الأسد: إسرائيل يجب أن تقدم براهين على السلام.. وليس العرب وحدهم

قال إن أميركا تريد تحويل العراق إلى قاعدة لضرب دول الجوار.. والسودان يواجه تقسيما مثل فلسطين عام 48

الرئيس السوري بشار الأسد يتوسط نائب الرئيس فاروق الشرع ونائب الأمين العام لحزب البعث في افتتاح الدورة العادية الثانية للبرلمان الانتقالي (أ ب)
TT

دعا الرئيس السوري بشار الاسد، أمس، اسرائيل الى تقديم «براهين» تؤكد رغبتها في السلام، مشيرا الى ان الدولة العبرية لن تحصل على «أي تنازلات» جديدة من دمشق بعد الان. وقال ان بلاده لم تفقد البوصلة أو الاتجاه الذي يحدد العناوين الأساسية للمصلحة القومية رغم، التشكيكات حولها.. و«كل التهديدات والإغراءات». واعتبر الاسد في خطاب ألقاه في افتتاح الدورة العادية الثانية للبرلمان الانتقالي العربي في دمشق، ان الاتفاق الامني الذي تريد الولايات المتحدة توقيعه مع بغداد يهدف الى تحويل العراق الى قاعدة لضرب دول الجوار. وأشار الى ان السودان يواجه التقسيم.. بشكل جدي، مثلما حدث لفلسطين عام 1948، وانتقد الولايات المتحدة، غير انه لم يأت على ذكر الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما في الخطاب.

وقال الرئيس السوري «من غير المنطقي او المقبول بعد الان ان يكون مطلوبا منا نحن العرب ان نستمر في تقديم البراهين والدلائل عن رغبتنا في السلام التي اعلناها وعبرنا عنها في مختلف المناسبات ومنذ عقود طويلة، خاصة منذ انعقاد مؤتمر مدريد عام 1991». واضاف «على الاسرائيليين ان يقدموا البراهين وان يعبروا بالافعال عن استعدادهم للسلام وان يعملوا على اقناعنا نحن العرب بذلك فهم الذين يحتلون ارضنا ويعتدون على شعبنا ويشردون الملايين من اهلنا». وتابع الاسد ان «الاسرائيليين يقومون بكل هذه الاشياء ويضعونها كقناع بهدف الحصول على المزيد من التنازلات وهم لن يحصلوا على تنازلات من سورية».

واعتبر الأسد الممارسات الإسرائيلية و«رفض الاستجابة للحد الأدنى من المطالب الفلسطينية المشروعة.. وعدم الاستجابة حتى الآن لمتطلبات السلام على المسار السوري تدل على أن السلام بالنسبة لهم هو عمل تكتيكي وليس خياراً استراتيجياً». ورأى ان «شعار السلام يستخدم كجزء من مفردات اللعبة السياسية الداخلية في اسرائيل ويدخل عنصرا اساسيا في دوامة المناورات السياسية الخارجية التي تخفي من الحقائق اكثر مما تظهر». وأوضح الأسد أن «إسرائيل لم تلغ في يوم من الأيام فكرة العدوان من سياساتها والتي يؤدي إليها خوف الإسرائيليين الفطري من السلام». ولفت الأسد إلى «التنامي السافر لنزعات التطرف الديني والعنصري لدى الإسرائيليين» معتبرا «مفاهيم مثل طرد العرب والتعابير العنصرية الأخرى باتت أكثر حضوراً في خطابهم السياسي».

ووجه الأسد انتقادا شديدا للإدارة الأميركية الحالية، وقال إنه كان يفترض أن «تهتم بالسلام لكنها لم تعرف شيئاً عن الحضارات الإنسانية سوى قعقعة السيوف». مؤكدا أن الإيمان بالسلام والتفاؤل بتحقيقه «لا يدفعانا للوقوع في الأوهام أو أحلام اليقظة أو الوقوع في فخ اللعب على المسارات». وأكد ان «العدوان الاميركي الاخير على الاراضي السورية يدلل على ان وجود قوات الاحتلال الاميركي في العراق يشكل مصدر تهديد مستمر للدول المجاورة ويشكل عامل عدم استقرار للمنطقة». في اشارة الى الغارة الاميركية على قرية سورية على الحدود العراقية في اكتوبر (تشرين الاول). واعتبر الاسد ان «الاتفاقية الامنية بين الولايات المتحدة والعراق، تهدف الى تحويل العراق الى قاعدة لضرب دول الجوار بدل ان يكون سندا لهم». وقال ان «استقرار العراق مسألة حيوية بالنسبة لاستقرار المنطقة وهذا لن يتحقق الا بانهاء الاحتلال الاجنبي ومن خلال انجاز المصالحة الوطنية بين ابنائه». واكد «مساندة سورية لكل الجهود المبذولة لانجاز الحوار الوطني واستعدادها لتقديم كل عون ممكن لانجاح هذه الرعاية». ورأى الرئيس الأسد «قول الأميركيين بأن الانسحاب يخلق الفوضى» «كلام حق يراد به باطل» بهدف الإيحاء بأن الشعب العراقي «غير قادر على حكم نفسه وإدارة شؤونه». داعيا إلى موقف عربي واضح موحد في «التأكيد على ضرورة إنهاء الاحتلال».

وفي الموضوع الفلسطيني، اكد الاسد دعمه الحوار بين الفصائل الفلسطينية واستعداده «لبذل كل الجهود الممكنة لتهيئة الظروف المناسبة لانجاح الحوار الذي تتحقق فيه وحدة ومصلحة الشعب الفلسطيني». كما شدد على دعم سورية «لنضال الفلسطينيين في استعادة حقوقهم المتمثلة في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين». وشدد على ان «تحقيق هذا الهدف مرهون بوحدة الموقف الفلسطيني».

وعلى صعيد الملف اللبناني، اعرب الرئيس السوري عن «ارتياحه للاجواء الايجابية في لبنان التي تلت مؤتمر الدوحة الذي وضع العناوين الاساسية للتوافق الوطني وهيأ الظروف المناسبة لتحقيق الاستقرار في لبنان وتفويت الفرصة على المحاولات التي يبذلها البعض لضرب وحدته».

وفيما يخص السودان أعلن تأييد سورية لما تقوم به «الحكومة السودانية لإيجاد حل للمعاناة الإنسانية في إقليم دارفور في إطار وحدة السودان الوطنية». وقال: «لا بد أن نضع مصالحنا الوطنية والقومية أولاً وفوق كل اعتبار» معتبرا ما يتعرض له السودان «أكثر من مجرد تدخل في شؤونه الداخلية.. بل هي محاولات تقسيم حقيقية توازي نتائجها خطورة ما حصل في فلسطين عام 1948». وكان الأسد في مستهل كلمته ركز على العلاقات العربية ـ العربية والأمن القومي وقال إنه «لا يمكن لأحد أن يضمن أمنه بمعزل عن أمن الأشقاء.. ولا أن يحقق مصالحه بمنأى عنهم». لافتا إلى أن سورية واجهت صعوبات وتعرضت لحملات منظمة واضحة الأهداف من جانب «أوساط معادية ردد أصداءها البعض من الأصوات العربية بهدف التشكيك في مواقفنا والتعريض بدوافعنا تحت عناوين الواقعية والمرونة والعقلانية.. ولكن سورية وعلى الرغم من كل التهديدات والإغراءات، لم تفقد البوصلة أو الاتجاه الذي يحدد العناوين الأساسية للمصلحة القومية». وسيناقش البرلمان العربي الذي بدأ أولى جلساته صباح أمس في دمشق عدة تقارير وتوصيات اتخذتها اللجان المنبثقة عنه خلال اليومين الماضيين حول قضايا اقتصادية من أبرزها الموضوعات التي ستطرح على القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في الكويت مطلع العام المقبل والاتفاق التجاري الإسرائيلي الأوروبي وانعكساته على الوطن العربي وبخاصة دول الطوق والشعب الفلسطيني والأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على الدول العربية. ويبحث المؤتمر أيضا توصيات سياسية تشمل كافة الملفات الساخنة المتعلقة بالأوضاع في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال وعملية السلام والملفات النووية في منطقة الشرق الأوسط إضافة إلى قضايا تهم الأمن القومي العربي.