا بين انه يؤمن بتراكم الخبرات لدى الاشخاص ويقول «كلما قضى الباحث سنوات اطول في مجال تخصصه سيكون عبارة عن موسوعه متخصصة، وهنا يمكن الاستفادة من خبراته ليس عبر التدريس فقط بل يكون بطرق كثيرة اخرى منها البحث واصدار الكتب والاستشارات وغيرها، ومن الطبيعي ان يستمر بالعطاء مهما تقدم به العمر، وهنا لن يكون التقاعد عائقا امام عطاء الاكاديمي، ولهذا انا اجد ان القانون منصف للجميع لنا كشباب ولاساتذتنا ايضا الذين قدموا الكثير وان شاء الله يستمرون بهذا النهج».   مشكلة اخرى يعاني منها الاستاذ الجامعي وهي حياة الجامعات التي ما زالت تعاني عدم الانتظام والاستقرار بنسب متفاوته وبحسب طبيعة كل جامعة ومكان وجودها. ويبين الاستاذ في الجامعة المستنصرية انه «مع اقتراب موعد الانتخابات في مجالس المحافظات فيمكنك تلمس التأثير الحزبي والديني داخل أروقة كل جامعة عراقية وبخاصة المستنصرية التي ما زالت اللافتات تنتشر داخل أروقتها، وما زال هناك تأثير ديني وسياسي وان لم يكن كما كان يحدث السنوات السابقة». وتابع انه «قبل أسبوع جلب بعض الطلبة أجهزة مكبرة للصوت ونصبوها داخل الجامعة وبدأوا برفع شعارات معينة ضد قضية سياسية تتعلق بالاتفاقية الأمنية، لكننا كأساتذة دائما نقول إن الجامعات وجدت للتعليم والطالب يجب أن يحترم التعليم». وأوضح «أن التوجس ما بين الأستاذ والطالب ما زال موجودا لكن بنسب اقل من السنوات الدراسية الماضية التي كان التسلط حينها للطالب كونه يمثل جهات سياسية ودينية». وبالنسبة لدور وزارة التعليم ورؤساء الجامعات والأساتذة في توعية الطلبة بمخاطر التحزب والتعنصر الطائفي، قال الأستاذ «انه غير موجود فلم يحدث أن أقيمت ندوة بهذا الصدد أو درست في حصص معينة». ويضيف ان الموجود «هو أن هذه الجامعة تابعة أو تسيطر عليها جهة معينة .. فمثلا جامعة بغداد تابعة أو يتنفذ فيها الحزب الفلاني والجامعة الأخرى لحزب آخر وهكذا وتأثيرها واضح وبمجرد دخولك من باب الجامعة يمكنك تلمس تأثير هذه الجهات وهذا يغنيك عن سؤال الطلبة والأساتذة فلافتاتهم وشعاراتهم تكفي».   تقى اسعد طالبة عراقي في المرحلة الثالثة بينت أن «هذا العام الدراسي أفضل بكثير مما مضى، لكن الخدمات ما زالت دون الطموح». وبشأن التدخل السياسي «بينت أن هذا الأمر أيضا يشهد تراجعا داخل أروقة الجامعات وحتى الأستاذ كان يتخوف من الطالب لأنه مسنود من جهة سياسية أو دينية لكن الوضع الآن أفضل والجامعات مؤمنة». غير انها شكت من تكاليف الدراسة وقالت انها «باهظة جدا من نقل وملبس ومأكل وشراء كتب». وأضافت «هناك طلبة حالتهم المادية ضعيفة جدا ونحن نشعر بهم لكن للأسف لم يجدوا جهات تدعمهم». وبالنسبة لأمن الجامعات، تقول تقى ان الوضع تحسن «فالطالبات يستطعن ارتداء أي شيء يرغبن به وليس هناك من يجبرهن على لبس حجاب أو ملابس إسلامية وغيرها».