مساعد الرئيس السوداني لـ«الشرق الأوسط»: الترابي يشبه أوكامبو في مواقفه

نافع علي نافع قال إن مذكرة مدعي المحكمة الجنائية الدولية تمت محاصرتها * مبارك يعمل مع الخرطوم لجعل الوحدة بين الشمال والجنوب جاذبة

TT

كشف مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع عن وجود تطورات جديدة في المسعى السياسي لضم حركات التمرد إلى الحوار واتفاق السلام في دارفور، وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة الرئيس مبارك للسودان كان مخططاً لها منذ فترة، موضحاً أن مبارك حريص على جعل الوحدة بين الشمال والجنوب جاذبة. وقال «إن وجهات نظر مصر والسودان متطابقة في هذا الشأن، إضافة للعمل على تطوير وتنشيط العلاقات الثنائية بين البلدين». وفي حوار مع «الشرق الأوسط» أشاد نافع بالموقف العربي والأفريقي في احتواء تداعيات الآثار السلبية التي أحدثتها التدخلات الخارجية في ملف دارفور، وطالب الإدارة الأميركية الجديدة والرئيس المنتخب باراك اوباما بالتعامل مع السودان على أساس «المصالح المشتركة وليس إستراتيجية تغيير النظام»، لكنه قال في ذات الوقت إنه تم محاصرة مذكرة أوكامبو، وأشار إلى «إن موقف المؤتمر الشعبي الذي يرأسه الدكتور حسن الترابي يتشابه مع مذكرة أوكامبو التي تسعى لاستهداف النظام»، وقال ان المؤتمر الشعبي يريد تغيير النظام حتى ولو كان عبر أوكامبو، ورغم ذلك أكد أن الدعوة وجهت الى الترابي عدة مرات للمشاركة في الحوار، واشار الى احتمال ان يطرأ «تحول» على موقف الترابي من المشاركة في أي لحظة ويعود الى المشاركة. واشار نافع الى وجود مخططات خارجية لتقسيم السودان لخمس دويلات اذا انفصل الجنوب عبر الاستفتاء المقرر عام 2011 لكنه قال انه مخطط محكوم عليه بالفشل.

وفيما يلي نص الحوار الذي اجرته «الشرق الأوسط» في القاهرة:

* ما هي أسباب الزيارة المفاجئة للرئيس مبارك إلى الخرطوم وجوبا؟ ـ زيارة الرئيس مبارك للسودان كان متفقاً عليها منذ فترة، وهي تأتي في إطار التنسيق والتشاور بين قيادتي البلدين، وقد أجرى الرئيس مبارك مشاورات مع الرئيس البشير وامتدت إلى جوبا حيث التقى مع الفريق سلفا كير النائب الأول للرئيس.. وهذا يعكس الاهتمام باتفاقية السلام الشامل وإعطاءَه المزيد من القوة لجعل الوحدة السودانية جاذبة ولدعم أطر السلام في دارفور، إضافة إلى الاتفاق على تطوير العلاقات الثنائية والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك في المنطقة العربية.

* إلى أين وصلت مبادرة أهل السودان ومتى تعلن توصيات كنانة؟ ـ التوصيات لم تصدر بعد وكل الذي تم في الكنانة حوار حول مبادرة أهل السودان، وسيتم تجميع كل المواقف بواسطة الدكتور الطيب حياتية من معهد السلام بجامعة السودان، وسوف يعلن عن التوصيات خلال الأيام القليلة المقبلة، وقد ركزت المبادرة على سبعة محاور لمعالجة قضية دارفور والتي تتمثل في الأمن والمصالحات الاجتماعية والتنمية والخدمات والإعلام والحلول السياسية واللاجئين والنازحين والعودة الطوعية.

* هل سيتم وضع توصيات مبادرة أهل السودان أمام الاجتماع الوزاري العربي الأفريقي المشترك المقرر انعقاده برئاسة قطر في الدوحة؟ ـ مبادرة أهل السودان تعد خريطة طريق للسلام في السودان وستكون جزءا من المطروح خلال أعمال مؤتمر الدوحة الذي سيركز في اجتماعه الأول على ترتيبات وأولويات ملف السلام في السودان.

* هل تراجع الدور القطري فيما يتعلق بقضية دارفور خاصة في ظل الحديث حول حساسية الأدوار في هذا الملف الذي بذلت فيه كل من مصر وليبيا جهوداً كبيرة؟ ـ من المبكر الحديث عن تراجع الدور القطري لأنه لم ينطلق بعد بالمعنى المتفق عليه كما أن المبادرة العربية أصبحت مبادرة عربية أفريقية بعد انضمام عدد من الدول الأفريقية إليها وقد تحركت الرئاسة الثلاثية لهذه اللجنة في اتجاه إجراء اتصالات مع الدول المؤثرة ودول الجوار وبالتالي يمكن القول بأن اللجنة التي تشرف عليها قطر قامت بعمل نشط وكبير ولا يوجد مجال للتشكيك فيها ولا يوجد صراع على الأدوار ولا يوجد شيء من هذا واضح خاصة أن المبادرة تشارك فيها مصر وليبيا واريتريا وسوف تساهم فيها السعودية وسورية لأن كل هذه الدول هدفها تحقيق السلام في السودان وتسريع الحل في دارفور.

* ما هي نتائج الاتصالات مع حركات التمرد للانخراط في عملية السلام؟ ـ أولا نحن نرحب بمشاركة خليل إبراهيم وحركة العدل والمساواة في حوار الدولة باعتبار أن الحوار خيارنا الأفضل للحل، وكذلك الإشارات الايجابية التي ظهرت من عبد الواحد نور ونأمل أن تتواصل الجهود في تشجيعه للمشاركة في مؤتمر الدوحة وكل هذا نعتبره مؤشرات ايجابية.

* ما هي الإشارات الايجابية التي خرجت من عبد الواحد نور من وجهة نظركم؟ ـ عبد الواحد نور تحدث بلهجة أقل حدة من ذي قبل وأبدى الاستعداد للمشاركة في الحوار وأعتقد أن هذه إشارات ايجابية ولو ساهمت كل الحركات في التفاوض سيكون هناك فرصة للنجاح.

* ماذا بشأن تطورات الموقف من مذكرة اوكامبو.. هل توارى هذا الموضوع؟ ـ مذكرة اوكامبو تمت محاصرتها تماما ليس من السودان فحسب وإنما من كل دول العالم الثالث من منطلق رفض المساس بسيادة الدول وأن هذه المذكرة سياسية، والتأكيد على أن مذكرة اوكامبو ليس لها صلة بموضوع دارفور أو تحقيق العدالة وإنما فرضها جاء سياسيا لأهداف وأجندات ليس من بينها السلام في السودان.

* ما هي الاولويات الان بعد ان تحل قضية دارفور؟

ـ سنعمل لجعل الوحدة جاذبة بين الشمال والجنوب، حفاظا على وحدة البلاد حتى لا يتعرض للتقسيم وفقاً لأجندات خارجية، وذلك ببناء جسور قوية من الثقة والعلاقات بين الاحزاب والحركة الشعبية لقيام برنامج سياسي شامل يقوم على توطيد الوحدة الوطنية. وكذلك التعاون في مجال التنفيذ الرسمي للاتفاقيات ودعم مجهودات حكومة الجنوب في أن تعطي مزيدا من الاهتمام للتنمية والخدمات عبر الخزينة المركزية وإعطاء الأولوية لقروض الأعمار والتنمية في الجنوب، ونحن لدينا روشتة كاملة لحماية السودان من أي تقسيم ولكنني أريد توضيح أمرا مهما وهو لا قدر الله وانفصل الجنوب.. فهذا يعنى تقسيم السودان إلى خمس دول وقد يكون ذلك برنامج دول أجنبية بعينها.. لكنه برنامج سيُهزم بإذن الله.

* الدكتور حسن الترابي أعلن مقاطعة الحوار ماذا يريد؟ ـ موقف المؤتمر الشعبي المعارض لمبادرة أهل السودان وجد الاستنكار من كل القوى السياسية لأنه لم يُؤَسَسْ على شيء وحتى الإدعاء الذي قام عليه بأنه لم توجه له الدعوة هذا غير صحيح لأن الدعوة وجهت له أكثر من مرة وبأكثر من صورة ولذلك أعتقد أن موقف المؤتمر الشعبي معزول واليوم يلمح الدكتور الترابي إلى أن حزبه سوف يشارك في مراحل أخرى للحوار، وربما في الحوار الدارفوري.. ولكن كل هذا لا يؤثر على التفاف القوى السياسية حول المبادرة والآراء التي تشذ عن الإجماع الوطني سواء في قضية دارفور أو في موقف المؤتمر الشعبي من المحكمة الجنائية الذي وصل تقريبا إلى التشابه مع موقف المدعي العام اوكامبو. وهذا يزيد من عزلة المؤتمر الشعبي ويكشف كثيرا عن عدم الواقعية في مواقفه ورغبته في إسقاط النظام ولو على أيدي اوكامبو.

* بوصفك كنت رئيسا للوفد المفاوض مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي.. إلى أي مدى ترون مستقبل العلاقة مع واشنطن؟ ـ لدينا رغبة حقيقية لتطبيع العلاقات مع أميركا ونحن لا نرى مبرراً لموقف الولايات المتحدة من السودان وأبدينا رغبتنا في التعاون في كل المجالات.. حتى في المجال الاقتصادي لكن يبدو أن الإستراتيجية التي كانت تقوم على أن النظام في السودان لا يقاد كما تريد أميركا وهو يرفض التبعية وبالتالي كانت تعمل على تغيير هذا النظام.. لكن نحن نرحب بإستراتيجية التعاون.

* ما هي العقبة في تطبيع العلاقات بين واشنطن والخرطوم؟ ـ انقسام إدارة بوش في التعامل مع السودان وتقع تحت تأثير قوي للوبيات معروفة بتطرفها نحو السودان والتي تطمع في أن تحمل الإدارة الأميركية على المزيد من الضغوط التي تقود في نهاية المطاف إلى تغيير النظام ولكن في النهاية أعتقد أن الفشل المتوالي لهذه الإستراتيجية الأميركية في السودان والعراق ومناطق في الشرق الأوسط قد تكون دافعاً للإدارة الأميركية الجديدة أن تغير هذا المنهج في التعامل مع العالم وان تميل إلى منهج التعاون والاحترام المتبادل.

* ماذا تطلب من الإدارة الأميركية الجديدة؟ ـ أطلب منها أن تحرر نفسها من اللوبيات المحدودة الغرض والتي ترتبط بمصالح ليست هي بالضرورة مصالح اميركا واعتقد أن هناك قاعدة واسعة في الشعب الأميركي مع هذا التحرر حتى تستعيد أميركا موقعها في علاقاتها مع العالم العربي والأفريقي وأقول للإدارة الجديدة إن السودان بلد لن يفرط في سيادته وانه مستعد للتعاون على أساس المصالح المشتركة المؤسسة على الاحترام المتبادل.

* هل أنت متفائل بإبرام اتفاق سلام في ملف دارفور خلال هذا العام ؟ ـ نعم، وأحد أسباب التفاؤل أن أهل دارفور تعبوا من التمرد واقتنعوا تماما أن هذه الحركات ليست هي بالضرورة لتحقيق أهدافهم وجزء منها مرتبط سياسيا بأحزاب وجزء مرتبط بحركات تدعي وتعمل لتغيير السودان في مضمونه وشكله وثقافته وهذا ليس همّ دارفور، وأعتقد أن حركات التمرد هي سبب أساسي في تعطيل التنمية والخدمات ولأهل دارفور شواهد كثيرة منها أن الخدمات الموجودة تضررت بسبب الحرب والنزوح وهذا الرأي العام القوي جدا في دارفور كان له دور في عودة اللاجئين إلى قراهم وإضافة لذلك الدعم القوى من الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي للوصول إلى حل سياسي يحقق السلام في دارفور والسودان.

* ما هي الخلاصة التى خرجت بها من خلال مشاركتكم في الندة الدولية المشاركة السياسية في عالم متغيير في تونس؟ ـ اعتقد ان الدرس الاساسى هو ان انماط الممارسة السياسية قد اتسعت جدا وانه لا سبيل لتحجيمها وذكرت بان الاعلام اصبح وسيلة من وسائل المشاركة السياسية في منظمات المجتمع المدني وحتى الاحزاب السياسية اصبحت كثيرة جدا في كل انحاء العالم وفي السودان لدينا حوالي 64 حزبا وهذا التوسع يخلق الكثير من التحديات كما ذكرت.

* هل توسيع المشاركة السياسية يساعد في حل التحديات الكثيرة التي يعاني منها العالم العربي؟ ـ بالتأكيد وتوسيع المشاركة يعد ايجابي جدا لانها وسيلة للتنفيس ويجب الا نقلل من شأنها واذا كانت هناك سلبية من المشاركة المتعددة فهى تكمن في وسائل الاختراق الديمقراطي فانا اعتقد ان هذا تحد كبير لانه في طبيعة العلاقات الاقليمية والدولية دائما كل دولة تخدم مصالحها، وكثير من الدول الغربية تعتقد ان مصالحها لن تتحقق الا اذا كانت هناك انظمة ترتبط بها وجدانيا وفكريا.

* ماذا تقصد بالاختراق الديمقراطي؟ ـ ان الدول الغربية الغنية سوف تستغل عددا من هذه الواجهات لتكون في خدمة خطها السياسي وتمكن من خلاله لوصول الحكم الى كيانات سياسية تعتقد انها مقدور عليها ويمكن ان توجهه وتبعد من خلالها القوى التي تراها متمردة على هذه الهيمنة الغربية وهذا هو التحدي الكبير والذي يتطلب التوعية للشعب ومن حديث للمحافظة على المصالح والثوابت العليا وحمل كل القوى السياسية على احترام هذه الثوابت.