فيما قرر المستشار محمد حلمي قنديل المحامى العام الأول لنيابات وسط القاهرة إخلاء سبيل جميع المتهمين في أحداث الشغب التي وقعت أول من أمس بمقر حزب «الغد» في ميدان طلعت حرب وسط القاهرة، أظهر تسجيل فيديو حصلت عليه «الشرق الأوسط» مدته 21 دقيقة رجال يرتدون ملابس مدنية وهم يشعلون النار في باب البناية التي يقع بها مقر حزب الغد، ويحطمون عددا من السيارات والدراجات البخارية المتوقفة في الشارع أسفل مقر الحزب، بينما وقف عدد من رجال شرطة مكافحة الشغب على مسافة 50 مترا يشاهدون ما يحدث دون تدخل.
وبينما تبادل المتهمون جميعا من أنصار جميلة إسماعيل زوجة أيمن نور مؤسس الحزب وأنصار مصطفى موسى الذي صدر له حكم بتسلم مقر الحزب بصفته رئيسا للغد، توجيه الاتهامات بارتكاب عملية الاعتداء والضرب وإشعال الحرائق، وإتلاف واجهات المحلات والسيارات، وإصابة 5 أشخاص، طلب المستشار قنديل تكليف الأجهزة الأمنية المختصة بعمل التحريات حول الواقعة والعناصر التي شاركت في هذه الأحداث ودور كل منهم على حدة في ارتكابها.
ولم يستطع شهود العيان في إفادتهم أمام النيابة، الإجماع على مسؤولية أي طرف من الطرفين عن إشعال الحريق بمقر حزب الغد، حيث ذكروا أن الجانبين تبادلا إلقاء الأحجار والمواد المشتعلة. ونسبت النيابة للمتهمين جميعا في هذه الأحداث عددا من الاتهامات من بينها وضع النيران عمدا بمقر حزب الغد وحيازة وإحراز مفرقعات وما في حكمها، وإصابة خمسة أشخاص إصابات متفاوتة وإتلاف منقولات الغير.
وأظهر التسجيل المصور الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط» أعمال شغب قام بها رجال يرتدون ملابس مدنية، في شارع محمود بسيوني الذي يقع به مقر حزب الغد، الذي هو بالأساس مكتب محاماة لأيمن نور، يطل على ميدان طلعت حرب، أحد أهم المناطق التجارية بوسط العاصمة المصرية، ويقع على بعد أمتار من ميدان التحرير، أكبر ميادين القاهرة، وقريبا من مقري حزبي «التجمع» و«الناصري» المعارضين، كما يقع بالميدان الذي وقعت به أحداث الشغب عدة بنوك ومحال تجارية مهمة ومقر وكالة الأنباء المصرية الرسمية، وعدد من دور السينما وشركات الطيران.
وأظهر تسجيل الفيديو مثيري الشغب وهم يقطعون الطريق ويشعلون النار في باب مدخل العقار الذي يوجد حزب الغد بالطابق الثاني منه كما يوجد بنفس العقار مقار لشركة مصر للتأمين والنادي اليوناني ويقع تحت العقار نفسه محل «جروبي» أحد أعرق وأشهر محلات الحلويات بالقاهرة.. كما أوضح التسجيل مثيري الشغب وهم يحطمون ثلاث سيارات على الأقل، ودراجتين بخاريتين في شارع محمود بسيوني، بعد منع السيارات من المرور فيه، ورددوا هتافات بذيئة طالت «نور» وزوجته التي كانت تهتف من نافذة المقر «الحرية لأيمن نور». وتمكن مثيرو الشغب من تحطيم مدخل البناية، واقتحامه، ليصعدوا إلى مقر الحزب. وأظهر التسجيل أيضا أن اشتعال النيران في مقر «الغد» بدأ عقب صعود مثيري الشغب لمقره حيث تطاير الحطام المشتعل من النوافذ ليسقط فوق السيارات في الشارع، ولوحظ أيضاً ظهور سيارات قوات الإطفاء والدفاع المدني على الفور لتمنع كارثة محققة، إلا أن تدخلها لم يحل دون تحول مقر حزب الغد إلى رماد.
وعلى صعيد متصل، قرر الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة تشكيل لجنة فنية مشتركة من المحافظة وجهاز التنسيق الحضاري ومركز بحوث التفتيش على البناء لفحص الأضرار التي لحقت بالعقار الذي يقع به مقر حزب الغد المحترق، على أن تبدأ عملية الإصلاح والمعالجة فورا مع مطالبة حزب الغد بتكلفة قيمة الإصلاحات والترميمات. ويعتبر المبنى الذي يقع به مقر الغد من العقارات ذات الطابع المعماري المميز والمدرج داخل قوائم حصر العقارات المميزة التي تقوم به المحافظة، وأنشئ عام 1929، وقام بتصميمه المهندس الشهير «كاستمام» على نظام الطراز الكلاسيكي، والمبنى يتكون من 6 طوابق على مساحة 1445 مترا مربعا.
يشار إلى أن نور جاء تاليا بفارق كبير للرئيس المصري حسني مبارك في انتخابات الرئاسة التي جرت عام 2005، ويقضي منذ نحو 3 سنوات عقوبة السجن لمدة 5 سنوات بعد إدانته بتزوير توكيلات تأسيس حزبه. لكن «نور» يقول إن سجنه يرجع لأسباب سياسية.