سكان التبو الغاضبون يسيطرون على ثلاثة أرباع مدينة الكفرة

شاهد عيان من داخل المدينة الليبية الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»: نناضل لاستعادة حقوقنا

TT

قال شاهد عيان من داخل مدينة الكفرة بجنوب ليبيا إن عناصر قبائل التبو التي تخوض منذ 3 أيام اشتباكات دامية مع قوات الأمن الحكومية باتت تسيطر تقريبا على ثلاثة أرباع المدينة التي بدت خالية أمس من سكانها واختفت حركة المارة والسيارات من شوارعها.

وقال ياسين التباوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من داخل مدينة الكفرة الليبية إن المواطنين الذين يناضلون في المدينة من أجل استعادة حقوقهم الضائعة، على حد تعبيره، قد احتلوا مقر رئاسة المدينة وبعض المباني الحكومية الأخرى، مشيرا إلى أن الأحداث العنيفة التي تشهدها المدينة منذ 3 أيام اندلعت عندما رد الأمن الليبي بعنف على مظاهرة سلمية قام بها المواطنون تعبيرا عن استيائهم من قرارات حكومية تقضى بحرمانهم من حقوقهم كمواطنين بما في ذلك حق التعليم والعمل وتلقي الرعاية الصحية والطبية.

وقال إن عدد المتظاهرين تجاوز بضع مئات، شارحا الموقف بقوله: «نحن مجموعتان في منطقتي الزاوية وقدرفاي بالكفرة، ونبسط سيطرتنا من جانب واحد على المناطق المحيطة بنا بعدما تراجع الأمن في انتظار وصول تعزيزات إضافية».

وأضاف«المدينة تشهد اشتباكات متقطعة حتى اللحظة التي أتحدث فيها إليكم (عصر أمس) والحركة جامدة تماما، كما أن محطتي البنزين الوحيدتين في المدينة خالية من البنزين منذ بضعة أيام، بالإضافة إلى الصعوبات الجمة في إجراء أية اتصالات سواء عبر شبكة الاتصالات الأرضية أو باستخدام الهاتف النقال».

وروى التباوي لـ«الشرق الأوسط» أن معظم المحال التجارية كانت مغلقة طوال أمس في مدينة الكفرة التي خلت شوارعها من أي حركة وسط توتر شديد يسود المدينة.

وقال نتوقع ردا عنيفا من جانب السلطات الحكومية في طرابلس، لكننا لا نخشى أحدا وسنقاوم أية محاولة للاعتداء علينا بصدور عارية.

وأنحى التباوي باللائمة على السلطات الليبية في تصاعد المواجهات بين الأمن والمواطنين، وقال إن الأمن استعمل السلاح الناري والذخيرة الحية، معتبرا أن ما حدث يمثل مذبحة حقيقية في ظل تعتيم حكومي وإعلامي كامل.

وأبلغ التباوى «الشرق الأوسط» أن عدد القتلى ارتفع أمس إلى 8 أشخاص من التبو بالإضافة إلى سقوط عدد كبير من الجرحى من الطرفين، موضحا أن قوات الأمن الليبية نقلت بعض الجرحى إلى مستشفيات العاصمة الليبية طرابلس بينما تمكن المحليون من نقل البعض الآخر إلى بعض المنازل في محاولة لتقديم الإسعافات اللازمة لهم. ولفت إلى أن المتظاهرين تمكنوا من الاستيلاء على بعض قطع السلاح الخاصة بقوات الأمن الليبية التي تم استدعاؤها على عجل في محاولة لإخماد ثورة المدينة ووقف ما يعتبرها سكانها بمثابة الانتفاضة الثالثة لهم.

وقال التباوي البالغ من العمر 35 عاما إن معظم سكان قبائل التبو لا يحملون وثائق هوية أو جوازات سفر حديثة، مشيرا إلى أن السلطات الليبية تمنعهم منذ عام 1996 من حق تجديد هذه الوثائق بما في ذلك الحصول على رخصة قيادة سارية المفعول.

وعلى الرغم من استمرار وسائل الإعلام الرسمية في تجاهل ما تشهده مدينة الكفرة من أحداث دامية وتجاهل السلطات الليبية التعليق عليها، قالت صحيفة «الوطن» الإلكترونية المحسوبة على السلطة والمقربة من العقيد معمر القذافي ونجله الثاني المهندس سيف الإسلام، إن مناوشات بمدينة الكفرة الليبية بين شباب من قبيلتي التبو والزوية أدت إلى سقوط ضحايا من الطرفين، قبل أن تتحول المناوشات الصغيرة إلى معارك كبيرة تم خلالها إحراق العديد من السيارات والبيوت بين القبيلتين وإطلاق الرصاص غير المرخص والواقع في حوزة بعض المواطنين بطرق غير قانونية، مما أسفر عن حدوث إصابات بالغة في صفوف الجانبين.

وقالت الصحيفة إن الأجهزة الأمنية المختصة بالكفرة لم تتدخل في البداية إلى حين وصول قوة أمنية من طرابلس للسيطرة على الوضع الأمني في المدينة وفض المعارك والصدامات.

لكن عيسى عبد المجيد منصور، زعيم تنظيم جبهة التبو لإنقاذ ليبيا، قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الخبر يمثل أول اعتراف شبه رسمي من جانب السلطات الليبية بحقيقة ما يجري من أحداث عنيفة في مدينة الكفرة، وتساءل: لماذا تجاهل النظام الليبي الموضوع ورفض التعليق عليه رسميا سواء بالنفي أو بالتأكيد.

وأوضح منصور لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من مقر إقامته في العاصمة النرويجية أوسلو إن السلطات الليبية تحاول الإيحاء بأن ما يجري من أحداث في المدينة هو نتاج خلاف قبائلي خلافا للحقيقة. وقال الغريانى في بيان لـ«الشرق الأوسط» من مقره في هولندا عبر البريد الإلكتروني، إن هذه الأحداث ناتجة عن صدور عدة قرارات إدارية تمس حقوق أبناء قبائل التبو، في خطوة خطيرة تكرس للمزيد من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في ليبيا، ووصف هذه القرارات بأنها بمثابة عقوبات جماعية في حق هذه القبائل.