ليفني تقر بالحاجة لدولة فلسطينية .. وأبو مازن يؤكد استمرار المفاوضات رغم الانتخابات الإسرائيلية

الرباعية تؤكد دعم المفاوضات وتطالب بوقف النشاط الاستيطاني

ابو مازن و ليفني في شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
TT

مثلما كان متوقعاً، لم يسفر الحشد الدبلوماسي الدولي والعربي، الذي استضافه منتجع شرم الشيخ المصري عن «اختراق» في المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية. فلجنة المتابعة العربية واللجنة الرباعية ممثلة بوزراء الخارجية الاميركية وروسيا وفرنسا ممثلاً الاتحاد الأوروبي وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، بقوا في حدود ما كان منتظراً منهم اي التشديد على استمرارية مسار أنابوليس وتجديد الدعم للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقال مصدر دبلوماسي أوروبي عالي المستوى لـ«الشرق الأوسط» ان «لا خطة بديلة» للأسرة الدولية و«رغم العجز عن تحقيق هدف إنشاء الدولة الفلسطينية. فإن الأمل لم يمت بـ«الوصول إليه يوما».

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) ان المفاوضات «مستمرة» رغم الانتخابات الاسرائيلية في فبراير (شباط) المقبل، وظهور إدارة أميركية جديدة. وقالت ليفني ان الطرفين يؤمنان بالعملية السلمية، مشيرة إلى أن «هناك أملاً في الوصول إلى اتفاق» من دون الاشارة إلى تاريخ معين. واقرت ليفني بالحاجة لاقامة دولة فلسطينية، شريطة الا تكون دولة ارهاب.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لـ«الشرق الأوسط» انه «يتعين ملء الفراغ» المتأتي عن الانتخابات الاسرائيلية والفلسطينية وعن نهاية عهد الرئيس الأميركي جورج بوش.

وعقدت في فندق «فور سيزنز» في شرم الشيخ ثلاثة اجتماعات رئيسية، الأول بحضور الرباعية ولجنة المتابعة العربية والأمين وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى، والثاني ضم الرباعية وأبو مازن وليفني ووزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط. أما الاجتماع الثالث فضم اعضاء الرباعية وحدهم. وفي اجتماعهما مع الرباعية، عرض ابو مازن ولفني «محصلة» للمفاوضات. ولكن من المفترض ان يقدم أحمد قريع (أبو علاء) العرض من الجانب الفلسطيني. غير أنه غاب عن الاجتماع ما جدد التكهنات بوجود «برودة» بينه وبين ابو مازن حول قيادة المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي. وقالت مصادر عربية حضرت الاجتماع، ان الجانبين «تحاشيا» الدخول في التفاصيل، واكتفيا بالاشارة إلى حصول «تقدم» ووجود «عقبات» حالت حتى الآن دون الوصول إلى اتفاق. وجاء في بيان صدر عن الرباعية وقرأه بان كي مون، تأكيد وجود التزام من الطرفين بالوصول إلى اتفاق كامل على اساس القرارات الدولية، عملاً بخريطة الطريق ومبادئ أنابوليس. ودعت الرباعية الى وقف النشاط الاستيطاني في الاراضي الفلسطينية.

وأكد بان كي مون أن الرباعية تعد آلية لمراقبة ومتابعة المفاوضات بين الجانبين، تحظى بدعم من الاتحاد الأوروبي، وأشار إلى أن الرباعية اتفقت على أن يكون ربيع 2009 وقتا مناسبا لاجتماع دولي في موسكو بخصوص عملية السلام.

وفي فقرة توحي برغبة واشنطن في أن تبقى الجهة الوحيدة المشرفة على الانتخابات، جاء أنه في غياب أي طلب من الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، فإن «الأطراف الثلاثة تلتزم بعدم التدخل في المفاوضات الثنائية».

وقالت مصادر أوروبية وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط»، إن رايس «رفضت طلباً أوروبياً» يقضي بأن «يلعب» الاتحاد الأوروبي، الى جانب واشنطن، دوراً في «متابعة» المفاوضات. وعُلم أن الوفد الفلسطيني لمّح إلى رغبة فلسطينية بمثل هذا الدور، ولكن لم تصل هذه الرغبة إلى حدّ المطالبة العلنية. ولكن الوزير كوشنير قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتحاد الأوروبي «يريد أن يكون شريكاً، لأنه قوة سياسية واقتصادية ومالية، أثبتت أنها حاضرة في زمن الأزمات، وأنها تشارك بالقسم الرئيسي في تمويل السلطة الفلسطينية».

وتخلّت الرباعية عن فكرة اصدار «مدوّنة» تتضمن نقاط الاتفاق التي توصل إليها الطرفان، كذلك نقاط الاختلاف، تكون بمثابة «التزام» لاستئناف المفاوضات من النقطة التي وصلت إليها. وقال كوشنير لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللحظة غير مناسبة» لإصدار مثل هذه المدوّنة. وبحسب مصادر دبلوماسية أوروبية، فإن الرباعية «لم ترِد إحراج ليفني وتقديم حجج لخصومها السياسيين من أجل انتقادها في فترة ما قبل الانتخابات». وكانت ليفني «تباهت» أمام الرباعية بأنها «لو أرادت أن تكون رئيسة حكومة بأي ثمن لفعلت ذلك»، وأنها «رفضت أن تخرج القدس من سلّة التفاوض»، وفق ما كان يريده حزب شاس، مفضّلة، عوض ذلك، خوض الانتخابات التشريعية في فبراير (شباط) المقبل.

وأعلن وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، أن بلاده «ستسعى» لعقد مؤتمر للسلام في موسكو الربيع المقبل، من دون تحديد موعد دقيق، وأنها ستقوم بالاتصالات اللازمة بعد قيام إدارة أميركية جديدة وقيام حكومة إسرائيلية جديدة. وأكد لافروف أن بلاده «تسعى لسلام شامل»، معرباً عن الأمل بحصول تقدم على المسار السوري ـ الإسرائيلي.

وقالت مصادر حضرت الجلسات الثلاث لـ«الشرق الأوسط»، إن موضوع الاستيطان الإسرائيلي «تمّ تناوله بالنقد خصوصاً من الوزراء العرب». وأفادت هذه المصادر بأن ليفني «امتنعت عن تقديم أي تعهد» على هذا الصعيد. وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى انتقد «بشدة» استمرار الاستيطان، واعتبر أن مسار أنابوليس «أثبت عجزه»، ما يعني أنه حان الوقت «للتفكير في شيء آخر». من جانبه شدّد الوزير الفرنسي على «التحسّن» الذي طرأ ميدانياً، بما في ذلك على الصعيد الأمني، كما هو الحال في مدينة جنين.