أوباما يطلب من مستشاريه دراسة إغلاق معسكر غوانتانامو ومحاكمة معتقليه أمام محاكم أميركية

الرئيس المنتخب اعتبره «فصلا محزناً من التاريخ الأميركي» ويعتزم إغلاقه فور توليه منصبه

TT

يعكف مستشارون للرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما على دراسة اقتراح يقضي بنقل مئات المعتقلين في معسكر غوانتانامو لمحاكمتهم أمام محاكم اميركية بارتكاب جرائم، وذلك في سياق خطوة تهدف الى إغلاق هذا المعسكر الذي يشرف عليه الجيش الاميركي في جزيرة كوبا. وتقول واشنطن إن معظم المعتقلين في المعسكر منذ سنوات ينتمون الى تنظيم «القاعدة» او حركة طالبان الافغانية، وتقول ايضاً إنهم «ارهابيون» يشكلون خطراً على الأمن الاميركي.

وقال لورانس ترايب، المستشار القانوني للرئيس المنتخب، وهو استاذ في جامعة هارفارد، إن النقاش حول معسكر غوانتانامو كان نظرياً اثناء الحملة الانتخابية، لكنه يحظى بالاهتمام الآن لأن إغلاق المعسكر من الاولويات. وأوضح ترايب في تصريحات نقلتها شبكات التلفزيون الاميركية «أن نقل المعتقلين الى داخل الاراضي الاميركية سيكون مثار جدل لكن يمكن انجازه». وقال ايضاً « الجواب (على المنتقدين) سيكون انهم سيخضعون لحراسة مشددة فوق الاراضي الاميركية أكثر من اي مكان آخر.. ولا يمكننا وضع الناس في زنزانة الى الابد دون اتخاذ اجراءات لمعرفة ما إذا كانوا يستحقون ان يكونوا هناك». وكان اوباما قد وصف المعسكرَ خلال حملته الانتخابية بأنه «فصل محزن من التاريخ الاميركي»، مشيراً الى ان النظام القضائي الاميركي بامكانه معالجة أمر هؤلاء المعتقلين، بيد انه لم يتطرق الى خططه بشأن هذا المعسكر بالتفصيل. وذكر ان بعض المعتقلين سيطلق سراحهم وربما يعاد بعض المعتقلين الى الدول التي اعتقلوا فيها. وبعضهم ستجري متابعتهم امام محاكم جنائية اميركية. ويقول مستشارون يعكفونَ على وضع تصورات لانهاء وضعية المعتقل، إن بعض المعتقلين الذين يمتلكون معلومات سرية سيمثلون أمام محاكم خاصة للتعامل مع حالات تتعلق بالامن الوطني. وقال هؤلاء المستشارون إن الخطط لم تكتمل بعد.

ويقول مستشارون مشاركون في المشاورات، انه يتوقع ان يقترح الرئيس المنتخب اوباما محكمة جديدة، وتشكيل لجنة متخصصة تبحث كيفية عمل هذه المحكمة. وهذه الخطة في حالة تطبيقها ستكون بمثابة تحول كبير عن سياسة ادارة الرئيس الاميركي الحالي جورج بوش، والتي شكلت محاكم عسكرية داخل المعتقل، وتعارض بشدة نقل المعتقلين لمحاكمتهم امام محاكم فوق الاراضي الاميركية. ويتوقع ان تواجه الخطة معارضة من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين في الكونغرس، حيث يعارض الجمهوريون «جلب إرهابيين متهمين بجرائم خطيرة الى الولايات المتحدة» ومن بعض الديمقراطيين الذين يعارضون إنشاء محاكم جديدة لا تتيح حقوقاً كاملة للمعتقلين. ويقول الديمقراطيون ان اللجنة العسكرية التي اشرفت على المعتقل خلال فترة إدارة بوش الحالية، كانت لا تقبل فكرة منح المعتقلين الحقوق الدستورية التي يتمتع بها اي شخص فوق الاراضي الاميركية.

ويقول النائب آدام سشيف، وهو ديمقراطي من كاليفورنيا وعضو في لجنة العدل بمجلس النواب، وعلى اطلاع بما يدور وسط مستشاري أوباما «سيكون هناك اهتمام حول مسألة انشاء نظام قضائي جديد فوق الأراضي الاميركية. وإذا كان يختلف عن المحاكم الجنائية الاميركية فسيكون ذلك امراً صعباً». وسبق لأوباما أن قال إن المحاكم المدنية والعسكرية يمكن ان تشكل نظاماً قضائياً للتعامل مع الارهابيين. ويقول ترايب إن الادارة الجديدة ستنظر في جميع الخيارات قبل إيجاد نظام قضائي جديد. وعلى الرغم من المحاكم المختلطة (عسكرية ومدنية) لا تحظى بالقبول، فإن الخيارات المطروحة على إدارة أوباما المقبلة ستكون محدودة.

وعلى المستوى النظري، يمكن لادارة اوباما نقل نظام اللجنة العسكرية من معسكر غوانتانامو الى أحد السجون الاميركية، لكن ترايب وبعض المستشارين الآخرين يقولون إن هذه الفكرة محكوم عليها بالفشل، ذلك ان أداء اللجنة العسكرية كانت عرضة لانتقادات من طرف منظمات حقوق الانسان ومحامي الدفاع وحتى من بعض هيئات الادعاء العسكرية، الذين انسحب بعضهم احتجاجاً على خروق اللجنة العسكرية. وتوقع ترايب ان يتحرك اوباما سريعاً لحسم هذا الموضوع، وقال «فكرة ان لدينا اناساً يوجدون في الواقع داخل حفر سوداء هي بالتأكيد علامة سيئة ويجب ان تلغى». يُشار الى ان معسكر غوانتانامو كان انشئ في يناير (كانون الثاني) عام 2002 حيث استقبل اول معتقل في ذلك التاريخ. وظلت إدارة الرئيس بوش تعتبر المعتقل أداة فاعلة في «الحرب على الإرهاب». ومن وجهة نظرهم، ان هذه الوسيلة تتيح احتجاز مشتبه بهم من غير المواطنين الأميركيين واستنطاقهم، لمدة غير محددة إذا اقتضى الأمر، في منطقة خاضعة للسيطرة الأميركية، لكنها خارج نطاق صلاحية المحاكم الأميركية. ويحظر قانون صدر حول كيفية التعامل مع المعتقلين في المعسكر، وهو قانون يحظر المعاملة القاسية أو التعذيب، لكنه يُبيح نهج أسلوب إكراهي خلال استنطاق المشتبه بهم، وهو الأسلوب الذي تقول الادارة الاميركية انه يُعتبر ضرورياً لمجمع معلومات مخابراتية. بيد ان منظمة «هيومان رايتس ووتش» تقول إن إدارة المعسكر عذبت كثيرين للحصول على معلومات.