وعود أوباما بـ«فجر جديد في القيادة الأميركية».. أمام تحديات صعبة

عزمه على تغيير سياسة بوش في الشرق الأوسط قد يصطدم بحكومة إسرائيلية جديدة رافضة للسلام > مشعل يرحب بالتغيير ويريد حوارا

TT

خلال حملته الانتخابية الرئاسية الاميركية التي استمرت عامين، عرض الرئيس المنتخب باراك أوباما تغييرًا كبيرًا مقارنة بإدارة جورج بوش التي تنتهج أسلوبَ التدخل والأحادية تجاه السياسة الخارجية. فقد وعد أوباما بإعادة بناء التحالفات التي شهدت توترًا مع بعض أعضائها والتفاوض مع معارضي الولايات المتحدة الدائمين، وعاد وأشار إلى تلك التعهدات في خطابه الذي ألقاه لدى إعلان فوزه، حيث قال: «أود أن أقول لكل هؤلاء الذين يشاهدونني الليلة خارج الولايات المتحدة، سواء من البرلمانات أو القصور أو الذين تحلقوا حول الراديو في الأصقاع البعيدة من العالم: لقد أطل فجر جديد من القيادة الأميركية». قد يكون ما ذكره أوباما صحيحًا، لكن الحملات الانتخابية دلائل لا يمكن الوثوق بها على أولويات وقرارات الرئيس، فجون كنيدي لم يذكر سوى القليل عام 1960 عن زيادة عدد القوات في فيتنام. ولم يبد ريتشارد نيكسون أي إشارة عام 1968 حول الانفتاح على الصين. وكان بيل كلينتون خلال حملته الانتخابية مصممًا على إنهاء النزاع الإثني بالبلقان، لكنه لم يتحرك إلا بعد مرور ثلاث سنوات كاملة. وفي عام 2000 قلل جورج بوش من عملية بناء الدولة في البوسنة والهرسك، لكي تنقضي فترة رئاسته بصورة مماثلة في ظل عسكرية مؤلمة بالعراق. وخلال شهرين ونصف من الآن، ستواجه تلك الخطب الحماسية التي ألقاها في الحملة بمتطلبات الحكم الكبيرة، وسيكون على أوباما أن يواجه حقيقتين عن أهداف سياسته الخارجية، وربما أيضًا بعض المشكلات غير المتوقعة. ومن المرجح أن الأزمة المالية التي تعيشها أميركا الآن ستحد من قدرته على التصرف، وستحيد انتباهه عن القضايا العالمية الملحة، وقد تضع ضغوطًا على التحالفات التي يود تشكيلها. وعلى الرغم من الشعبية الواسعة التي يلقاها أوباما في الخارج إلا أن مصالح الولايات المتحدة الدفاعية ستتصادم بطبيعة الحال مع مصالح الدول الأخرى. وإذا ما نظرنا إلى الاتحاد الأوروبي والصين، سنجد أوباما في حاجة إلى الدعم الأوروبي من أجل تحقيق الاستقرار في أفغانستان ومحاربة الإرهاب ووقف انتشار السلاح النووي. كما أنه بحاجة إلى علاقات أوثق مع الصين لتعزيز المصالح الأميركية في مناطق جنوب آسيا المتأججة بالصراعات والتخفيف من ارتفاع درجة حرارة الأرض، لكنه قد يلجأ إلى النأي عن هاتين الصداقتين إذا عمدت حكومته إلى وضع عوائق تجارية لحماية الوظائف الأميركية، وهو أمر كان قد أكده في الانتخابات. والحقيقة الثانية هي أنه على الرغم من الدعم العالمي الذي يلقاه، فربما يكون من غير الممكن بالنسبة لأوباما أن يفوز بحربي العراق وأفغانستان ويتمكن من منع إيران من امتلاك السلاح النووي والعمل كوسيط للسلام في النزاع العربي ـ الإسرائيلي أو يعمل لصالح استقرار الدول الأفريقية التي تمزقها الحرب الأهلية. ويشير أحد مراسلي «التايمز» إلى أن الحقائق على الأرض أكثر تعقيدًا من تلك التي وعد بها أوباما.

والقضية في بضع كلمات هي: إمكانية أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية رئيس وزراء يرفض محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة مع الفلسطينيين. كما أن على أوباما أن يكون مهيأ أيضًا لاختبار مبكر من قبل الإرهابيين أو من قوى أجنبية معادية كما ذكره بذلك نائب رئيس الوزراء، الشهر الماضي. وسيحاول أوباما أن ينتهج الطريق الذي سلكه كلينتون خلال عامه الأول في البيت الأبيض، حين حاول الإرهابيون تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993، ووقع التدهور الذي شهدته البعثة الإنسانية الأميركية لمحاربة المجاعة في الصومال وانتهت بانسحاب مخزٍ للولايات المتحدة. وربما يبقي أوباما عينًا يقظة على التهديد الأمني الذي لم يأت ذكره خلال الحملة الانتخابية، ألا وهو تسلل عصابات تجارة المخدرات المكسيكية إلى الحدود الجنوبية الغربية من الولايات المتحدة.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»