الميرغني لـ«الشرق الأوسط»: مهددات تحدق بالسودان وأهله.. والمطلوب لم الشمل والوفاق

زعيم «الاتحادي» وتجمع المعارضة قال إن آخر مهمة لشقيقه الراحل كانت في طرابلس ومن أجل دارفور

محمد عثمان الميرغني
TT

كشف محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي وزعيم تجمع المعارضة السودانية، الذي عاد أخيرا الى الخرطوم بعد نحو 19 عاما قضاها في المنفى، خفايا الأيام الأخيرة، التي عاشها شقيقه الراحل، أحمد الميرغني (الرئيس السوداني الاسبق)، قائلا في حوار مع «الشرق الأوسط»: ان آخر المهام التي اضطلع بها الراحل، هو متابعة ملف دارفور، وقيامه بزيارة الى العاصمة الليبية طرابلس، وإجراؤه اتصالات ولقاءات مع قيادات دارفورية لإقناعها بوقف الاقتتال والانخراط في العملية السلمية.

وأكد الميرغني، الذي عاد الى الخرطوم مع جثمان شقيقه الاربعاء الماضي، انه سيواصل مساعيه مع الفصائل الدارفورية، لاتمام السلام، وإنجاح مؤتمر الدوحة بشأن دارفور الذي سيعقد قريبا بهدف وقف الحرب والدمار والتشريد. ووصف المبادرة العربية القطرية بالجدية والإيجابية. وشدد على ضرورة تكاتف الجهود لتحقيق الاستقرار وإحلال السلام الشامل في السودان.

وحذر الميرغني، من محاولات الاستهداف والمهددات التي تحدق بالسودان وأهله، وشدد على ضرورة الوفاق الوطني الشامل وجمع الصف والتعامل بحزم مع دعاة الفرقة والشتات وإثارة النعرات. وقال إن الحزب الاتحادي مع إجراء الإنتخابات العامة في موعدها عام 2009، حسبما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل، لكنه لن يشارك في الحكومة إلا في حالة تمثيله طبقاً لثقله الشعبي والجماهيري الحقيقي.

ولقي الميرغني استقبالا جماهيريا حاشدا في مطار الخرطوم الاسبوع الماضي، وصفه المراقبون بـ«الاستقبال التاريخي الذي لم تعرف له العاصمة السودانية مثيلاً على مدى حقب».. وقالوا انه كسر ما كانت يروج له في الخرطوم من ان الحزب الاتحادي، تضاءلت قاعدته الجماهيرية بعد الانقسامات التي طالته اخيرا، وخروج عدد من القيادات الى احزاب اخرى. وأكد الميرغني ما قاله في السابق ان عودته المفاجئة لأرض الوطن، ارتبطت بوفاة شقيقه للتشييع والصلاة وتقبل العزاء فيه.. ولكن عودته الرسمية ستكون مطلع العام الهجري. وإلى نص الحوار:

* ما هي آخر مهمة تقلدها شقيقكم الراحل أحمد الميرغني (رئيس مجلس رأس الدولة الأسبق)؟

ـ لقد رافقني في الزيارة للجماهيرية الليبية، باعتباره المسؤول عن الملف في الحزب الاتحادي، للقاء قيادات الحركات الحاملة للسلاح ولزعماء القبائل بدارفور، لحثهم على وقف الحرب والقتال في دارفور وضرورة المشاركة في المؤتمر الموسع في الدوحة بقطر، وقد وفق في مهمته.

* هل تعتقد بنجاح مؤتمر الدوحة لحل ازمة دارفور؟

ـ نعم.. فمؤتمر الدوحة الذي تبنته قطر، هو مبادرة من الجامعة العربية التي كونت لها لجنة وزارية عربية خُماسية برئاسة قطر.. وتلقى الدعم من الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي. وتجري الان اتصالات واجتماعات في عواصم عديدة وعلى مستويات مختلفة لضمان مشاركة كل الفصائل الدارفورية، الى جانب الحكومة والقوى السياسية والرموز السودانية للوصول الى اتفاق سلام يطوي المآسي والمشاكل التي عانى منها أهل دارفور، ويوفر الخدمات والتنمية والاستقرار لدارفور وينهي مظاهر الوجود الأجنبي وحشود الجيوش والمنظمات المرتبطة بالأزمة. ونحن نرى ان حل قضية دارفور سينقل السودان والمنطقة بأكملها الى الأفضل، ويقفل الأبواب في وجه الأجندة المعادية التي سعت للفوضى والاضطراب.

* هل تؤيد من يراهنون على صعوبة الحل لمشكلة دارفور نتيجة التعقيدات التي اقترنت بها؟

ـ اتفق على وجود تعقيدات في الملف الدارفوري، ولكن الأجواء السائدة الآن الى جانب التعاون بين الأطراف السودانية والإقليمية والدولية كافة، وبوادر القبول والاقتناع من جانب الحركات الحاملة للسلاح، الى جانب الحنكة والخبرة للقيادة القطرية التي نجحت في تحقيق السلام والوفاق اللبناني، كلها مؤشرات على أن فرص النجاح للمبادرة العربية القطرية لحل مشكلة دارفور كبيرة جداً.

* هل لمستم تحفظات من قيادات من دارفور على المبادرة أو اعترضات من عواصم عربية أو غربية أخرى؟

ـ في اتصالاتي بالعديد من العواصم بما فيها لقاءات طرابلس لم نلمس تحفظاً او اعتراضاً على المبادرة، ربما طرح اسم عاصمة واحدة، ولكن الأطراف الآن كلها رحبت بالمبادرة وبالدوحة كمقر لانعقاد المؤتمر الدارفوري وبمشاركة إقليمية ودولية، وأن التركيز الآن على إنهاء المشكلة وإزالة الغبن عن أهل دارفور.

* هل تدعمون وحدة الفصائل الاتحادية التي سبق خروجها عن الحزب الاتحادي الديمقراطي؟

ـ الحزب الاتحادي الديمقراطي موحد منذ نوفمبر 1967 في الخرطوم، وبحضور الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وقد أعلن آنذاك السيد إسماعيل الأزهري أن الخلافات قد قبرت وانطوت سيرتها، وأبوابه مفتوحة لأية مجموعات خرجت منه وفي كل الحالات فهو حريص على وحدة الاتحاديين وتماسكهم مثل حرصه على جمع ووحدة أهل السودان لصد المهددات عنه.

* هل تؤيد إجراء الانتخابات العامة طبقاً لما نصت عليه اتفاقية السلام في العام المقبل 2009؟

ـ بالتأكيد نحن مع إجراء الانتخابات العامة في موعدها، لأننا متمسكون بالتحول الديمقراطي وضرورة تمكين السودانيين من المشاركة عبر صندوق الاقتراع، ولكننا نتمسك بانتخابات عالية الشفافية وبرقابة دولية مع تهيئة المناخ المطلوب لإجرائها.

* هل يشارك الحزب الاتحادي الديمقراطي في حكومة الوحدة الوطنية؟

ـ الحزب الاتحادي لن يشارك في الحكومة، إلا في حالة تمثيله طبقاً لثقله الشعبي والجماهيري، فقد حصل في آخر انتخابات في عام 1986 على «5» ملايين صوت، يليه حزب الأمة «4» ملايين صوت، والجبهة الاسلامية ما دون ذلك بكثير جداً.

* وماذا عن الرموز الاتحادية الآن في الحكومة؟

ـ هؤلاء يشاركون باسم التجمع الوطني وليس باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي.

* هل صحيح ما جرى تداوله عن تحفظ الرئيس عمر البشير للالتقاء بكم في المدينة المنورة؟

ـ هذا غير صحيح البتة، واستناداً لحقائق لا لبس فيها سبق وأن تمت برغبة وحرص مشترك لقاءات في أسمرة والقاهرة ومكة والمدينة المنورة، وفي اللقاء الأخير بالمدينة المنورة، في مقر ضيافته استقبلني الرئيس البشير بحفاوة وبشاشة، وتفاكرنا في القضايا العامة، وبوجه خاص حول تحقيق الوفاق الوطني الشامل في السودان وقضية دارفور. وقد نقلت اليه جهودنا ومساعينا مع قيادات دارفورية في الجماهيرية الليبية، للمشاركة في موتمر الدوحة والخاص بحل المشكلة الدارفورية، ان تداول مثل هذه المعلومة غير الصحيحة تخدش التعامل الرفيع والتواصل الحسن، الذي اعتاد الرئيس البشير عليه معنا، ومع المواطنين كافة.

* يدور لغط حاليا بشأن عودتكم الى المنفى .. ما مدى صحة ذلك؟

- اولا كما قلت سابقا فان عودتي الى أرض الوطن، ارتبطت بوفاة شقيقي وللمشاركة في التشييع والصلاة.. وتقبل العزاء فيه.. لكن عودتي الرسمية ستكون مطلع العام الهجري.