إيران: منع مجلة إصلاحية نشرت صورة الرئيس المنتخب.. مع تساؤل «لماذا لا يكون لدينا باراك أوباما؟»

تعديلات قانونية تمنع غير الحاصلين على شهادة جامعية من الترشح للرئاسة الإيرانية

TT

عادة لا تنشر الصحف الإيرانية صورة للرئيس الاميركي.. وإذا نشرت فإنها تفعل هذا مع مقال او خبر ينتقد الرئيس الاميركي وسياسات بلاده، الا أن إيران التي اكتسحتها حمى باراك اوباما منذ أعلن ترشحه للرئاسة الاميركية رسميا شهدت أول من أمس شيئا غير مألوف إذ نشرت مجلة إيرانية بارزة وهي «شهروند امروز» او «مواطن اليوم» صورة كبيرة الحجم لاوباما مع احدى ابنتيه مع عنوان: لماذا لا يكون لدينا باراك اوباما في إيران؟، مما أدى إلى قرار من السلطات بحظر المجلة التي تتنمي الى التيار الاصلاحي المعتدل. ويأتي ذلك فيما فرض مجلس الشورى (البرلمان) الايراني أمس قيودا على الترشيحات في انتخابات الرئاسة وذلك لمنع الترشيحات غير الجادة مثلما حدث في الانتخابات الماضية. ولا يمنع التعديل أيا من المرشحين المحتملين الرئيسيين من المشاركة في انتخابات يونيو (حزيران) 2009. ولكن كما حدث في الماضي فان المرأة لن تتمكن من ترشيح نفسها في الانتخابات. وينص القانون الجديد على ان يكون عمر المرشح بين 40 و75 عاما وان يكون حائزا شهادة جامعية.

ولم يكن القانون السابق يفرض قيودا على العمر او يشترط الحصول على شهادة معينة. كما يتعين أن يتمتع المرشحون بخبرة وطنية على رأس هيئة رسمية (الرئاسة او نيابة الرئاسة او وزارة او القضاء او الجيش او الاذاعة والتلفزيون او مجلس بلدي او محافظة). كما يمكن لاساتذة الجامعة والمحامين ومسؤولي الاحزاب السياسية الرسمية ومديري ورؤساء تحرير الصحف ومديري الشركات ترشيح انفسهم في الانتخابات. ويجب ان يكون المرشح ايرانيا ومواليا للجمهورية الايرانية وشيعي المذهب. وبموجب هذا القانون يمكن للاسماء المهمة في الساحة السياسية الإيرانية الترشح للرئاسة، مثل علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني ومحمد خاتمي الرئيس الإيراني السابق ومحمد قليباف، عمدة طهران، وحسن روحاني مستشار المرشد الاعلى لإيران للشؤون الامنية، وهاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي تعد هذه الانتخابات اخر انتخابات يمكن له الترشح فيها اذ ان عمره الان بلغ 73 عاما. وفي 2005 تمت الموافقة على ترشيح سبع شخصيات من بين حوالي الف مرشح رشحوا أنفسهم للرئاسة في إيران. ويهدف القانون الجديد الى منع الترشيحات غير الجادة حيث حدث في عام 2005 ان شابا عاطلا رشح نفسه حتى «يجد عملا»، كما ان فلاحا اميا رشح نفسه «لانقاذ البلاد». ولم يتضمن القانون الجديد شيئا عن ترشيح النساء. وكان مجلس صيانة الدستور المكلف بالموافقة على الترشيحات قد التزم دائما قراءة مثيرة للجدل للدستور وذلك برفضه اي ترشيح نسائي. ولم تشارك في انتخابات 2005 اي سيدة من بين 89 سيدة سجلن اسماءهن في الترشيحات. ويستخدم القانون كلمة «رجال» ومعناها بالعربية «الرجال» ولكنها تعني في الفارسية «شخصيات سياسية». ويؤكد خصوم المجلس ان القانون يجب ان يفسر بصورة ليبرالية حتى يتيح للنساء ترشيح انفسهن. ويتعين ان يوافق مجلس صيانة الدستور على القانون الجديد حتى يتسنى تطبيقه.

الى ذلك، قالت وسائل اعلام ايرانية ان السلطات في ايران حظرت مجلة «شهروند امروز» او «مواطن اليوم»، الاصلاحية الاسبوعية البارزة التي كثيرا ما انتقدت سياسات الرئيس الايراني المحافظ محمود أحمدي نجاد. وذكرت صحيفة «كاركزاران» او «كوادر البناء» المعتدلة أن مجلس الاشراف على الصحافة في ايران أرسل خطابا السبت الى مجلة «شهروند امروز» لاخطارها رسميا بالقرار. وأضافت دون ذكر تفاصيل أن «شهروند امروز» حظرت بسبب المحتوى «المتناقض مع الالتزامات السابقة من الناشر». وقالت «وكالة فارس» شبه الرسمية للانباء الاسبوع الماضي ان مجلة «شهروند امروز» التي صدرت لاول مرة في مارس (اذار) عام 2007 ويعمل بها صحافيون كثيرون كانوا يعملون لدى صحف يومية مؤيدة للاصلاح ومغلقة حاليا أساءت تصوير بعض ممارسات الحكومة. ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من «شهروند امروز» التي نشرت في الماضي مقالات تنتقد أحمدي نجاد. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يعيد أحمدي نجاد ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة التي تجري في يونيو عام 2009.

وقالت مصادر إيرانية ان المجلة منعت لانها تجاوزت خطوطا حمراء، ونشرت صورة الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما في صدر صفحتها الاولى وهو مبتسم مع احدى ابنتيه. وتساءلت في مقال افتتاحي «لماذا لا يكون لدى ايران رئيس مثل أوباما». ويعتبر زعماء ايران الولايات المتحدة خصمهم اللدود والعلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ 30 عاما. منذ عام 2000 أغلقت محاكم ايرانية ومجلس الاشراف على الصحافة نحو مئة من المطبوعات ووصفت الكثير منها بأنها «لعبة في يد الغرب»، واتهمتها بمحاولة تقويض نظام حكم رجال الدين في ايران. ويرى محللون أن اغلاق مطبوعات مؤيدة للاصلاح مثل «هروند امروز» يهدف الى اسكات أصوات منتقدي أحمدي نجاد. وترفض الحكومة هذه الاتهامات وتقول انها لا تفرض رقابة على الاعلام. وتزايدت الانتقادات الموجهة لاحمدي نجاد بسبب اخفاقه في كبح جماح التضخم الذي تجاوز تسعة بالمئة. كما يتهمه الاصلاحيون بعزل ايران بسبب موقفه وتصريحاته المتشددة في نزاع البلاد مع الغرب بسبب برنامجها النووي.

ويأتي ذلك فيما رد أحمدي نجاد على الانتقادات التي وجهها 60 اكاديميا إيرانيا الى ادارته الاقتصادية والتي حملوه فيها مسؤولية تدهور الاستثمارات الغربية في إيران بسبب سياسته الخارجية العدائية. ووصف أحمدي نجاد امس منتقديه بأنهم يحاولون تطبيق سياسات اقتصادية اميركية في إيران. ونقلت عنه وكالة «ارنا» قوله: «البعض حاول عرض سياسة اقتصادية، صنعت في الولايات المتحدة كنظرية لايران»، موضحا ان إيران تحتاج الى سياسات اقتصادية محلية للتنمية الاقتصادية، بدون ان يعطي اي اضافات اخرى.

يذكر ان شعبية احمدي نجاد تراجعت بشكل حاد بسبب وصول التخضم الى مستويات قياسية، وانتخابات الرئاسة المقبلة ستكون تحديا كبيرا امامه، خصوصا اذا ترشحت احد الوجوه المحافظة البراغماتية.

ولا تشكل رسالة الاكاديمين الايرانيين المنتقدة للرئيس احمدي نجاد سابقة اذ ان اقتصاديين عدة وجهوا في الماضي رسائل مفتوحة الى الرئيس لتحذيره من النتائج السلبية لسياسته الاقتصادية وخصوصا «ضخ العائدات النفطية في الاقتصاد بلا روية». وتجاهل الرئيس الايراني باستمرار هذه الانتقادات. وهذه المرة جاءت رسالة الخبراء التي كتبت بلهجة اقسى، اطول بكثير من سابقاتها واكثر تفصيلا. وجاءت هذه الرسالة بينما انتقدهم مرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي ان «الله لن يسامح الذين ينتقدون الحكومة بوقاحة». من جهته، دان رجل الدين المحافظ آية الله احمد جنتي في خطبة الجمعة «عشرات الصحف التي تهاجم (كل يوم) الحكومة».